*يقلم/ عبد الكريم ناصري
في مشهد يحسد عمق الانتماء الوطني والتشبث بالثوابت الراسخة للمملكة، التأمت كوكبة من القيادات الوطنية البارزة لحزب الحركة الشعبية، في زيارة روحانية إلى ضريح المولى علي الشريف، الجد المؤسس للدولة العلوية الشريفة، حيث تلاقت رمزية الوفاء بتاريخ عريق من النضال والتضحية من أجل الوطن.

وضمت هذه الزيارة التاريخية وجوهاً من طينة الكبار، ممن ساهموا ولا يزالون في صيانة ذاكرة الحزب ومبادئه النبيلة، على رأسهم الأمين العام للحزب، محمد أوزين، الذي أثبت خلال مسيرته السياسية حنكةً قيادية ومواقف وطنية مشهودة، والزعيم الحكيم محند لعنصر، الذي رسّخ بثباته ورؤيته المتبصرة مكانة الحزب في مختلف المحطات الوطنية، إلى جانب السيدة المناضلة لالة حليمة عسالي، التي تميزت بحضورها القوي ودفاعها المستميت عن قضايا الوطن والمواطنين، بالإضافة إلى حضور القيادي البارز للوجه الصحراوي سيدي الجماني، لم يكن مجرد تمثيل رمزي، بل هو تعبير عن دينامية سياسية حقيقية يشهدها حزب الحركة الشعبية في الأقاليم الجنوبية، حيث نجح في ترسيخ نفسه كقوة تنظيمية وشعبية، تؤمن بالوحدة الوطنية وتشتغل ميدانيًا لخدمة المواطن في الجهات الصحراوية. لقد ظل الجماني صوتًا وازنًا يعكس تطلعات ساكنة الجنوب، ومرآة لثقتهم في حزب وطني عريق، لم يخذلهم يومًا في قضايا التنمية، والمشاركة، والدفاع عن مغربية الصحراء في كل المحافل.
إضافة إلى ثلة من الوجوه السياسية المخلصة والتي تبعث راسلت مفادها أن البيت الحركي بخير وملتئم، هذه القيادة شكلت ولا تزال صمام أمان للحزب وركيزة لتوازنه واستمراريته.
فإن هذه الزيارة، بما حملته من رمزية، لم تكن مجرد لحظة بروتوكولية، بل شكلت لوحة وطنية جامعة، تُجسد وحدة الصف الحركي، وتُبرز التلاحم بين مختلف مكوناته الجغرافية والفكرية، من جبال الأطلس إلى رمال العيون والداخلة، في صورة تعكس وحدة الوطن تحت لواء الملكية الدستورية.
إن حزب الحركة الشعبية، الذي تأسس في سياق وطني دقيق في خمسينيات القرن الماضي، لم يكن يوماً مجرد إطار سياسي عابر، بل كان ولا يزال امتداداً لحركة المقاومة وجيش التحرير، حاملاً شعلة الدفاع عن الهوية المغربية المتعددة، والناطق باسم العالم القروي، والمدافع الأول عن قيم التعددية والعدالة المجالية والإنصاف الاجتماعي.

لقد استطاع الحزب عبر عقود أن يواكب التحولات الوطنية الكبرى، تارة من موقع المشاركة الفاعلة في تدبير الشأن العام، وتارة أخرى من موقع النقد البناء والمعارضة المسؤولة، دون أن يحيد عن خطه الوطني أو يتخلى عن ثوابته. فكان بذلك مدرسة حقيقية في الالتزام الديمقراطي والنضال المتزن، حاضنًا لأجيال من القيادات التي شكلت ملامح المشهد السياسي المغربي.
وها هو اليوم، يستحضر تاريخ التأسيس والنضال، ويعيد التأكيد على ثوابته الوطنية، وعلى انخراطه المستمر في معركة البناء التنموي، في ظل القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله، حاملاً مشروعاً مجتمعياً يقوم على القرب من هموم المواطن، وعلى الدفاع عن كرامته وحقوقه، وعلى تبني رؤية شاملة للتنمية الشاملة والمستدامة.
إن تلاحم قياداته، كما عكسته هذه الزيارة الرمزية، يشكل رسالة بليغة لكل من يراهن على تفرقة الصفوف أو التشويش على مسار الحزب، مفادها أن الحركة الشعبية باقية كقوة اقتراحية، ورافعة تنموية، وجدار حصين ضد كل محاولات زعزعة الاستقرار أو المس بمكتسبات الوطن.

حفظ الله رموز هذه الأرض الطيبة، وجعل من نبل نواياهم وصدق التزامهم معيناً لا ينضب في خدمة الصالح العام، وبارك خطواتهم وهم يعيدون صياغة الحلم المغربي على أسس العدل والكرامة والتنمية.
*(عضو المجلس الوطني)