أنشطة حزبيةبلاغات حزبية

في بيان الداخلة.. حزب الحركة الشعبية يجدد انخراطه الفعال والمطلق في الرؤية التنموية والاستراتيجية التي يقودها جلالة الملك محمد السادس

يدعو الحكومة إلى إعادة النظر في برنامجها وهيكلتها وحكامتها لتواكب التحديات

في إطار تنزيل أفقه التنظيمي والسياسي الجديد والمتجدد، وعلى ضوء الدينامية المجالية المعتمدة منذ مؤتمره الوطني الرابع عشر، عقد حزب الحركة الشعبية الدورة الثانية لمجلسه الوطني بمدينة الداخلة العزيزة يومه السبت 23 دجنبر 2023 تحت شعار: الصحراء المغربية..من مسيرة الوفاء إلى مسيرة النماء

وقد خصصت هذه الدورة المتميزة للتداول في أهم المستجدات الوطنية دبلوماسيا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، وكذا لتقييم مسار الأفق الهيكلي والسياسي للحزب. ويأتي تنظيم هذه الدورة بهذا الجزء الغالي من وطننا العزيز، كبادرة غير مسبوقة في المشهد السياسي والحزبي الوطني، ترسيخا للمواقف الوطنية والتاريخية للحركة الشعبية أتجاه قضايا الوطن وفي صدارتها قضية الوحدة الوطنية والترابية الراسخة برباط البيعة المقدس بين العرش والشعب، وبالوفاء الدائم  لقسم وروح المسيرة الخضراء الخالدة،  وبالروابط التاريخية والثقافية الثابتة، وبالشرعية القانونية، كما يأتي هذا الاختيار في إطار منهجية الحزب التواصلية المبنية على الخروج من دائرة المركزية في ممارسة العمل السياسي وتفعيل الفلسفة الجهوية والإطار المجالي لصناعة مواقفه وتوجهاته واتخاد قراراته، وذلك  على ضوء انخراطه التاريخي الموصول في دعم خيار الجهوية المتقدمة في إطار وحدة الوطن والتراب.

ثالت المرتكزات في هذا الاختيار النوعي والتاريخي هو تأكيد الحزب مجددا على انخراطه المطلق في الأفق التنموي والاستراتيجي الذي يؤسس له صاحب الجلالة والمهابة الملك محمد السادس نصره الله وأيده للرقي بمستقبل الأقاليم الجنوبية للمملكة وجعلها قاطرة لإفريقيا الجديدة ومركز جذب للاستثمارات العالمية.

وفي هذا السياق وبعد التدوال في نقط جدول أعمال هذه الدورة بحمولاتها الرمزية والسياسية، والتي تخللتها كلمات القيادة الحزبية جهويا ووطنيا، ومناقشة ثلاث عروض همت مستجدات ملف وحدتنا الترابية، وأفاق النموذج التنموي الجديد بالأقاليم الجنوبية للمملكة، وتدارس الأفق التنظيمي والسياسي الجديد لحزب الحركة الشعبية، فظلا عن تكريم شخصيات ورموز وطنية وحركية، خلصت الدورة إلى تأكيد ما يلي:

 أولا: يعلن حزب الحركة الشعبية مجددا من مدينة الداخلة انخراطه الفعال والمطلق في الرؤية التنموية والاستراتيجية التي يقودها جلالة الملك محمد السادس نصره الله لتنمية الأقاليم الجنوبية في إطار مغرب النموذج التنموي الجديد وترسيخ مكانة المملكة المغربية كرائد لأفريقيا الوحدة والتنمية، وشريك استراتيجي في العالم الجديد.

في هذا السياق، ومن باب العرفان والامتنان لرجالات ونساء هذا الوطن العزيز الذين يسهرون على حماية أمنه واستقراره ووحدته، لا يسع حزب الحركة الشعبية إلا ان يقف مرة أخرى  وقفة إجلال وإكبار لأفراد قواتنا المسلحة الملكية والدرك الملكي والأمن الوطني والوقاية المدنية والإدارة الترابية بمختلف مكوناتها، تحت قيادة القائد الأعلى رئيس أركان الحرب العامة صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.

وهي مناسبة كذلك لتقديم تحية وطنية صادقة لكافة أبناء وساكنة المناطق الجنوبية بالمملكة على روحهم الوحدوية وعمقهم الوطني الصادق والأصيل، موجهين كذلك مرة أخرى نداءنا لإخواننا الصحراويين المغاربة المحتجزين بتندوف للإلتحاق بالمسار الوحدوي والتنموي الذي تعرفه الصحراء المغربية.

وبنفس روح الاعتزاز والفخر، فإن حزب الحركة الشعبية يعبر عن إشادته بما تحققه الدبلوماسية المغربية بفضل تبصر وحكمة صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله  من انتصارات حاسمة في المحافل الدولية والقارية دفاعا عن قضيتنا الأولى، والتي حشرت  أعداء وحدتنا الترابية في زاوية مغلقة ، وذلك على ضوء  المبادرة المغربية للحكم الذاتي  في إطار سيادة المملكة المغربية على كافة أراضيها، وهي المبادرة التي حشدت تأييد مجمل الدول الإفريقية وبالأمم المتحدة، والراسخة بإجماع  وطني،  وأفق استراتيجي وحدوي حاسم لا مكان فيه لوهم الانفصال المزعوم .

كما يعبر الحزب عن تحية تقدير لكل الدول الصديقة والشقيقة التي أقدمت على فتح قنصلياتنا وتمثيلياتها الدبلوماسية بأقاليمنا الجنوبية العزيزة، معبرا عن مباركته للزيارة التاريخية لجلالة الملك حفظه الله إلى دولة الإمارات العربية المتحدة والتي توجت بترسيخ التعاون الاستراتيجي والتنموي بين البلدين، وذات التقدير موجه لكافة أعضاء منظمة التعاون الخليجي على دعمها الموصول والاكيد للوحدة الترابية للمملكة المغربية وانخراطها في هذا التعاون الاستراتيجي المشترك.

دورة المجلس الوطني  هي  كذلك مناسبة جدد من خلالها حزب الحركة الشعبية انخراطه المطلق والموصول في الرؤية الاستراتيجية لجلالة الملك محمد السادس نصره الله لبناء نموذج تنموي لإفريقيا الأطلسية والذي تشكل فيه أقاليمنا الجنوبية محورا أساسيا  بنموذجها التنموي الجهوي الرائد، وبعمقها الإفريقي ورهاناتها التنموية لخلق تكتل اقتصادي قوي، معتبرا أن هذه   الرؤية  الملكية الاستراتيجية هي  رسالة قوية أخرى  تخرج النزاع المفتعل حول أقاليمنا الجنوبية من سقفه السياسوي المتجاوز نحو ديناميات تنموية  ترسخ مكانة الريادة للمملكة المغربية في بناء إفريقيا الجديدة ، إفريقيا الوحدة والتنمية ، إفريقيا لا مكان فيها لأنظمة شمولية تعيش على ريع الإرهاب الغاشم والانفصال البائد.

ثانيا: وهي تقدر حجم الديناميات التنموية والرهانات الكبرى القارية والعالمية التي ستنخرط فيها بلادنا بفضل الرؤية الملكية الاستراتيجية فإن الحركة الشعبية تدعو الحكومة إلى إعادة النظر في برنامجها وهيكلتها وحكامتها لتواكب هذه التحديات.

في هذا السياق وهو يأخذ بعين الاعتبار  طبيعة الأوراش الكبرى التي تقبل عليها بلادنا من خلال الجهود الجبارة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده والمتوجة باستقطاب استثمارات ضخمة عبر شركات مبتكرة وناجعة، وعلى ضوء احتضان بلادنا في السنوات القليلة المقبلة لتظاهرات رياضية كبيرة من حجم كأس إفريقيا وكأس العالم لكرة القدم بما يرتبط بها من برامج تنموية أفقية وقطاعية ، واستحضارا منه للنموذج التنموي الجديد الذي لازال مغيبا في الأجندة الحكومية وفي أدائها،  فإن حزب الحركة الشعبية ومن موقع مسؤوليته الوطنية كمكون أساسي في المعارضة الوطنية البناءة ينبه الحكومة إلى ضرورة  إعادة النظر في برنامجها الحكومي المتجاوز جراء هذه المستجدات المذكورة خاصة ونحن مقبلون بعد أشهر قليلة على محطة دستورية لتقييم حصيلتها، كما تتطلب هذه الاستحقاقات إعادة القراءة في رؤيتها الاقتصادية العاجزة عن الخروج بالاقتصاد الوطني من هشاشته المزمنة بمؤشراته المحدودة جدا، ومن مقارباتها  المحاسبية الفاقدة لرؤية تنموية مؤطرة بمنظور سياسي قادر على الملاءمة بين خيار المحافظة على التوازنات الماكرواقتصادية وواجب تحصين التوازنات الاجتماعية،  وبناء نماذج تنموية جهوية على غرار النموذج التنموي الجهوي لأقاليمنا الجنوبية الذي أثبت نجاحه ونجاعته.

كما يدعو الحزب الحكومة إلى مراجعة سياستها الفلاحية الثي أثبتت محدودية نتائجها في بناء الأمن الغذائي بأقل تكلفة خاصة في ظل تركيزها على الزراعات المستنزفة لما تبقى من للثروة المائية المحدودة أصلا، وفي ظل استثمارات مالية ضخمة دون انعكاس على واقع الفلاح ولا المنتوج ولا على أسعار المواد الغذائية الأساسية.

واعتبارا لخيار الجهوية المتقدمة كفلسفة تنموية تعيد النظر في بنية الدولة والمجتمع فإن الحركة الشعبية تؤكد مجددا على ضرورة تعزيز المجهودات لتنزيل هذا الخيار الدستوري الاستراتيجي في جيله الثاني بعد التأسيس من خلال  تعزيز دور الجماعات الترابية في ممارسة اإختصاصاتها  الذاتية ، واعتماد المؤشر التنموي البشري والمجالي في رصد ميزانياتها، وإعادة النظر في النظام الجبائي وفق الخصوصيات الجهوية كمدخل جوهري لتحقيق العدالة المجالية والاجتماعية والجهوية.

كما يعيد الحزب دعوته إلى الخروج من المقاربة القطاعية في مجال تأهيل وتنمية المناطق القروية والجبلية وذلك في أفق بناء مخطط تنموي مندمج تترجمه سياسة عامة وعمومية متناغمة مؤطرة بتشريعات وآلية مؤسساتية تجمع شتات الصناديق والحسابات الخصوصية الموزعة على العديد من القطاعات والمؤسسات.

ثالثا: يجدد الحزب انخراطه الفعال والمطلق في الأهداف النبيلة لورش الحماية الاجتماعية ويؤكد أن الحكومة مساءلة عن التنزيل ومسؤولة عن تبعات هذا التنزيل.

في هذا المجال يجدد حزب الحركة الشعبية التأكيد على انخراطه الموصول في الورش الملكي الاجتماعي الكبير المتعلق بالحماية الاجتماعية الذي سيغير من البنية الاجتماعية لبلدنا، متطلعا إلى حرص الحكومة على مواصلة تنزيله وفق الجدولة الزمنية المحددة والمسطرة سلفا، لتنزيل هذا الورش المجتمعي الذي أسست له بلادنا على مدى أزيد من عشرين سنة عبر مسار طويل من المبادرات الاجتماعية والمؤسساتية، وعبر مسار تشريعي وتنظيمي ممتد منذ سنوات، وصولا إلى خيار تنزيل المكونات الاربع لهذا الخيار الاستراتيجي.

وصلة بما سبق يعتبر الحزب ان رهان نجاح تنزيل هذا الورش  وضمان استدامة تمويله يتطلبان اعتماد  حكامة مؤسساتية وقطاعية  ومجالية ناجعة وفعالة  .

رابعا: من موقعه الوطني المسؤول يدعو حزب الحركة الشعبية كافة الأطراف المعنية إلى العمل على ترسيخ السلم التربوي والاجتماعي في قطاع التعليم واعتماد حوار مؤسساتي موسع لمعالجة أسباب الاحتقان القائم في هذا القطاع الاستراتيجي.

في ظل ما تعرفه منظومة التربية والتكوين من احتقان وانسداد أفق الإصلاح  جراء عجز الحكومة وشركائها الاجتماعيين في تدبير هذا الواقع المؤسف ، ومن موقع  مرجعيته الوطنية الصادقة ، فإن الحزب  يدعو كل الأطراف المعنية إلى الانتصار للحكمة  بغية ترسيخ الأمن التربوي والاجتماعي في هذا القطاع  الذي يرهن مستقبل الأجيال والوطن ،  وذلك من خلال حوار مؤسساتي وطني موسع لإنتاج حلول تنصف الهيئة التعليمية في مطالبها المشروعة وتعيد التلاميذ إلى مدارسهم،

وفي نفس  الإطار أن المدخل الأساسي لحل هذا الاحتقان هو  المبادرة إلى إصلاحات جوهرية تعيد النظر في قانون النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية،  وإصلاح شامل لمنظومة الأجور  ومراجعة عامة للضريبة على الدخل المقرونة بزيادة عامة في أجور الموظفين والأجراء  ،والعمل  لابداع حلول جماعية لمستقبل صناديق التقاعد بعيدا عن جيوب المنخرطين .

خامسا: بخصوص السياسة الثقافية يسجل الحزب تخلف الحكومة عن مسار تنزيل أحكام الدستور وجعل الهوية الوطنية بوحدتها المتنوعة مركزا سياساتها العمومية.

في هذا الإطار يسجل الحزب عجزا بنيويا وسياسيا للحكومة في تنزيل أحكام الفصل الخامس من الدستور، فالأمازيغية لازالت بعيدة عن  الترسيم الفعلي  والإدماج الايجابي جراء استكانة الحكومة لمقاربة مالية وإدارية  ضيقة ،  كما أن الثقافة الحسانية لم تأخذ إلى حد الأن ما تستحقه من عناية باعتبارها تعبيرا ثقافيا وهوية ثقافية مجالية متجدرة في عمق الهوية الوطنية،  وقس ذلك على غياب باقي التعابير اللغوية والثقافية.

ختاما،  أذ يجدد المجلس الوطني الاشادة بنجاح هذه الدورة المتميزة وبهذا الخيار الجهوي في صناعة قرارات وإشعاع الحزب فإنه  يوصي بمواصلة هذه المنهجية الجهوية في عقد دوراته، وكذا مواصلة اللقاءات الجهوية الدورية لرئاسة المجلس ورئاسة الحزب وأمانته العامة مع أعضاء المجلس الوطني بمختلف جهات المملكة.   ويوصي المجلس كذلك بتعجيل أجرأة الدينامية التنظيمية والهيكلية للحزب التي أقرها المؤتمر الوطني الرابع عشر.  كما يثمن الجهود المتميزة لفريقي الحزب بالبرلمان والتي بوأت الحزب مكانة الصدارة في المعارضة الوطنية والمؤسساتية الصادقة والبناءة. مؤكدا على ظرورة التعبئة الجماعية لكافة الحركيات والحركيين لإنجاح  الهيكلة الحزبية في كل مستوياتها  تحضيرا لرهان إستعادة المكانة المتقدمة للحزب في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة  وتنزيل البديل الحركي  .

وفقنا الله جميعا لخدمة مصلحة الوطن والمواطنين تحت القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.

حرر بالداخلة يوم السبت 23 دجنبر 2023

عادل السباعي (رئيس المجلس الوطني لحزب الحركة الشعبية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى