أحلام مجهضة
محمد مشهوري
بعيدا عن التشفي، يمكن القول أن المواطن العربي "أخد بومبة" كما يقول أشقاؤنا في مصر الكنانة، لأنه صدق وهما سموه "الربيع العربي" منذ عامين، وترك كل المشاغل ليعتصم في الميادين، غير آبه بما يخطط في الكواليس من سيناريوهات هدفها الأول ضرب الاستقرار وتحطيم اقتصاديات هشة أصلا.
في تلك الأيام، غاب العقل والتحليل والاستغراب أيضا أمام "سقوط أنظمة عتيدة في رمشة عين"، وكأن "عصا سحرية" هي من قامت ب"التغيير الجذري" !
أول أمس، أطل الرئيس مرسي على شاشات التلفزيون للقيام ب "نقد ذاتي" في محاولة لتفادي "مفاجأة يوم الأحد 30 يوليوز"، لكنه سقط في لغة التهديد "زنكة..زنكة"، وقبله قالها أردوغان ( بالتركية) في تجمعات مع أنصاره في اسطنبول وأنقرة، وفي تونس يعيش الرئيس المرزوقي على إيقاع متواتر بقرب سحب المجلس التأسيسي الثقة منه، لكن فوق كل هذا وذاك لم يتساءل أحد عن وضع الاقتصاد الميت وعن معاناة المواطنين مع الظروف المعيشية الصعبة.
إلى أن يعود العقل العربي إلى الاشتغال، سيبقى المواطن في البلدان العربية أسيرا لخطابات التصنيفات والنعوت القدحية في حق المعارضين " فلول، بلطجية…"، في حين تظل البرامج الاقتصادية والاجتماعية في حكم ركن المتغيبين.
لنقلها بصراحة: لقد أجهضت أحلام الشباب العربي في التغيير المنشود، فبحكم قلة تجربته و فورة حماسه، سمح لتجار السياسة بالقفز على وقفاته في الميادين واستغلال مآسي من أحرقوا أنفسهم.
كذبوا على القتلى بصفة "شهيد" ولا زالوا يمنون من تبقى من شباب الأمة ب"الشهادة" في ساحات "الجهاد".
هي فوضى، ولم تكن الفوضى أبدا "خلاقة".
