“مالتوس العربي” !
مع تزايد الوتيرة اليومية لسقوط ضحايا الاقتتال بين السوريين، لم يعد يهم من سينتصر في نهاية المطاف، فليس في الأفق ثمة رائحة للانتصار، بل خسارة فادحة يدفع ثمنها الشعب السوري من أرواح أبنائه ومن اقتصاده المتوقف وبنياته التحتية المدمرة.
لقد مرت أزيد من سنة ونصف على دخول العالم العربي "ربيعه"، حيث سقطت أنظمة وحلت مكانها مشاريع أنظمة محكومة ب"الفوضى الخلاقة"، لكن على امتداد هذه الفترة الزمنية، شلت حركة الاقتصاد وكف العقل العربي عن التفكير، وأصبح مشدوها على مدار الساعة إلى فضائيات "تصنع "الخبر و"تقرر" في مصير البلدان، غير آبهة بسقوط الضحايا الأبرياء، لأن مهمة الإثارة والشحن سلبت أصحاب هذه الفضائيات أدنى درة إحساس إنساني.
إن ما تشهده سوريا الآن، وما عرفه اليمن وليبيا( في هذه الأخيرة لم تضع الحرب القبلية بعد أوزارها)، لمؤشر حقيقي على حرب إبادة تستهدف الشعوب العربية، عملا بنظرية مالتوس في الاقتصاد القائمة على ضرورة محاربة التكاثر السكاني لكي تعيش فئات معينة من الناس، وهو ما يتطلب وقوع كوارث طبيعية وحروب.
ومن المفارقات التي تدعو إلى العجب وتؤكد في الوقت نفسه وجود "مالتوس عربي"، هو ذلكم السخاء في التسليح العسكري والتجييش الإعلامي، مقابل شح في البدل من أجل إطعام الجائعين ومداواة المرضى.
محمد مشهوري