الأخبار

لزوم غاية واحدة.. لمغرب بأصوات متعددة

محمد مشهوري

مساء أول أمس، لم يكن الفضول الصحفي وحده دافعي ل"إحياء صلة الرحم" مع شباب 20 فبراير، بل أيضا تلكم الرغبة الملحة في ملامسة التحولات اليومية للمجتمع والهاجس السوسيولوجي الذين لم يبارحا قراءتي للأشياء منذ كراسي الجامعة.
وبعيدا عن أي موقف سياسي معين، يبقى الحراك المجتمعي ظاهرة صحية وغير مزعجة البتة، لأن الذي يزعج هو ذلك السكون الذي يكتسي طابع "التقية". نعم قد يسجل الاختلاف مع طبيعة بعض الشعارات المغرقة في التطرف، حتى وإن كانت تلك الشعارات تعبيرا عن "حماس زائد" ومحاولة لتقليد تجارب ليست من طينة التربة المغربية المتميزة والمشكلة للاستثناء، فضلا عن كونها تعكس نقصا في الإبداع وعجزا عن مواكبة مغرب يتقدم ويتجاوز بكثير مجتمعات مجاورة.
ليس إذن ثمة شك في أن كل أنواع الاحتجاج لا تبعث على الخوف، ما دامت تتم في أجواء سلمية مع مراعاة الأمن العام وعدم سقوطها في المطبات والمنزلقات. الخوف الحقيقي هو من هيمنة الصوت الوحيد والرأي الوحيد الزاعم لامتلاك الحقيقة، في إغفال لخصوصيات المغرب كمجتمع مزيج تتعايش فيه، منذ أمد طويل، الآراء والعادات والمعتقدات، في الظل الوارف للنظام الملكي الضامن لحريات الأفراد والجماعات.
لا ضير إطلاقا في استمرار شبابنا في التعبير عن هواجسه وتطلعاته مهما بلغت من الطوباوية، فلا أحد منا ينكر عيشه لتجربة الرفض المطلق لكل شيء وفق المقولة المعروفة "من لم يكن في شبابه يسارياً، فلا قلب له،ومن يبقى يسارياً حين يكبر، فلا عقل له"، لذلك على العقلاء في المجتمع أن يتفهموا مطالب أبنائنا وبناتنا، لأن قدرنا المقدر، وهو من النعم، أن نبقى بلدا للأصوات المتعددة الذي لا يحق فيه لأي كان امتلاك الحقيقة، لأن الحقيقة التي يجب أن تحكمنا جميعا هي الوطن، فهو أسمى الغايات وملتقى كل الأصوات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى