الأخبار

النزال النبيل نقيض “ضربني وبكى.. سبقني وشكى” !

ليس عندي أدنى فكرة عمن أطلق على الملاكمة "الرياضة النبيلة" على الرغم مما يكتنف حلباتها من شراسة وإسالة للدماء وتشويه لملامح وجه الخصم، لكن العارفين بهذا النوع الرياضي يتبنون النعت المذكور مبررين ذلك بخضوع المتنازلين لقواعد "نبل" تمنع الضرب تحت الحزام، ولذلك ينتهي النزال، مهما كانت الخسائر والكدمات، بالعناق.
كنت أتمنى أن يحذو بعض المشتغلين بالسياسة حذو الملاكمين ويحترموا قواعد اللعبة وأخلاقيات الحوار واعتماد عقل اللسان قبل النطق بأي كلام، لكنهم يصرون على أن تكون لهم الحظوة المطلقة في إطلاق الكلام على عواهنه، وفي غالب الأحيان بلغة تفتقر إلى أبجديات اللباقة والأدب، ويريدون مع ذلك أن يكتفي المنافس بتلقي الضربات في خنوع واستسلام.
السياسة يا سادة ليست "مسرحا فرديا" يحتكر فيه ممثل واحد الركح، ولكنها فن نبيل تتقاطع فيه الآراء في إطار منظومة متناسقة قاسمها المشترك احترام الآخرين والسماح لهم بالتواجد على الخشبة.
للأسف الشديد، لا زلنا بعيدين عن أداء هذه السمفونية بنغماتها المتعددة، لأن البعض لا يتقن سوى تسديد الضربات تحت الحزام ويريد للمتلقي أن يستسلم لهذه الضربات، وحين ترتفع عقيرة المتلقي بالرد والدفاع، يلجأ المهاجم إلى أسلوب "ضربني وبكي سبقني وشكى".

محمد مشهوري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى