العمود الثامن في الحاجة إلى العلوم الإنسانية
محمد مشهوري
بقدر ما أثار الحادث المفجع بمشرع بلقصيري الأم والأسى في نفوس كل المغاربة، بقدر ما يطرح إشكالا لا يقتصر على أسرة الأمن الوطني وحدها، بل يتسع ليشمل كل الإدارات والمقاولات والمجتمع بصفة عامة.
لقد قال وزير الصحة البروفيسور الحسين الوردي، ذات يوم تحت قبة البرلمان، بأن نصف المغاربة مرضى نفسانيون، وهو تصريح غير مبالغ فيه، على الرغم من غياب الإحصائيات الدقيقة في هذا الباب.
إن القلق، كأخف الأمراض النفسية، كاد أن يصبح ظاهرة جماعية، ولذلك تفسيرات من بينها التحولات المجتمعية المتسارعة وتبعات الأزمة الاقتصادية وما يتولد عنها من مشاكل اجتماعية ونفسية.
علينا أن ننظر إلى القمر عوض النظر إلى الأصبع الذي يشير إلى القمر، والاعتراف بالحاجة القصوى والمستعجلة إلى العلوم الإنسانية من علم نفس وعلم اجتماع، لمحاولة فهم ما يجري وما يقع. فالسياسة والتدبير الإداري ليسا كافيان للتعامل مع البشر.
ولنعترف أيضا أننا نؤدي ثمن القرارات المتخذة في الماضي، حين تم إغلاق معهد السوسيولوجيا، كما تمت محاربة الفلسفة وباقي العلوم الإنسانية في عهد المرحوم عز الدين العراقي.
ما وقع في مشرع بلقصيري أمر يحزننا، وما نعاينه من جرائم بشعة في حق الفروع والأصول يسائلنا بشدة. فهل سنكتفي بموقف المتفرج أم سنتحرك قبل استفحال الأمور؟