أوزين :مؤشرات التعليم جد مقلقة والحكومة تمتلك نظارات وردية “ترى بها مدينة فاضلة” لا يراها غيرها
الحركة الشعبية تؤسس "البديل الحركي لإصلاح منظومة التربية والتعليم"
من المؤسف أن يصبح تعليمنا مختبرا للتجارب الفاشلة
سلا/ صليحة بجراف
انعقد اليوم الأحد بقصر المؤتمرات أبي رقراق ــ سلا، المؤتمر التأسيسي للرابطة الحركية لأطر التربية والتعليم،تحت شعار “البديل الحركي لإصلاح منظومة التربية والتعليم”.
وفي هذا الصدد، خاطب محمد أوزين الأمين العام لحزب الحركة الشعبية أزيد من ألف مؤتمر ومؤتمرة، قائلا :”إن البديل الحركي لإصلاح منظومة التربية والتعليم، لن يصاغ ويتبلور إلا بكم وبمجهودكم وفكركم، لأنكم أنتم أهل العلم والمعرفة الأدرى بشعابهما”.
وتوقف أوزين في كلمة توجيهية بالمناسبة ،عند أزمة التعليم بالمملكة و التراجع الكبير للأدوار التي كانت تضطلع بها النقابات في سالف السنوات، قائلا :”شرعتم فعلا في تدشين البديل، بديل لا يصنفكم في خانة أصحاب المطالب الفئوية والخبزية (على الرغم من أهمية الخبز)، بل أعلنتم بصوت عال أنكم حملة مشروع بناء مستقبل أمة من خلال تنوير المجتمع وتحصينه بلقاح المعرفة”.
وتابع أوزين مردفا:”أمامكم تحديات كبرى لاسيما وأن مؤشرات مقلقة في جميع الميادين يؤكدها الواقع، لكن على ما يبدو الحكومة، تمتلك نظارات وردية “ترى بها مدينة فاضلة، لا يراها غيرها.
وبعد أن اعتبر أوزين أن التعليم هو جواز السفر للمستقبل، أكد أنه حان الآوان، لتجاوز منطق المزايدات السياسية وركوب الرأس اعتدادا بأغلبية عددية من أجل تعميق الأزمات بما فيها أزمة التعليم، التي طالت وتفاقمت بفعل سلسلة من الإصلاحات والمخططات استهلكت الملايير بشكل ليس له نظير، دون أن تراوح الأزمة مكانها بل زادت استفحالا، ولعل في شد الحيل مع طلبة كليات الطب الدليل والبرهان على قمة الاستهتار بمصالح بلد جعل من إنجاح تعميم الحماية الاجتماعية رهانا كبيرا، فكفى من التعامل مع التعليم كمختبر للتجارب الفاشلة.
وشدد أوزين على ضرورة في رد الاعتبار إلى قيمنا الأصيلة التي تكاد تندثر كريشة في مهب الريح طائشة، وكذا تفنيد ودحض الصور النمطية والباراديغمات التي ألصقت عنوة بكل الأشياء الجميلة والنبيلة في مجتمعنا” .
أوزين، الذي تساءل عما تركنا للأجيال الحالية والقادمة من قدوة ، استدرك موجها انتقادات لاذعة لحكومة الكفاءات، خاصة الوزير العدل ، قائلا:” وزيرنا في العدل فقد اقر أن نقطه ومعدلاته الكارثية في الرياضيات جعلت منه وزيرا في العدل في حكومة الكفاءات، صحيح هو وزير لا يسعفه مستواه الرياضي الهزيل في فك شفرات المعادلات السياسية إلا بالسطحية والمجانية، فهنيئا له بهذه التوليفة البهية”.
وأكد أوزين أن خروجنا من قوقعة التخلف والفقر وضمان موقعها ضمن الدول الصاعدة اقتصاديا واجتماعيا، لن يكون إلا بالعناية الخاصة بقطاع التربية والتعليم ، موردا تجارب بلدان عدة في أسيا وأفريقيا كسنغافورة ورواندا مثلا، قائلا إن سنغافورة مثلا احتلت المراتب الأولى في مؤشرات التصنيف العالمي للتربية والتعليم، لكونها اعتبرت التعليم محددا أساسيا في تأهيل القوى العاملة لتحقيق الأهداف الاقتصادية، إذ تم اعتبار الاقتصاد محددا جوهريا في تحديد معالم سياسة التعليم، وأطلقت مبادرة “مدارس التفكير تعلم الامة “، وهي المبادرة القائمة على أربعة مبادئ، هي إعادة النظر في رواتب الموظفين وإعطاء مسيري المدارس مزيدا من الاستقلالية،وإلغاء التفتيش وترك هامش واسع من المبادرة للمعلم؛وتقسيم المدارس إلى مجموعات يشرف عليها موجهون مختصون في التطوير وصياغة برامج جديدة، فضلا عن مبادرة “تعليم أقل، تعلم أكثر “، بما يعنيه ذلك من توجه بيداغوجي مبتكر ينمي القدرات ويقوي ملكة التحليل بعيدا عن منطق شحن عقول التلاميذ بالمعلومات جزافا واعتباطا.
ودعا أوزين في هذا السياق إلى الإستفادة من هذه التجارب، عوض استيراد نماذج غربية من باب التبعية لا تتوافق مع طبيعة مجتمعنا ومع مستوى حاجياته وتطلعاته، مسجلا أن التعليم يحتاج إلى عقول مكونة، فقد أولت هذه البلدان عناية خاصة بالمعلم ومنحته أسمى المقامات وأعلى التشريفات، في حين يتم اعتبار المعلم في بلادنا هو الحلقة الأضعف من خلالها السعي إلى تحميله المسؤولية كل المسؤولية عن الإخفاقات المتتالية والمزمنة للمنظومة التعليمية.
بل أكثر من ذلك، يتم التعامل معه كلما جهر بصوته طلبا للإنصاف بمنطق العصا والجزرة، تارة وعودا عرقوبية بزيادة تخلف موعدها، وتارة أخرى بالتوقيف والاقتطاع أو محاولة إثارة سخط آباء وأولياء الأمور عليه، حسب محمد أوزين.
في المقابل، أورد أوزين أيضا بعض المؤشرات الجد المقلقة تضمنتها تقارير عدد من المؤسسات الدولية والوطنية من قبيل، منها 64في المائة من التلاميذ دون 10 سنوات عاجزون عن قراءة نص مكتوب وفهمه؛وانتشار ظاهرة الهدر المدرسي لأسباب وعوامل مختلفة، وخاصة في الوسط القروي، حيث تمس هذه الظاهرة الفتيات على الخصوص، بسبب صعوبة تنقلهن خارج الدوار لمتابعة الدراسة، أو لتدهور البنيات المدرسية مثل غياب المراحيض ومرافق النظافة؛ وللتذكير، يضيف أوزين، ربط حزبنا في المذكرة التي قدمها إلى اللجنة المكلفة بتعديل مدونة الأسرة، محاربة تزويج القاصرات بالعمل بإجبارية تعليمهن حتى مستوى الباكالوريا كحد أدنى.
وقال أوزين إن المغرب صنف في المرتبة154من مجموع 199 دولة، وهو مؤشر مخجل بالنسبة للمنظومة التعليمية ككل، لأن مستوى الجامعة المغربية هو نتاج لواقع المدارس والإعداديات والثانويات، وبالتالي لا يمكن الاستمرار في الفصل بين مختلف أسلاك التعليم ضمن هيكلة حكومية غير قارة، هي دليل تذبذب وارتباك وغياب لالتقائية السياسات الحكومية.