Non classé

قانون المالية بين سرد التاريخ وضبابية التمويل وتكريس بؤس العالم القروي

 اتضح من خلال عروض المتدخلين في المناقشة العامة لمشروع الميزانية أمام لجنة المالية بمجلس النواب وخصوصا فرق المعارضة أن هذا المشروع تطبعه العموميات، وأن طموحاته تتجاوز قدرته التمويلية المبنية على ترقبات موارد ليست مؤكدة، ولاسيما السنة الفلاحية التي تعتبر الرافعة الأساسية للإقتصاد، وقد فصل الأخ السعيد أمسكان رئيس الفريق الحركي معطيات المشروع وقارنها بالمتطلبات وانتظارات الشعب المغربي، وتساءل الجميع حول ما إذا كان باستطاعة المشروع الاهتمام بانشغالات مختلف القطاعات الإقتصادية والإجتماعية كما تساءلت المعارضة كذلك حول إمكانية الميزانية في ظل الظروف السياسية والقانونية الحالية من التأثير أو الفعالية حيث لاتخضع عدد من الصناديق والمؤسسات العمومية للمراقبة الديمقراطية وتعيش تحت سرية الحكومة بصوابها وأخطائها واستحضر المناقشون غياب قوانين التصفية وإعطاء أولويات غير منصوص عليها، وغياب مراجعة للقانون التنظيمي للمالية، ومدى تأثير اختلاف توجهات مكونات الحكومة التي يخيم عليها الطابع الحزبي ويقابله الطابع التقنوقراطي وتضعف أمامه سلطة التحكيم والتنسيق لإرتباط كل مكون بمصدره. ولوحظ أن هيكلة الميزانية وتبويبها لم يخرج عن الروتينية المعتادة فلازالت البنية كلاسكية، ولم يسجل أي اجتهاد يوحي بالجديد رغم التطور الذي عرفته ميزانيات الدولة من حيث الشكل الذي لاينبغي أن يستهدف إخفاء وتعويم المضمون، لم نتأثر بالبلدان التي نستقي منها تعليمنا ونعهد إليها بتكوين أطرنا وقد تم تسجيل اشارة المشروع المالي إلى ضخ 20 مليار درهم في صندوق المقاصة في هذه الميزانية إلا أن التساؤل المطروح هو حول طبيعة الرؤية الجديدة لإصلاح نظام المقاصة، والإستثمارات المنصوص عليها والموزعة على مكونات القطاعات العمومية، فهل سيتم تنفيذ الإعتمادات المشار إليها داخل السنة؟ كما يطرح التساؤل حول جدوى التدابير التي تعتمدها الحكومة من أجل تشجيع الاستثمار الخاص وتنفيذ ميثاق الإستثمار، ومدى فعالية المراكز الجهوية للاستثمارات، وهل المقاربات التي قدمها السيد وزير المالية حول نسبة العجز والتضخم والنمو تتناسب ومؤشرات الوضعية الإقتصادية والإجتماعية التي تلقي بظلالها على مزاج الشارع والقرية المغربية حيث أصبح المواطن لايعرف بين يوم وآخر ما ستؤول إليه الأوضاع من جراء الزيادات المتواصلة وبنسب مفتوحة في تعريفة الماء والكهرباء والمواد الغذائية الأساسية والمواد الضرورية بالإضافة إلى الإستشفاء والأدوية وهل يتوفر المشروع المالي – يقول المتدخلون – على مايمكن من معالجة الإنفلات الأمني وإرهاب المواطنين، وهل سيمكن من اخفاء مظاهر الفقر والتخلف والتشرد وتسكع الشباب داخل القرى والأحياء المهمشة؟

البرلمان – عبد الرحمان بوحفص

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى