الأخبار

في وداع متصوف

محمد مشهوري

في الذكرى المقبلة للمولد النبوي الشريف، لن يجد عشرات الآلاف من الأشخاص الذين يتوافدون على بلدة “مداغ” من كل بقاع العالم، ذلك الوجه البشوش الذي لم تسلبه الأعوام نظارة وإشراقا ويقينا بالله.
لقد رحل سيدي حمزة بن العباس، شيخ الطريقة القادرية البوتشيشية إلى دار البقاء، تاركا في قلوب المريدين والمحبين أسى لا يخففه سوى الإيمان بأن الموت حق على العالمين، وبأن “كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام” وبأن “كل ابن أنثى وإن طالت سلامته.. يوما على آلة حدباء محمول”.

كان لهذا الشيخ الوقور قصة كبيرة مع الوطن، حيث كان عشقه للوطن يسمو إلى درجة هيام المتصوف، فرفض في وقت من الأوقات مسايرة الراحل عبد السلام ياسين في هواه واتخاذ الدين مطية للمساس بتوحد المغاربة حول مذهبهم وبيعتهم لإمارة المؤمنين، كما كان لسيدي حمزة وطريقته موقف وطني متميز في التصدي لما كان يحاك سنة 2011 من مؤامرات ضد البلد في سياق وهم “الربيع العربي”.
لقد سلك هذا القطب المتصوف منهاجا متفردا يعتمد الذكر، بعيدا عن هوس “الدعوة” التي لا تجوز في مجتمع مسلم، وبعيدا عن الوصاية على المعتقد من منطلق أن الله وحده من يغسل القلوب من الآثام ” ألا بذكر الله تطمئن القلوب”، لذلك كسب قلوب مريدي هذا المنهاج الرباني من مختلف بقاع العالم.
رحم الله الفقيد وأحسن إليه. إنا لله وإنا إليه راجعون.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى