الأخبار

على هامش الدورة الثالثة للندوة الدولية حول” الحكامة العالمية”الدكتور لحسن حداد: النظام المالي الأساسي المعتمد أبان عن محدودية وبالتالي فإن الوقت قد حان لإيجاد أفضل السبل للعمل الجماعيالدكتور لحسن السكور: الحكامة العالمية تستوجب الاشتراك والتشاور مع الجميع واستشراف المستقبل بصفة أكثر أمنا

شكلت الدورة الثالثة  للندوة الدولية حول” الحكامة العالمية”، التي نظمت مؤخرا بمراكش، بمشاركة شخصيات وازنة من عالم السياسة والاقتصاد ، بمثابة منتدى دولي مستقل للتفكير الجماعي وتبادل وجهات النظر بين صناع القرار حول التحديات الراهنة بهدف تحسين الحكامة في أبعادها العالمية والإقليمية والجيوسياسية والسياسية والاقتصادية والمالية.

وخلال هذا اللقاء، الذي استمر ثلاثة أيام، ناقش المشاركون عددا من القضايا المرتبطة ب”الانخراط في مجال حكامة القضايا المتعلقة بالمناخ والسكان والصحة” و”الحكامة النقدية والمالية” و”الحكامة الاقتصادية والمالية” و”حكامة الفضاء المعلوماتي” و”حكامة القوى الصاعدة” و”الحكامة العالمية” و”مجموعة ال20 ومستقبلها“.

قد ارتأى الأخوين الدكتور لحسن حداد ، والدكتور لحسن سكوري،  إبداء رأيهما حول هذه القضايا والتي ندرجها في مايلي:

———————————————-

الدكتورلحسن حداد : الانخراط في مثل هذه  القضايا لاتهم دول دون الأخرى

اعتبر الدكتورلحسن حداد (عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية)، القضايا المرتبطة ب”الانخراط في مجال حكامة القضايا

المتعلقة بالمناخ والسكان والصحة” ، أساسية جدالكون مثل هذه  القضايا لاتهم دول دون الأخرى، وبالتالي فإنها تستوجب  وضع ميكانيزمات دولية للتعامل معها.

وقال الدكتور حداد إن بروتوكول كيوطو المبرم في عام 1997 يعتبر أول إجراء قانوني بين أيدي المجموعة الدولية ، ينص على ضرورة تخفيض البلدان الغنية من إصدار الغازات المؤثرة في المحيط والمتسببة في ظاهرة الاحتباس الحراري، لكن مشكلة الاتفاق حول إجراءات تطبيق بروتوكول كيوطو يكمن في كيفية التوفيق بين موقفين الأول، أمريكي  يرى ضرورة حساب كميات الغازات الدفيئة التي تستوعبها الغابات والمزارع ، وخصمها من الكمية التي على البلد تخفيضها ، وبين موقف ثاني ، أروبي، يرفض ذلك تماما ، وهو ما يشكل تحدي يستلزم التفكير في ميكانيزمات جديدة في مجال المناخ بشكل  عادل لدول الجنوب.

وموضوع “السكان و المناخ و الصحة: أي حكامة عالمية ” ـ يستطرد عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية ـ  هناك  تفاعل بين نمو الكثافة السكانية و التغيرات المناخية و الإحتياجات المتزايدة و رهانات الصحة العمومية، الأمر الذي يستدعي تضافر جهود المنظمات الدولية للرقي بالبحث العلمي الذي يستجيب إلى الإحتياجات المتزايدة للسكان في العالم. و فيما يتعلق بالعلاقة القوية بين البيئة و الصحة،

وفي مجال الصحة فإن  التداخل  بين الشعوب، وسهولة تنقلها يفرض أخذ الاحتراز اللازم للوقاية من بعض الأمراض،  فمثلا عندما ظهر فيرس أنفلوانزا الطيور،  خلق نوعا من التصدع  الأمر الذي يستدعي  إعادة النظر فيما يخص القضايا الصحية خاصة وأن  تأثير شعوب هذا لم يكن من قبل .

وبخصوص  “الحكامة العالمية النقدية و المالية” قال الدكتور لحسن حداد، إن  النظام المالي الأساسي المعتمد  أبان عن محدودية، مستدلا بالأزمة المالية التي أرخت بظلالها على العالم ، وأصبحت بعض الحكومات عاجزة عن إيجاد حل، وبالتالي فإن الوقت قد  حان لتوحيد الصفوف ووضع الأسس الضرورية في مختلف مجالات الأنشطة في أفق تحقيق تقدم حقيقي ، داعيا إلى إيجاد أفضل السبل للعمل الجماعي مع أخذ احتراز كبير، مبرزا أن أي بلد وأي مجموعة من البلدان كيفما كانت قوتها لن تتمكن من مواجهة التحديات الكبرى الراهنة لوحدها، مشيرا ايضا إلى أن  ارتفاع الديون في البلدان الغنية ، مضيفا أن مثل هذه التحديات الجديدة بالإضافة إلى تعقيدات أخرى جعلت النمو الاقتصادي أكثر هشاشة، مشيرا إلى أن الأمر يستدعي  تبني قرارات آنية كفيلة بمواجهة التضخم الكبير وتسريع وتيرة ورش الإصلاحات المالية التي سجلت نموا ملموسا والتي لا تزال تعتريها صعوبات مرتبطة بالمؤسسات المالية (البنوك) والتوازنات الشمولية ووضعية المديونية وضعف التوازنات التجارية، داعيا إلى  ضرورة توطيد العلاقات بين الدول والجهات مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصيات كل منطقة مستشهدا في هذا الصدد بأن نسب التبادل تضع ضغوطا كبيرة على الدول النامية.

ومن أجل حكامة اقتصادية ومالية عالمية جيدة ، قال الدكتور حداد ، إنه أصبح من الواجب إصلاح المؤسسات من ضمنها صندوق النقد الدولي وذلك لضمان تمثيلية أكثر، كما شدد على ضرورة إعادة تحديد توافق في ما يتعلق بمفهوم الرأسمال التجاري على المستوى العالمي وضمان انتقال الوضعية الحالية نحو وضعية نظام العملة المتداولة بكيفية مستمرة،  مذكرا بتحولات بنيوية جد هامة جراء دوافع التكنولوجيا الجديدة وتقلبات الاقتصاد العالمي والتحولات الجدرية للأنظمة خاصة على مستوى اتخاذ القرارات، فتحقيق اقتصاد حر ـ حسب الدكتور حداد ـ لن يتأتى دون وضع قوانين ناجعة على المستوى الوطني والدولي وأن استمرار أي سوق اقتصادي لا يكون دون إحداث بنيات مؤسساتية ، موضحا أنه من بين أولى أهداف الحكامة العالمية هو تقليص كلفة المعاملات التجارية الشيء الذي يستدعي مقاربة براغماتية ترتبط بإجراءات كفيلة بتسهيل المبادلات التجارية.

كمالاحظ الدكتور حداد أن الدورة  تميزت بتناول مواضيع لها علاقة بمساهمة الإنترنيت في المعرفة التي لم تعد حكرا على أحد، موضحا في هذا الاطار أن ذلك يشكل تقدما ملومسا لمستقبل هذا المسلسل، مضيفا أن حكامة الفضاء المعلوماتي أصبحت تطرح نفسها بحدة وبالتالي فإن  بناء نظام فضاء سليم من شأنها تعزيز الأمن العالمي مستقبلا والمساهمة في إيجاد الحلول بكيفية متناغمة لعدد من القضايا الآنية، مع تعزيز الشراكة وتبادل المعلومات حول نقاط الضعف في الشبكات و في النماذج الجديدة وذلك من أجل حماية المعلومات ،مبرزا في هذا الإطار أن المناقشات بشأن الحكامة صعبة ومعقدة ،بحيث يجب على الدول أن تلعب دورا أساسيا خاصة ما يتعلق بالبنية التحتية الرقمية الى جانب خلق أساليب جديدة محصنة و مؤمنة.

وهو ما يستدعي من كافة الدول التعاون للتصدي للتهديدات التي يشكلها الفضاء الإلكتروني ومنح دينامية جديدة لتنشيط دور المجتمع المدني في هذا الاتجاه ،مبرزا أن الحكامة يجب أن تحمي الدول والأشخاص كون العالم يشهد تطورات سريعة ،وان التكنولوجيا لم تصبح لها حدود والجريمة في تزايد مستمر و الشركات في حاجة إلى خدمات الأنترنيت ، قائلا إننا بحاجة ماسة إلى حكامة للانترنيت والتي تتطلب احترام حرية التعبير والخصوصية وضريبة المنافسة

وبخصوص محور القوى الصاعدة، قال الدكتور حداد إنه على الرغم من الأزمة المالية العالمية فإن الدول الصاعدة تساهم بشكل فعال في النمو الاقتصاد العالمي. مضيفا أن المضي قدما في مسلسل إصلاح البنيات الاقتصادية القائمة، والعمل على إيجاد أفضل السبل للتعاون في هذا المجال، مع  إدماج الدول الصاعدة في النظام الحالي، لكون أسواق هذه البلدان تضطلع  بدور محوري في إرساء مبادئ الحكامة العالمية.

————————

الدكتورلحسن سكوري: الدورة الثالثة للندوة الدولية حول الحكامة العالمية محطة مهمة للتفكير الجماعي

اعتبر لحسن سكوري ( دكتور في العلوم السياسية، وعضو المجلس الوطني)، الدورة الثالثة للندوة الدولية حول الحكامة العالمية في كل تجلياتها، محطة مهمة في التفكير الجماعي وتبادل الآراء حول التحديات التي يعرفها العالم على جميع الأصعدة.

وقال سكوري، إن أهمية المنتدى الدولي بالنسبة للمغرب تكمن في كون احتضانه للمرة الثانية بمراكش، بحضور وازن لصناع القرار على أعلى مستوى بما في ذلك الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس البنك الأوروبي وممثلون عن عدة مؤسسات عمومية وخاصة كما أن  المشاركين ناقشوا عددا من القضايا المرتبطة بالحكامة في مفهومها الواسع الذي يشمل إدارة شؤون الدولة والمجتمع على جميع المستويات عبر ممارسة السلطة الاقتصادية والسياسية والإدارية والمالية، ويمتد كذلك إلى الصحة والسكان والمناخ والمعلوميات والأمن ومحاربة الإرهاب…، مضيفا أن أسس الحكامة الرشيدة تتجلى مجملا في حسن التدبير، والإشراك والتشارك، والبحث على التوافقات، والفعالية والجودة في التواصل والخدمات المقدمة، وكذا الرؤية الاستراتيجية.

وبخصوص الحكامة العالمية ، قال دكتور في العلوم السياسية، إن المسألة مرتبطة بما يسمى بالعولمة والانفتاح، فمقابل التدخلات والترابطات – على المستوى الدولي – بين المجتمعات البشرية وبين الإنسانية والنظم الإيكولوجية، يتعين على الحكامة الدولية تحديد بناء تنظيمات على نفس المستوى،مما لا يعني خلق حكومة دولية من النمط التقليدي للدولة، ولكن وضع ميكانيزمات للقيادة العمومية والخاصة ترقى إلى مستوى التحديات المطروحة، مضيفا أن  تعدد صيغ تداول الحكامة لارتباطها بمجالات متعددة يجعل من الصعب إعطاء مصطلح الحكامة تعريفا موحدا ونهائيا، فهو حسب لجنة الحكامة العالمية مجموعة الطرق التي تدبر بها المؤسسات العمومية والخصوصية قضاياها، كما يمكن تعريف الحكامة على أنها نمط جديد لتدبير السلطة والتنظيم السياسي والاجتماعي وهي رؤيا جديدة للدولة والمجتمع والعلاقات الرابطة بينهما كما أنها تعبئة للطاقات والموارد البشرية وترشيد استثمارها على أساس مفهوم التعاقد، التشارك والتوافق لتأمين شروط تدبير جيد، مشيرا إلى أن الحكامة الدولية تحمل في طياتها فكرة أزمة تحكم على مستوى ما فوق وطني، أن الدول أو البعض منها لم تعد قادرة بالقيام بمهامها القيادية خاصة فيما يتعلق بالجوانب الاقتصادية والاجتماعية، وعلى مستوى مواجهة العولمة، والتحكم فيها، علما أن المتدخلين أمثال البنك الدولي والمنظمة العالمية للتجارة مثلا، هم الذين يملون هذه المهام.

فإلى حدود بداية الثمانينات ـ  يضيف سكوري ـ لم تكن تطرح مسألة الحكامة الدولية، وقد فرضتها العولمة والإضعاف الموازي للدول، والصدمات والتحولات التي ساهمت في تنامي القلق والخوف من جراء الاستغلال المفرط للثروات الطبيعية وتهديدات المشاكل البيئية المرتبطة بالمناخ والتنوع البيولوجي، وبروز مشاكل عابرة للقارات، تمتد من الأمراض المخترقة للحدود، إلى الإرهاب الدولي مرورا بالأزمات الاقتصادية والمالية والحروب الأهلية والمشاكل المرتبطة بالأمن والمعلوميات، قائلا أن مفهوم الحكامة يستهدف بالأساس  البحث عن “أداة علمية” قادرة على فهم وضبط التوجهات الكبرى التي تحكم تطورات وتحولات المنظمات ونظم الحكم على جميع الأصعدة، الدولية والجهوية وكذا المحلية. ذلك أن الحكامة العالمية اليوم مطالبة بمواجهة جيل جديد من المشاكل عابرة للحدود. ولا يمكن لأي بلد أو مجموعة من البلدان وحدها، مواجهة التحديات الراهنة، مشيرا إلى  الأمين العام للأمم المتحدة الذي حضر أشغال الطبعة الثالثة للندوة الدولية حول الحكامة العالمية وذكر بذلك عندما قال إن  “بعض الأجهزة والبنى القديمة لم تتطور” وبذلك وجب إيجاد وسائل أنجع للتعاون ووضع أنظمة مسايرة للعصر؛ تسمح باستغلال القوة التي يملكها المجتمع العالمي، كما أكد الأمين العام على ضرورة جعل الحكامة العالمية تخدم اقتصادا عالميا يعمل للجميع وليس لصالح أقلية مفضلة. ويمكن في هذا الصدد اعتبار الأمم المتحدة الهيئة الملائمة التي يمكن أن تتحقق فيها الحكامة شريطة إصلاح أجهزتها وتمثيلية الدول داخلها.

فالحكامة العالمية اليوم يقول السكوري تستوجب الاشتراك والتشاور مع الجميع وذلك لإقرار التحكيم والقيادة بصورة أكثر موضوعية ومصداقية، واعتماد اليقظة والاستباق في التدبير واستشراف المستقبل بصفة أكثر أمنا وطمأنينة.

وبخصوص الحكامة المالية والنقدية –قال دكتور العلوم السياسية- إن الأزمة النقدية والمالية التي عرفها العالم في السنوات الأخيرة أبرزت مدى هشاشة الحكامة العالمية في هذا الميدان، كما أن ارتفاع الديون في البلدان الغنية أفرزتحديات جديدة بالإضافة إلى تعقيدات أخرى زادت من ضعف النمو الاقتصادي. وموازاة مع ذلك، فإن ورش الإصلاحات المالية التي أقدمت عليها جل البلدان الأكثر تضررا من جراء الأزمة المالية والاقتصادية، وبالرغم من النمو الملموس الذي نتج عنها، لازالت البنوك مثلا تعرف صعوبات، كما أن التوازنات الشمولية والمديونية لازالت تتطلب مزيدا من الجهود.وعلى ضوء هذه الوضعية، وبالنظر أيضا لعدم التوازن الذي يطبع العلاقات التجارية والمالية الدولية، أكد سكوري ضرورة توطيد العلاقات بين الدول والجهات في احترام لخصوصيات كل منطقة ومراعات لنسب التبادل بين البلدان. كما تبين أن إصلاح المؤسسات النقدية والمالية مثل صندوق النقد الدولي لضمان تمثيلية أكثر، أضحى ضروريا لإقرار حكامة اقتصادية ومالية عالمية أكثر نجاعة ومصداقية.

وعن إشكالية الحكامة الاقتصادية والمالية، قال سكوري إن اقتصاد السوق عاجز لوحده للاستجابة لحاجيات المواطنين. خاصة في غياب القيادة والتحكم في العوامل الاجتماعية والبيئية، حيث الرأسمالية الليبرالية ستنتج خيرات متمركزة بصفة متنامية، في أيادي الأقلية، مما سيؤدي حتما إلى انفجار من لا يشمله الرخاء. فالمشكل ليس في الانتاج ولكن على مستوى التوزيع للخيرات، وفي الإرادة السياسية لدى أصحاب القرار لتغيير قواعد اللعبة.ومن تم برزت اهتمامات تروم للبحث عن حلول وتتبنى الارتكاز على مفهوم “الممتلكات والمصالح العمومية” (Biens et services publics)، الذي من شأنهأن يخرج المفاوضات الدولية حول التنمية من العقم الذي تعرفه والتوجه نحو التضامن الدولي، في إطار الاعتراف بالمصالح المشتركة.

وبخصوص مجموعة ال20 ومستقبلها قال سكوري، إنه مع نهاية الثمانينات، تم تداول مصطلح الحكامة في الحقل التنموي، وقد استعمله البنك الدولي لأول مرة سنة 1989، في إطار التأكيد على أن أزمة التنمية في إفريقيا هي أزمة حكامة مرتبطة بفساد النظم السياسية وضعف التسيير والتخطيط، مبرزا أن هذا المنظور كان مشتركا من طرف الدول الأكثر نموا والمتمثلة في مجموعة ال20 التي كانت تظن خطأ أن الحكامة التي تنتهجها تحصنهامن الانزلاقات والمشاكل العظمى التي أفرزتها الأزمة المالية الأخيرة التي عصفت بالعديد من المؤسسات المالية والبنكية وأدت إلى إفلاس العديد من الشركات، مشيرا إلى أن  العديد من هذه البلدان عمدت إلى ضخ اعتمادات شبه خيالية لإنقاذ اقتصادها وماليتها وأبناكها، هي اليوم مطالبة بإعادة النظر في نظامها التدبيري وحكامتها والبحثعن سبل أكثر نجاعة لضمان التنمية المستدامة.

وأمام فشل التدبير المالي والنقدي الذي كانت تعتمده مجموعة ال20، بدت الدول النامية التي بذلت مجهودات كبيرة للانخراط في التنمية العالمية، غير راضية على إصرار هذه الدول الغنية على الحفاظ على سلطاتها وتفضيل حماية مصالحها الخاصة، وإملاء منظورها الأحادي في السياسيات العمومية والخاصة على نطاق واسع.

أما قضية حكامة القوى الصاعدة تطلع القوى الصاعدة إلى تسريع وثيرة التغيير من أجل تكريس ثقافة القرب والمشاركة والتشارك، والاعتراف بنتائج المجهودات التنموية والسياسية

التي حصلت عليها على مدى العقود الأخيرة، وكذا احترام خصوصيتها.وتسعى في هذا الإطار إلى إقرار توازن جديد على مستوى تمثيليتهم في المنظمات الدولية النافذة حتى تسمع كلمتها وتدخل في مصاف الدول التي تستشرف مستقبلا واعدا.

لذلك فبالنسبة للقوى الصاعدة- يستطرد سكوري – فإن للحكامة دور بارز في إنجاح عمليات التدبير وتحديد الشروط الموضوعية والقانونية والمؤسساتية الكفيلة بتحقيق التدبير الرشيد والتنمية المستدامة. فالحكامة هنا تظهر كدعوة صريحة إلى تجاوز حالة اللاتوازن الناتج عن أحادية صنع القرار من طرف الدول الغنية. كما أن القوى الصاعدة تسعى إلى حكامة تحقق لهم المشاركة في مختلف مراحل إعداد المشاريع والقرارات من التشخيص والبرمجة والتنفيذ، في إطار سيرورة تميزها الشفافية والعقلانية، علما أن هذه الدول تقبل بالتقييم والمحاسبة على النتائج.وبخصوص قضية الانخراط في مجال حكامة القضايا المتعلقة بالمناخ والسكان والصحة اعتبر سكوري أن  الحفاظ على البيئة تحديا وطنيا ودوليا، ورصيدا مشتركا لكل المواطنين. موضحا أن حماية البيئة مسؤولية جماعية للأجيال الحاضرة والمستقبلية. وقد تم إدراج البيئة والتنمية المستدامة في جدول أعمال القرن 21 للأرض في مؤتمر قمة ريو ديجانيرو سنة 1992 بالبرازيل، وشكل ذلك منعرجا تاريخيا ومنطلقا قويا للمنظومة العالمية للاهتمام بالبيئة

واعتماد فلسفة التنمية المستدامة من خلال تبني أهم وأشمل الاتفاقيات البيئية الدولية والبحث عن ما أصبح يسمى بالحكامة الإيكولوجية.لذا يجب إيلاءها الاهتمام اللائق بها في إنجاز المشاريع التنموية استشعارا لضرورة الحفاظ على المتطلبات الإيكولوجية كرهان تنموي حاسم وذي أولوية.فحماية البيئة والاستغلال المعقلن والمستدام للموارد الطبيعية يمكن من ضمان استمرارية هذه الموارد ويحافظ على التوازنات الإيكولوجية من ماء وتربة وموارد طبيعية وموارد مائية…أن حماية النظم البيئية ومحاربة كل أنواع التلوث، تنعكس إيجابا على السكان وسلامتهم من الأمراض والأوبئة والفقر، إذ أن استنزاف الموارد الطبيعية يدفع بالسكان إلى دوامة البحث عن موارد في أماكن أخرى لاستغلالها. ولذلك فإن التساهل مع الاستعمالات العشوائية والمفرطة للموارد بدريعة فقر الساكنة، يولد انزلاقات نحو تهميش أكثر دونما الحفاظعلى الموارد.

فلا بديل إذا عن إيجاد السبل لاستغلال معقلن ومستدام للموارد الطبيعية، مع المساهمة في توفير العيش للمواطنين عبر البحث واللجوء إلى أنشطة بديلة ومدرة للدخل من أجل رفع الضغط المفرط على وتيرة استغلال هذه الموارد، دونما الإخلال بالتنمية البشرية التي تعد حجرة الزاوية لكل تنمية، مذكرا أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس، أكد في خطاب العرش الأخيرعلى ضرورة “النهوض بالتنمية المستدامة، وفي صلبها البيئة، باعتبارها قوام النمو الأخضر والاقتصاد الجديد، بما يفتحه من آفاق واسعة لانبثاق أنشطة مبتكرة واعدة بالتشغيل”.

كما دعا الحكومة على بلورة الميثاق الوطني لحماية البيئة والتنمية المستدامةفي مشروع قانون إطار، كمرجع للسياسات العمومية بالمغرب، واعتبر جلالته هذا الميثاق بمثابة مشروع مجتمعي أكثر منه مسألة بيئية.

وفيما يخص قضية حكامة الفضاء المعلوماتي فإن يدعو المهتمون بازدهار التجارة الالكترونية، يدعون إلى الثقة بالتقنيات المستخدمة،وإلى سلامة المعاملات. لكن تصاعد أعمال سرقة المعلومات الحساسة، لاسيما منها أرقام بطاقات الاعتماد، والبيانات المالية، أثبت عدم صحة هذه الدعوات، وأبرز الحاجة إلى الأمن، في الفضاء المعلوماتي.فالحكامة المعلوماتية تستوجب اتخاذ جميع التدابير والاحتياطات اللازمة، التي تضمن حماية النظام المستخدم، بحيث تتأمن سلامة المعلومات والبيانات، التي تنتقل بواسطته، وعبره، أو تحفظ عليه. وإذا كان العالم التقني، متفقا على تحديد معنى أمن المعلومات، وأمن الشبكات، والأمن المادي، للأموال والأشخاص، فإن الأنظمة القانونية والسياسية، تختلف حول مضمون ومعنى الحماية، ومدى الحفاظ على الحقوق والحريات، كما تختلف حول حق الدولة في التدخل، وحدود هذا التدخل وأصوله، في إطار الحفاظ على الأمن، سواء منه المعلوماتي، أو القانوني. كما يبرز الاختلاف، على مستوى تحديد الجهات المعنية بالتنظيم والحماية،في الفضاء السيبيري.

وبهذا المعنى، يكون الأمن، هو عدم السماح باستخدام النظام، إلا في ما هو معد لأجله، وفي الإطار المسموح به، وذلك من خلال:

?الرقابة على التكنولوجيا: الاتصالات وانتقال المعلومات،إزالة العوائق أمام انسيابها ومنع اعتراضها،التعرف إلى هوية مستخدم النظام،مراقبة عمليات الدخول والخروج من النظام،و الحركة على الشبكة، وعلى قواعد البيانات والمواقع،وحماية البيانات من التعديل، أو المحو، أو التلاعب،ومنع خروج أو نشربيانات أو معلومات، ذات طابع خاص،أو سرية،مع إمكانية الربط بين المستخدم، وبين العمليات التي قام بها، فضلا عن مراقبة صحة المعلومات المدخلة.

وأشار سكوري إلى أن وثيقة تفعيل خطة جنيف،كانت قد خصصت الجزء السادس منها، لبناء الثقة والأمن، في استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وفي السياق عينه، ركزت النصوص القانونية التي أقرت، سواء في دول الاتحاد الأوروبي، أو في الولايات المتحدة الأميركية، وغيرها من الدول، على دعم الثقة في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، تحقيقا لازدهار التجارة الالكترونية، والمبادلات الاقتصادية. فكلما ازدادت إمكانات جمع المعلومات والتتبع، ازدادت امكانات الاعتداء على الحياة الخاصة. ففي الفضاء السيبيري، تتلازم الحركة الحرة للمعلومات، مع انتقال سهل للتطبيقات وللتقنيات وللمهارات، ومع انتشار أوسع للبرامج ذات المصادر المفتوحة، وللبرامج المشتركة. يضاف إلى ذلك، بروز الوسائط المتعددة، واستعمالها بشكل مكثف، وارتفاع نسب توزيع البرامج المقرصنة، والتطبيقات من قبل مواقع خاصة بالهاكرز والقراصنة، ونشر المعلومات عن نقاط الضعف في البرامج والأنظمة، قبل تمكن مستخدميها من اتخاذ التدابير الاحترازية، لمنع اختراقها. كذلك، يزداد عدد الفيروسات الموزعة عبر البريد غير المرغوب فيه، وعبر الاعلانات، التي تحول قسم كبير منها، إلى وسيلة لزرع برامج التجسس، والتصيد، وغيرها من البرامج المؤذية. وهذا ما يؤدي الى:اختراق الأنظمة، والتعرض لسرية الاتصالات والرقابة،والتلاعب بالمعلومات، وسرقتها واستثمارها بصورة غير مشروعة،والتعرض لسلامة المواقع، من خلال إعاقة الخدمات، أو تحويل مستخدميها إلى مواقع مشابهة،

?إساءة الاستعمال، أو الاهمال، أو التخريب، من قبل القيمين على النظام، أو من قبل مستخدميه الشرعيين،والجرائم العادية والسيبيرية، والجريمة المنظمة،والاستثمار في الجريمة، وفي الاعتداء على الأنترنت،التجسس الاقتصادي والصناعي والمدني،

?المنافسة التجارية غير المشروعة، إضافة إلى الاعتداء على الملكية الفكرية.

وتشكل البيئة التشريعية والقانونية الحالية، مصدرا آخر للمخاطر. وتتوزع الممارسات الجرمية، التي تطال الفضاء السيبيري، بحسب الاتفاقية الاوروبية لمكافحة جرائم المعلوماتية، على ما هو جرائم كلاسيكية، تطورت أساليب ومجالات ارتكابها، وما هو جرائم جديدة.

وخلص سكوري إلى أنه في إطار الحكامة يمكن إقرار الحماية من خلال تقنية التشفير، فمع الاعتماد على تقنيات التشفير العالية، سواء فيما خص المعلومات المحفوظة، أو المنقولة، يصبح صعبا، رصد المعلومات، والتنصت عليها، يضاف إلى ما تقدم اعتماد المعايير والمقاييس،التي تفرضها المنظمات العالمية المتخصصة،  ففي مجال حماية أنظمة المعلومات، مثلا، عرف المعيارISO 27001، مستلزمات سياسة الأمن (العام 2005)، ضمن المؤسسات موزعا إياها على تحديد سياسة أمن المعلومات، وتحديد محيط نظام إدارة أمن المعلومات، وأصول تقييم المخاطر الأمنية، وإدارتها، واختيار الرقابة وتنفيذها، ووضع تقرير حول كيفية التطبيق.

صليحة بجراف

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى