الأخبار

زهرة يانعة غادرتنا في أوج العطاءحليمة عسالي (عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية)

مع ثقل المصاب الجلل الذي ألم بنا، كأشخاص كل حسب مشاعره وطبيعة وجدانه، وكذلك كأسرة واحدة متلاحمة ومتآزرة في ظل الخيمة الحركية الكبرى، تعجز الكلمات في التعبير عما يخالج دواخلنا من حزن وأسى، لفقدان أخت عزيزة ومناضلة صادقة قلما يجود الزمان بمثيلاتها.

فقدنا الأخت زهرة الشكاف وهي في أوج عطائها، وفي وقت ما أحوج بلادنا إليها، وهي الصحراوية الوحدوية، المغربية المتأصلة أبا عن جد، إذ كانت رحمة الله عليها أول من يستبق الجهر بالموقف الوطني كلما تطاول متطاول على المساس بوحدتنا الترابية وبثوابت الأمة، وهي غيرة وطنية ورثتها من أب وطني نقل تلك الروح المغربية إلى أبنائه وبناته.

شخصيا، يصعب علي، في هذه الظروف القاسية أن أختزل في بضع كلمات أو سطور، مسارا زمنيا جمعني بفقيدتنا الغالية.

هذا المسار وإن لم يكن طويلا، بمنطق احتساب السنوات، فإنه وشم علاقتنا بأخوة حقيقية ووفاء صادق وتلقائية في التعامل، وكأنها علاقة اكتسبت عفويتها وطبيعيتها من سنوات الطفولة والصبا.

فقيدتنا زهرة، قبل أن تكون مناضلة حركية حتى النخاع، هي الإنسانة الطيبة المتخلقة بخصال التواضع وحب الخير والحرص على الإصغاء إلى الآخرين، وهي كذلك الأم التي نقلت إلى أسرتها الصغيرة تلك القيم الأخلاقية.

كمسؤولة قيادية في الحزب ورئيسة لجمعية النساء الحركيات، كانت الفقيدة جد حريصة على أن يكون للمرأة الحركية إسهام كبير وملموس في النقاش المفتوح حول أكثر من قضية تشغل الرأي العام، مع السهر على كل التفاصيل الدقيقة لأي نشاط أو تظاهرة تنظمها الجمعية. ولم تكن تتردد أبدا، من منطلق التواضع، في طلب المشورة وتلقي الاقتراحات من كبير أو صغير.

كبرلمانية، ساهمت الفقيدة إلى جانب زميلاتها، في الحركة الشعبية وباقي المكونات السياسية الأخرى، في إعطاء صورة مشرقة ومشرفة عن المرأة المغربية في الحقل السياسي، وتركت بصماتها على الأداء التشريعي، عبر تناول كل القضايا التي تهم المساواة والمناصفة وإعادة الاعتبار إلى المرأة المغربية. كما تركت بصماتها أيضا في مجال الدبلوماسية البرلمانية، إذ سخرت كل طاقاتها لخدمة القضية الوطنية الأولى في مختلف المنتديات والمحافل الدولية.

وهي الآن في دار البقاء بجوار ربها راضية مرضية، أستحضر عزيمتها القوية وصبرها الكبير وهي تقاوم المرض بإيمان عميق، إذ لم تثنيها المعاناة وهي تخضع للعلاج خارج المغرب، عن الاتصال للسؤال عن جديد الحزب وعن أحوال المناضلات والمناضلين، بل كانت تكابر وتقاوم المرض كلما استمدت بعض القوة لحضور اللقاءات والأنشطة وكأنها تودعنا بنظرات ملؤها المحبة والدعوة إلى مواصلة النضال، من أجل الحزب ومن أجل الوطن.

رحمك الله، أختنا العزيزة وأسكنك فسيح الجنان، وستظل ذكراك حاضرة بيننا إلى الأبد، كأخت بارة ومناضلة شكلت القدوة والنموذج في العطاء ونكران الذات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى