الأخبار

خطاب العرش يرسم الرؤية المناسبة لبناء الدولة المغربية الحديثةجلالة الملك يدعو الحكومة الى التجاوب مع المتطلبات الاجتماعية للمواطنين

رسم الخطاب السامي، الذي وجهه صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى الأمة أول أمس بمناسبة عيد العرش المجيد، الرؤية المناسبة والواضحة للآفاق التي تنفتح لبناء الدولة المغربية الحديثة، وذلك بفضل الخيارات الأساسية التي كرسها الدستور الجديد الذي وصفه جلالة الملك ب " بالميثاق المتميز "، بما يفتحه من آفاق المشاركة الفعالة أمام الشعب المغربي.
وبالفعل، فإن خيار " توطيد صرح الدولة المغربية العصرية، المتشبعة بقيم الوحدة والتقدم والإنصاف والتضامن الاجتماعي، في وفاء لهويتنا العريقة " يؤكد جلالة الملك، يعد ثمرة سياسة متبصرة واستراتيجية متدرجة نابعة من إرادة ملكية، وفي تجاوب تام مع التطلعات المشروعة للمواطنين، " وهو ما يحملنا جميعا مسؤولية العمل المشترك لاستكمال نموذجنا المتميز ".
وفي استعراضه للإنجازات التي ميزت السياسة التي انخرط فيها المغرب منذ بداية عهد جلالة الملك محمد السادس، ركز الخطاب الملكي على مصالحة المغاربة مع أنفسهم ومع تاريخهم وذلك من خلال عمل هيأة الإنصاف والمصالحة، وكذا رد الاعتبار للأمازيغية كمكون من مكونات الهوية ورصيد مشترك لجميع المغاربة، وتوسيع فضاء الحريات
وحقوق الإنسان، مع تعزيز وضع المرأة، دون إغفال أوراش الإصلاحات الاقتصادية العميقة والتحفيز على الاستثمار والأوراش التي أطلقت في المجال الاجتماعي، وعلى رأسها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وورش إصلاح الشأن الديني لتكريس نموذج الالتزام بالإسلام السني الوسطي السمح.

وفي خضم هذه الحركة الإصلاحية الواسعة، والتي أكد جلالته أنها " لم تكن محض مصادفة ولا من صنع ظروف طارئة "، يندرج ورش مراجعة الدستور ك " سبيل لاستكمال دولة الحق والمؤسسات وتحقيق التنمية الشاملة ". ومن هذا المنظور، أكد الخطاب الملكي الجزء من المسؤولية التي يجب أن يتحملها كل طرف في هذا الالتزام المسؤول، حكومة وممثلين للأمة، ومنتخبين محليين وأحزابا سياسية ونقابات وفاعلين اقتصاديين ومجتمعا مدنيا، وذلك " وفاء للميثاق الذي أجمعت عليه الأمة باعتمادها للدستور الجديد ".
وتؤكد الأوراش التي هي في طور الإنجاز هذه الحركة الإصلاحية الشمولية. ويتعلق الأمر بالورش الكبير لإصلاح القضاء " انطلاقا من كون دولة الحق والقانون هي مصدر كل تقدم "، وترسيخ الجهوية ك " ورش كبير يتعين تدبيره بكامل التأني والتبصر "، على اعتبار رهاناته الكبرى المتمثلة في تجديد النخب وضمان مشاركة مكثفة للنساء والشباب، مع كل ما يتطلب ذلك من " إحداث تغيير جوهري وتدريجي في تنظيم هياكل الدولة وفي علاقات المركز بالجماعات الترابية ".
وحدد خطاب العرش أيضا توجهات سياسة الدولة في المجالات الاجتماعية والاقتصادية الحيوية، خاصة فيما يتعلق بتعزيز البنيات التحتية والتجهيزات الأساسية، في إطار
استراتيجيات قطاعية ملائمة، مع الأخذ بعين الاعتبار التحولات الاجتماعية والسياسية التي تحدث في محيط المغرب وآثار الأزمة الاقتصادية العالمية.
وفي إطار هذه التوجهات، شدد جلالة الملك على ضرورة تركيز الجهود على النهوض بمختلف المجالات الصناعية الواعدة، وخاصة التكنولوجيات الجديدة من خلال تهيئة أقطاب وفضاءات اقتصادية مندمجة ودعم البرامج والمشاريع المندرجة في إطار مخطط المغرب الأخضر، بالإضافة إلى تطوير الشراكة بين القطاعين العام والخاص وفق مقاربة مجددة، مع إحداث الهيأة المغربية للاستثمار، "التي تتوخى تعزيز الاستثمار في مختلف المجالات المنتجة "، وكذلك دعم القطاع السياحي، الذي يشكل رافعة قوية لخلق الثروة وإحداث مناصب للشغل.
ويظل البعد الاجتماعي ضمن الأولويات الكبرى في الرؤية التي رسمها الخطاب الملكي السامي، وذلك بالنظر إلى النتائج الإيجابية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، والتي قرر جلالة الملك تعزيز مبادراتها وتوسيع مجالات تدخلها، دون أن إغفال الآفاق التي يمنحها إحداث نظام المساعدة الطبية لفائدة الفئات المعوزة (راميد)، حيث أعطى جلالته توجيهاته السامية للحكومة من أجل توفير جميع أسباب النجاح لهذا الورش. وهكذا، كان للانشغالات الاجتماعية للمواطنين نصيبا هاما في الخطاب الملكي السامي بالنظر لرهانات البرامج التي تم وضعها في هذا الإطار، وذلك من خلال جعل العنصر البشري الهدف الأساسي للمبادرات التنموية.
وجدد خطاب العرش التأكيد على محددات الدبلوماسية المغربية، القائمة على تفاعلها المثمر مع العالم الخارجي وتشبثها بتعزيز السلام والأمن الدوليين وتشجيع التعاون الدولي في جميع المجالات والدفاع عن القضايا العادلة.
دعا جلالته، الحكومة الى التجاوب مع المتطلبات الاجتماعية للمواطنين، بهدف تحصين القدرات التنموية للمغرب والحفاظ على مصداقيته على الصعيد الدولي.
وأكد، حرص جلالته " على جعل العنصر البشري، وخاصة شبابنا الواعد، في صلب كل المبادرات التنموية وغايتها الاساسية. وهو ما نعمل على تجسيده في مختلف مشاريع وبرامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية". وبعد ما ذكر بما حققته المبادرة الوطنية للتنمية البشرية من نتائج إيجابية في النهوض بالفئات المعوزة وقرار تقوية أنشطتها وتوسيع مجالاتها، دعا جلالة الملك الحكومة إلى توفير شروط تفعيل البرنامج التأهيلي الخامس لهذه المبادرة، الكفيل بسد الخصاص بالمناطق الاكثر هشاشة التي تفتقر إلى التجهيزات الأساسية الضرورية. وأكد جلالة الملك، من جهة أخرى، حرص جلالته القوي على تحقيق الإنصاف ومساعدة الأشخاص الأكثر حرمانا، داعيا الحكومة الى بذل كل الجهود لإنجاح نظام المساعدة الطبية ( راميد) لفائدتهم، من خلال استهداف دقيق للفئات المعنية والتكفل بالخدمات المحددة بطرق مناسبة.
واعتبر جلالته أنه " لجعل هذا النظام يحافظ على هدفه الإنساني، يتعين الحرص على ألا يقع استغلاله من طرف أي توجهات سياسيوية، من شأنها تحريفه عن مساره النبيل،مع ما يترتب على ذلك من إخلال في هذا المجال أو فيما سواه من المجالات الاجتماعية ".
وأكد جلالة الملك أنه سيظل مهتما بانشغالات المواطنين بجميع فئاتهم، حريصا على الوقوف الميداني على ظروف عيشهم والتجاوب مع انتظاراتهم ومصغيا لمشاعر افراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج، " مولين اهتماما خاصا لكافة أفرادها، مشيدين بتعلقهم القوي ببلدهم ووفائهم لهويتهم وبدورهم البناء في تنمية وطنهم الأم ".

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى