الأخبار

تحديات فوق الشعارات

من سمات الشخص العدمي تخبطه خبط عشواء في كل حركاته وسكناته، يجيبك ب “لا” حتى قبل أن تتم كلامك ويرفض كل الأشياء حتى ولو كان تنسجم مع ما كان قد دافع عنه بالأمس القريب، كما أنه يشكك في كل الناس وفي كل النوايا، لأنه حسب اعتقاده – وتلك حالة مرض نفسي- هو وحده من يملك الحقيقة.
ولأن أعراض هذا المرض – وقانا ووقاكم الله منه – لا يسلم منها متطرف في السياسة أو المعتقد الديني، فقد ابتلينا في المغرب ب”كمشة” من الناس أدمنوا على “نقل هبالهم” إلى الشارع نهاية كل أسبوع، غير عابئين بالأشواط الكبيرة التي قطعها المجتمع المغربي خلال الأشهر القليلة الأخيرة، إذ توقف حساب الزمن عندهم عند ما قبل 20 فبراير 2011.
أول من أمس وقبله، خرجوا في مسيرات ميكروسكوبية، رافعين شعارات مغرقة في الصبيانية تجسد ضحالة ما تنتجه المادة الرمادية في أدمغتهم، غير مبالين بالصوت الحقيقي للشعب المغربي الذي قال كلمته الفصل في الفاتح من يوليوز الماضي.
ما علينا، لنمر إلى الجد. الجد يستلزم منا أن يساهم كل منا، من موقع المواطنة في تفعيل مقتضيات التعاقد الاجتماعي الذي قال له المغاربة “نعم” قوية.
إن بلادنا تستعد لانتخابات نيابية نريدها أن تكون نوعية من خلال تأهيل المشهد السياسي عبر مطارحة البرامج وفرز حكومة قوية يمكن أن نسائلها حق المساءلة.
إن المغرب يتقدم، ذلك نصف الكأس الممتلئ، لكن هنالك نصف الكأس الفارغ الذي يطرح تحديات لن نستطيع مواجهتها إلا إذا عوضنا الأنا أو اللامبالاة بالمسؤولية و تغليب “تمغريبيت” فينا.
حان وقت العمل المعقول وولى عصر الشعارات. فلو نطق مغرب اليوم والغد لقال لنا ” لقد أعطيتكم الكثير، فماذا أعطيتموني؟”.

محمد مشهوري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى