الأخبار

بيان المكتب السياسي للحركة الشعبية والنقط على الحروف أي سياسة في زمن “لا السياسيين”؟

أحمد سيبويه

على امتداد مسار نضالها الطويل، المرتبط بملاحم الأمة المغربية وصفحات تاريخها العريق، ومن خلال مشاركاتها المتواصلة في تدبير الشأن العام، والتزامها المتواصل بالمحافظة على هوية وثوابت المملكة المغربية ودفاعها من أجل مغرب متوازن في تنميته وفضاءاته، ومتحرر في قراراته، ووطن ماسك بالنواجد على قيمه ومواصلته نشر إشعاعه كأرض للوسطية والاعتدال والحوار والمثل العليا الإنسانية والحضارة الراقية، حرصت الحركة الشعبية على الإسهام الفعال والمسترسل في بناء صرح الوطن إلى جانب باقي الفاعلين الوطنيين الرصينين الذين أغنوا تاريخ البلاد بالملاحم والمواقف المشرفة، والمنجزات المصيرية والساطعة كحلقات متينة ومرتبطة من البنيان الاقتصادي والاجتماعي والديمقراطي.
هؤلاء الفاعلين اعتبرتهم الحركة الشعبية شركاء في البناء، قبل حلول عهد من ينطبق عليهم الحديث "إذا أسندت الأمور إلى غير أهلها فانتظر الساعة".
لقد ظلت الحركة الشعبية تعمل بصمت ومن منطلق الوطن للجميع، وفي بنائه فليتنافس المتنافسون، دون التدخل في شؤون الغير أو المشاركة في إثارة زوبعة التشكيك العقيم مع الفرقاء والتشويش على ما يحصلون عليه من مكاسب في مختلف الاستشارات الشعبية، أو مناقشة الغير بشأن ما لهم من مناصب تقنوقراطية، ودون توجيه الطعن الإعلامي المجاني أو الإدلاء بالتصريحات المتهورة الفاقدة لكل حجة أو دليل يقدم إلى المؤسسة الدستورية الرقيبة على السلوك الانتخابي.
الحركة الشعبية لا ترمي الآخرين بنعوت لا تؤمن بمصداقيتها وفي غياب الحجة والدليل، ولا تقبل أن يوجه إليها الاتهام بالانحياز وإفساد الحياة الديمقراطية لا لشيء إلا لكونها تتولى حقيبة الداخلية.
إن الحركة الشعبية لا تعوزها أساليب الإثارة والقدرة على نبش سلوكات الآخرين الطافحة بالأخطاء والتجاوزات، أو تفتقر إلى وسائل التصدي والمواجهة، أوفي حاجة إلى "أسلحة الردع"، أوالى الرصيد الكمي والنوعي من المعلومات حول الآخرين، أولا تحسن حرب المواجهات، لكنها اختارت العيش داخل أوراش عملها السياسي وفي عمق ما يشغل المواطن، انطلاقا من نظرة العمق والوطنية، دون مساحيق ملونة، أو أدوار خادعة ومزيفة، ودون التلاعب بمبادئها المدعمة بمرجعيتها وبحمولتها الثرية بالمواقف الوطنية المشرفة والمتفتحة.
لقد اعتبرت الحركة الشعبية، على الدوام، مصالح الوطن العليا فوق أي مصالح سياسية وحزبية أوفئوية. والحركيات والحركيون متشبعون بمدرسة الاتزان ورباطة الجأش، والتحكم في القرارات وإعطاء الوزن للتصريحات، بل وحتى الكلمات، بعيدين عن التناقضات والتنطعات والفلتات المبتذلة، واللعب على الحبلين، سيما إذا تعلق الأمر بمسؤولية المشاركة في تدبير الشأن العام الذي يفرض في من يشارك فيه ألا يكون تلميذا مبتدئا أو متدربا متذبذبا لكون الخطأ المرتكب وعدم الدراية نتيجة الوصول دون عنت الطريق ومشاق النضال، ينعكس على المشهد السياسي مما ويعمق شرخ انعدام الثقة بين المسؤولين والشعب.
مع ذلك، الحركة الشعبية جادة في المحافظة على مصداقية التعايش مع الآخرين وخدمة مصالح الوطن والمواطن ليكون نجاح مسيرة إصلاح وتعزيز الحياة الديمقراطية والحقوقية والاجتماعية التي تعاقد المغاربة على تنفيذها في ظل دستور فاتح يوليوز2011 هي الهدف والقصد الأسمى .
الحركة الشعبية تساهم في إنجاح هذه المسيرة من خلال طاقمها الوزاري وفريقيها بالبرلمان، دون ضجيج ودون حساب الربح والخسارة أمام العمل الوطني، حيث يبقى الربح السياسي الحزبي في المرتبة دون الأولى، وإلا ما هو الربح الحزبي للحركة الشعبية بإدارة حقيبة وزارة الداخلية التي لازالت ذكرياتها تشكل أنشودة ولغط البعض الذي لم يتخلص مما رسمته جهات معادية في تصوراته بصمغ لا يمحى، ولازالت نفس العقليات ونفس الشعارات تسمع رغم التحولات والمتغيرات التي فاجأت البعض وحالت دون تحقيق طموحاته في التحكم والاستحواذ على كل شيء باسم شعارات عفا عنها الزمن.
إن بعض هؤلاء يعلمون، لوجودهم في الحكومة، أن الحركة الشعبية تحملت مسؤولية وزارة الداخلية مع الالتزام بالتضامن الحكومي وميثاق الأغلبية، إسهاما منها في تنزيل المقتضيات الدستورية في نقطة أساسية وحساسة لحسم نقاش ترعرع حول مناصب السيادة، إيذانا بالخراج الداخلية من بوثقة الاحتكار التقنوقراطي وإنهاء تحريم دهاليزها على الأحزاب السياسية.
لقد اعتبرت الحركة الشعبية، بهذه المسؤولية، نفسها في صميم المساهمة في بناء الحياة الديمقراطية، مع ما يحمله المنصب من تضحية سياسية، ونجح أميننا العام الأخ محند العنصر من خلال حضوره الدائم بالبرلمان واللقاءات الدولية في جعل وزارة الداخلية وزارة الشعب. كما تحملت الحركة الشعبية النعوت والتجني الإعلامي ضدها، في تجاهل للحقيقة، حقيقة دفاع الداخلية عن أمن واستقرار الوطن ووقوفها بكل شجاعة ومهنية وإخلاص في وجه تسريب الفتن و تصديها لمحاولات ضرب المكتسبات وزعزعة الاستقرار ونشر الفوضى.
وبفضل منظور الحكومة أصبحت وزارة الداخلية، وزارة اجتماعية، وليست وزارة مطاردة الشعب أو المس بحريته أو قمعه أو مطاردته، بل وزارة مفتوحة على الحوار تعمل بأحكام الشرعية والقانون، مساهمة في التنمية.
نعم أصبحت وزارة الشعب وقراراتها خاضعة للتعليل والمراقبة القضائية، ومع ذلك يحاول البعض طمس معالم هذا البنيان الذي يتجذر يوما بعد يوم، واتهام الوزارة بمساندة مرشحي الحركة الشعبية، وهو اتهام أطلقته" نيران صديقة" للأسف، سيطر على أصحابها جشع سياسي وغرور وهمي بالعظمة والاستعلاء .
وما كان المكتب السياسي للحركة الشعبية ليضع النقط على الحروف في بيانه الأخير لولا تشابه الوضع الذي قال فيه الشاعر: وظلم ذوي القربى "ولوفي الحكومة" أشد مضاضة من الحسام المهند، وقول حكيم اجتماعي "السفيه ينطق بما فيه، أو الإناء يرشح بما فيه".

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى