الأخبار

برنامج الحركة الشعبية بين مفهومي العالم القروي والبادية المغربية

إدريس بنيعقوب:

تساءل عدد من المتتبعين من إعلاميين وباحثين ومهتمين بالبرامج الحزبية لإنتخابات الجماعات الترابية ليوم 4 شتنبر الجاري عن سر التغيير في لغة البرنامج الإنتخابي، في معرض تناوله لما يصطلح عليه بالعالم القروي في بلادنا.
ومن خلال التدقيق في التزامات الحزب بخصوص “العالم القروي”، يتضح أن الحركة الشعبية تبنت مصطلح القرى والبوادي التي ظهرت في وثيقة البرنامج بشكل ثابت وملحوظ بدل مصطلح العالم القروي الذي لم يذكر إلا مرة واحدة في صدر الالتزامات، ليتم التغاضي عنها في كل متون الوثيقة خلافا لجميع البرامج الانتخابية لجميع الأحزاب المشاركة في الإنتخابات، الشيء الذي يعطي تميزا سياسيا للحركة الشعبية له أسبابه وحيثياته الفكرية والسوسيولوجية.
ليس المقام هنا لإعطاء درس علمي بقدر ما هو وقفة لمحاولة إيصال المعنى والغاية من خلال العناصر المنهجية التالية:
أولا: لا ينبغي أن نتناسى أن مفهوم “العالم القروي” هو إنتاج سوسيولوجيا حقبة الحماية الفرنسية، حيث كان البون شاسعا بين العيش في المدن التي عرفت تعميرا يخدم مصالح الدولة المستعمرة وبالتالي انفتاحا ثقافيا على المدنية الغربية “المتحررة” وبين القرى والبوادي التي ظلت تعيش عالمها الأصلي التقليدي ، وكأنها عالم آخر أو حياة على كوكب بعيد لا ينتج إلا “الهمج” وملجأ “للمخربين” في إشارة إلى المقاومة وجيش التحرير.
ثانيا: يعتبر عدد من الحركيين مصطلح “العالم القروي” مصطلحا ذا وجه تحقيري وتمييزي لساكنة مجال ترابي لا يتجزأ من هذا الوطن من شأنه أن يعطي إحساسا بالنقص والدونية لفئات من ساكنة القرى والبوادي المغربية.
ثالثا: تعتبر الحركة الشعبية البادية المغربية بناء اجتماعيا تقليديا يحافظ على القيم المغربية ويجسد خزانا للرأسمال اللامادي وللتراث الثقافي واللغوي وأنه لولا البادية لتلاشت أجزاء من الحضارة المغربية وعلى رأسها اللغة الأمازيغية. في مقابل ذلك يتكامل هذا الدور الطبيعي للبادية مع دور المدينة المجسدة لقيم الإبداع والإنفتاح على الثقافات المختلفة .
أخيرا: لا ينبغي أن نغفل أن البادية المغربية أمدت ومازالت تمد بلادنا بالخيرات الطبيعية وبالكفاءات والعلماء وحفظة القرآن والفنانين وغيرهم كثر من خيرة أبناء هذا الوطن.
هكذا يتجدد منظور الحركة الشعبية للمجال المغربي لينتج خطابا جديدا داخل نسق الإستمرارية، خطاب الملاءمة مع تطور بنيات ووظائف المجتمع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى