برنامج الحركة الشعبيةعندما تنطق التربة المغربية 2/2
إدريس بنيعقوب:
إن السر في وضوح رؤية الحركة الشعبية من خلال برنامجها الإنتخابي الذي تعاطى بشكل دقيق ومحدد وبشجاعة قل نظيرها مع كبريات المشاكل المحلية والجهوية، هو التفاعل مع الذات الوطنية في بعدها المحلي من دون محاولة استرزاق نماذج تنموية غريبة عن التربة المغربية.
معظم الأحزاب ببلادنا لم تكلف نفسها عناء التنقيب عن والحلول من داخل الجسد المغربي، واكتفت بترديد عناوين كبرى من دون إعطاء نماذج لحلول مقترحة من شأنها حل معضلة ما في جهة ما في إطار واقعي وعقلاني.
وعدد من الأحزاب أطنبت في برامج شبه مفصلة وبلغة شبه أكاديمية هي أقرب إلى دروس جامعية موجهة لنخبة معينة منها إلى برامج إنتخابية موجهة إلى عموم المواطنين بفقرائهم وأغنيائهم ومثقفون وأميين و حضر وبدو… وعدد آخر ونظرا لقلة تجربته أو خوفه من إعطاء وعود لن يفي بها لم تكن برامجه سوى مجرد إعلان نوايا ومبادئ عامة، ظنا منه أن الإنتخابات هي فرصة لإعطاء الموعظة الحسنة متناسيا أنها محطة بالغة الأهمية للمشاركة في صناعة و إدارة السياسات العمومية.
إن الإطلاع على البرنامج الحركي يجعل المرء يقف على إحترافية عالية في صياغة هذا التعاقد الشعبي، هذه الحرفية ناتجة عن تراكم للتجارب ومعرفة عميقة بمتطلبات المرحلة ونظرة عقلانية ومعتدلة للحلول المفترضة لرزمة من المشاكل قد تحل أغلبها بتفكيك بعضا منها.
لا يمكن لأحد أن ينكر أن الحركة الشعبية وفقت منذ نشأتها في الإجابة على أسئلة الهوية والمرجعيات بتبنيها للقيم المغربية المتكاملة بين الروحي والوطني والثقافي اللغوي، الشيء الذي أهلها للإجابة عن أسئلة العمل إن على المستوى الترابي أو على مستوى السياسات العامة. لم تتبنى الحركة الشعبية خطابا يستند على مرجعيات أجنبية أو تيارات فكرية واقتصادية غريبة عن الفضاء الثقافي والذهني للمغرب بل نهلت من مشرب الإجماع الذي أقره المغاربة على الرغبة في العيش المشترك.
لذلك كان من الواضح أن برنامج الحركة الشعبية كان برنامجا منسجما مع المجال المغربي متفهما لمتطلبات وانتظارات المغاربة مخاطبا إياهم بلغة القرب متفهما لكبريات المشاكل ومبدعا في تقديم حلول غير مسبوقة بعيدا عن لغة الخشب والمزايدات العقيمة.