الأخبار

انعقاد المجلس الوطني للحركة الشعبية بين الواقع والمنتظر..أية قرارات لامتلاك آليات وشروط انخراط الحركة في رهانات المرحلة ؟

غدا يواصل المجلس الوطني للحركة الشعبية دورته التكميلية المفتوحة، بعد تخصيص اجتماعه السابق لتداعيات أحداث العيون وتفاعلاتها والتي حالت دون مناقشة القضايا الداخلية والوطنية المدرجة في جدول الأعمال،وارتأى مناضلو ومناضلات الحركة الشعبية بالمجلس الوطني جعل ما كان يجري بأقاليمنا الجنوبية فوق أية اعتبارات أو انشغالات أخرى، فأجل المجلس أشغاله، اعتبارا منه لتصدر موضوع الوحدة الترابية كل القضايا.
غدا تتجه أنظار الحركيين والحركيات إلى هذا اللقاء السياسي على مستوى جهاز حزبي خوله القانون الأساسي للحركة الشعبية سلطة التتبع والمناقشة والمحاسبة وإصدار القرارات التنظيمية والسياسية ومتابعة كيفية تنفيذها.
الكل يتطلع وينتظر نوعية ومضمون النقاش و حقيقة الصراحة و التعبير عن المسؤولية المجردة، وما سيناط بالمكتب السياسي من أعمال وأجندة للتنفيذ فيما تبقى من الوقت،وهو لاشك ما سيعبر عنه إخواننا وأخواتنا في مداولاتهم في إعمال للحس السياسي والمسؤولية النضالية وإدراك لدقة الظرفية والمناخ السياسي والاجتماعي والاقتصادي السائد الذي تنعقد فيه هذه الدورة، وهو حافز على رفع مستوى تعبئة الحركة الشعبية وجعلها قادرة على التفاعل مع القضايا الوطنية والإقليمية والدولية الراهنة وجعلها قادرة على امتلاك مقومات الانخراط في الأوراش الراهنة ،و إبراز دورها في المرحلة التي تمر منها بلادنا.
يجتمع المجلس الوطني في ظل مشهد سياسي وطني متناقض ومرتبك ،يتحرك بدون خارطة طريق، أو توجه معقلن أساسه أفكار وتطلعات بنيوية تأخذ بعين الاعتبار المعطيات والتحليلات، وتحدد الأهداف وترسم خطط تحقيق أهداف سياسية تبعد المغرب عن دوامة الارتجال والتخبط في الحسابات الخاصة ، وتتحرك في فلكه أطياف سياسية عارية من أي تلاحم أوتقارب أو توجه حقيقي مع اهتمامات ورغبات الشعب المغيب في قرارات ممثليه من نهاية الانتخابات إلى بدايتها.
ينعقد هذا اللقاء والساحة السياسية تعرف ما يسميه البعض بتحالفات متناقضة في المبادئ والرؤى، تترجم التخبط والعبث، وضعف الثقة المتبادلة بين المكونات السياسية، وخرق مواثيق بين عشية وضحاها ترتب في الصباح وتحل في المساء ،مشهد سياسي لا يطمئن المواطن بل يدعم عزوفه ويعمق أسفه ويوسع لامبالاته ويهز ثقته. جل الأحزاب والجمعيات يتحرك في دوائر تكاد تكون مغلقة وبآليات وأساليب متجاوزة، غالبا ما تعتمد الإقصاء والمحاصرة وغلق منافذ رؤية ما يجري خارجها.
يجتمع المجلس الوطني للحركة الشعبية والتحديات الداخلية والخارجية تتكاثر، تدعم ثقلها أبواق إعلامية خارجية مأجورة ومنحازة إلى طروحات الانفصاليين، ومؤامرات خصوم الوحدة الترابية تزداد تشعبا وتنوعا ممتدة إلى أكثر من محفل دولي بشعارات منتقاة مما فشلنا كسبه وإتقانه،والتحديات الداخلية تتجلى في انتشار مظاهر الانحراف والجريمة واتساع رقعة الفقر وتنامي الاستهتار بمقومات المجتمع واستشراء الفساد والمفسدين للحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، خصوصا الفشل الحاصل على مستوى تسيير المؤسسات المنتخبة المحلية والإقليمية والوطنية و في جعلها في خدمة مصلحة الساكنة.
يأتي هذا اللقاء وبلادنا مستهدفة باستمرار من أجل زعزعة استقرارها ،وإشعال الفتنة بين مكوناتها الاجتماعية تؤكد ذلك المحاكمات المتوالية للخلايا الإرهابية المتناسلة والمتتابعة والمختلفة نوعا وعددا وتصب في اتجاه واحد هو ضرب المغرب وصرفه عن أوراشه وانفتاحه.
المنتظر من أخواتنا وإخواننا الذين يمثلوننا بالمجلس الوطني مباشرة الملفات التنظيمية ومقررات المؤتمر التي ربما لازال البعض منها أوجلها يراوح مكانه منتظرا التفعيل على مستوى الهيكلة الإدارية والسياسية من أجل تعزيز الوجود الحركي بالأقاليم والجهات،وإعطاء انطلاقة تجديد وفتح المكاتب المحلية والإقليمية والجهوية،وإعداد برمجة للتواصل مع الحركيين والوقوف في عين المكان على انشغالاتهم وتحريك المنظمات والجمعيات الموازية،ولاسيما أن بلادنا على أبواب انتخابات 2012 التشريعية التي تتطابق المؤشرات على أنها ستشكل منعطفا يجري التحضير له على قدم وساق من خلال الترحال السياسي وترتيب الأوراق ورسم الخارطة السياسية جعلت الفاعلين يبحثون عن الخيوط والإجابات وتقدير انعكاسات ذلك على مصير الأحزاب. والحركة الشعبية ذات الحمولة التاريخية والمرجعية الوطنية لابد أن تفكر في وسائل المحافظة على قوة الذات والاعتماد على النفس .
المجلس الوطني مطالب بقراءة متأنية للمعطيات ووضع الترتيبات وإقرار التنظيمات، والتركيز على المصالح الحيوية للحركة خلال النقاش بدل الاكتفاء بإثارة مواضيع لاعلاقة لها بالمصالح الحيوية للحركة الشعبية . المنتظر التركيز على تحديد رأي الهيئة في مدونة الانتخابات فيما يخص أسلوب الاقتراع والعتبة والتقطيع الانتخابي وإشكالية اللوائح الانتخابية والهيئة المشرفة على نزاهة الانتخابات.
المجلس الوطني مطالب بالتزام الصراحة والواقعية والشجاعة في قراراته ، سواء ما تعلق بقضايا الوطن أو التنظيم الحزبي،مع ترسيخ القناعات المتوفرة لدى المناضلين.
وأخيرا يأتي هذا اللقاء في خضم معركة الشرف ، معركة البناء، معركة التنمية وتدارك الخصاص من خلال الأوراش الملكية الكبرى المتواصلة التي يخوضها جلالة الملك في مختلف ربوع المملكة، والتي جعلت الخصوم الإقليميين والدوليين المجاورين يعطونها حساباتها، ويقدرون مفعولها على المنطقة ،وبالتوازي يخوض المغرب واجهة طي ملف الوحدة الترابية من خلال اقتناع المنتظم الدولي بمبادرة الحكم الذاتي في إطار جهوية موسعة تحت السيادة الوطنية ووفق المعايير المتعارف عليها عالميا.

عبد الرحمان بوحفص

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى