الأخبار

المغرب والتحولات الجيوسياسية الدولية

المنطقة المغاربية اليوم لم ولن تكون كما كانت عليه قبل 14 دجنبر 2010. فمنذ ذلك الوقت ثمة تغيير قوي برز في المنطقة: سقوط أنظمة كانت مصنفة بالاستبدادية والسلطوية سقطت. فمن تونس مرورا بمصر ووصولا إلى نظام معمر القدافي، لم تكن المنطقة إلا حبيسة وسجينة صراعات إيديولوجية، في حقيقة الأمر كانت بالأجدر ان تعرف اندحارا بسقوط برلين.
اليوم، وبعد سقوط نظام القذافي، وفي نظري الخاص، قد تعيش المنطقة حالة من الارتياب والتردد السياسي. القذافي مباشرة بعد اندلاع الاحتجاجات الليبية ضد نظامه لم يتوانى عن شراء أسلحة خفيفة بقيمه تقدر بأكثر من 8 مليار دولار.
حالة اللاإستقرار التي عرفتها الساحة الليبية إبان المواجهات ، جعلت مجموعة من الجماعات الإرهابية وكذا جماعات التهريب والاتجار في المخدرات تستغل الفرصة وتقوم بالاستفادة من الوضع بشراء أسلحة وتهريبها إلى دول الساحل الإفريقي وجنوب الصحراء.
التصعيد الأخير بين القوات الكينية ودخولها الأراضي الصومالية لمطاردة الخطر المحدق بها من الجماعة الإرهابية الصومالية المعروفة ب”الشباب المجاهد ” لدليل على أن الوضع مرشح للتصعيد في مناطق أخرى كالسودان وجنوب السودان وحتى شمال مالي.
الوضع العالمي اليوم، على المستويين السياسي والاقتصادي، يعرف تحولات قوية قد تغير، لا محالة من الخريطة الجيوسياسية الدولية.
المنطقة المغاربية ونظرا للحراك الذي عرفته مؤخرا أصبحت هدفا لقوى سياسية ناعمة. فالمد التركي الذي يسير بخطة إستراتيجية حثيثة لجعل مجموعة من الدول المغاربية تحت مظلته الأيديولوجية ، ليس غريبا. التواجد التركي في المنطقة المغاربية يؤسس اليوم على أساس قراءة متأنية للأوضاع السياسية الداخلية لبلدان المنطقة.
التطورات السياسية الجديدة في تونس، مصر وليبيا والتي من المرشح أن تكون دول مختبر لتوجه سياسي جديد لا بد أن تقرأ بشكل متأن، خاصة مع وجود قوى كالصين التي لن تسمح بتهميشها وتهميش رؤيتها الاستثمارية في المنطقة.
الحالة الاقتصادية الأوروبية والتي تعيش على رحمة القرار الصيني المحتمل بضخ ما يناهز أكثر من 150 مليون دولار لإنقاذ العملة الأوروبية، ستكون بدون شك رهينة بالرغبة بمدى التجاوب الغربي مع أمل الصين في دخول المنظمة العالمية للتجارة، بل أكثر من ذلك على عدم المس بالمصالح المستقبلية للصين في المنطقة المغاربية.
كل هذه التحولات، زيادة على وجود خطر الإرهاب في المنطقة، يدفع المغرب إلى ضرورة ملحة لقراءة الخيوط السياسية في المنطقة بدون إغفال التحولات التي من المرشح أن تعرفها منطقة الشرق الأوسط.
في ظل عالم عربي على صفيح ساخن، أبان المغرب على أنه يشكل الاستثناء بوجود مؤسسات قوية ومجتمع مدني فاعل داخل المشهد السياسي، الذي يكرسه مبدأ الإجماع / التوافق حول الثوابت المؤسسة والضامنة للاستقرار المغرب.
الرهان اليوم هو تقوية الصفوف الداخلية ليكون المشهد السياسي المغربي في مستوى التحولات التي يعرفها العالم.
الوضع المتقدم ثم انضمام المغرب إلى مجلس التعاون الخليجي، زيادة على انتخاب المغرب بأغلبية ساحقة كعضو غير دائم في مجلس الأمن دليل على الثقة التي يحظى بها المغرب على المستوى الدولي والتي هي في الحقيقة تكرس الاستثناء المغربي.

د. الشرقاوي الروداني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى