الأخبار

التقرير السياسي

التقرير السياسي للمرحلة الفاصلة بين المؤتمر الوطني العاشر والمؤتمر الحالي

السيد رئيس الحركة الشعبية

السيد نائب الأمـــين العام

السيدات والسادة أعضاء المكتب السياسي

السيدات والسادة البرلمــانيون

إخواني أخواتي المؤتمرين والمؤتمرات

يشرفني أن أتناول الكلمة مجددا في هذه الجلسة العامة لأعرض عليكم الخطوط العريضة للتقرير السياسي للمرحلة الفاصلة بين المؤتمر الوطني العاشر والمؤتمر الحالي وذلك بناء على مقتضيات المادة 15 من النظام الأساسي للحركة الشعبية.

وأود في البداية أن أنوه بكافة المؤتمرين والمؤتمرات على مساهمتكم الفعالة والمتميزة في إنجاح الجلسة الافتتاحية لمؤتمرنا هذا، وهو سلوك عهدناه في أبناء المدرسة الحركية بجوهرها الوطني الصادق وعمقها الشعبي الأصيل. تلكم المدرسة التي تعملنا فيها جميعا قيم التضحية والانضباط ونكران الذات وروح المسؤولية.

إخواني أخواتي

من الصعب إختزال أربع سنوات من تاريخ هيئة من حجم الحركة الشعبية الممتد على مدى أكثر من نصف قرن من النضال الهادف والتضحيات الجسام. وعليه، فإننا سنقتصر على سرد أهــم ما ميز هذه  المرحلة على المستوى السياسي والمستوى التنظيمي ولن أكرر ما تناولته في الجلسة الافتتاح.

لقد شكلت محطة 24 و 25 مارس 2006 المتمثلة في المؤتمر الاندماجي لحظة تاريخية بكل المقاييس في مسار حركتنا، هذه المحطة التي أعادت جمع أبناء العائلة الحركية. وشكل عملا جبارا بصم المشهد السياسي الوطني من خلال رسالة حركية جديدة أسست لرهان القطبية السياسية، بعد أن كانت الحركة وراء إقرار التعددية السياسية منذ فجر الاستقلال. إنه بالفعل عمل وإنجاز عظيم لم يكن ليرى النور لولا إرادة كافة الحركيين وتضحياتهم وتنازلاتهم قاعدة وقيادة، محليا ووطنيا.

لقد عزف أزيد من 8000 حركية وحركي نشيد الوحدة والاندماج في هذه القاعة بالذات، واخترنا جميعا تدبيرا توافقيا في بناء هياكلنا الوطنية وفي اتخاذ القرار السياسي الحركي إيمانا منا أن نبل الهدف أكبر من كل حساب، وقناعة  منا أن الاندماج خيار استراتيجي لا رجعة فيه لأنه في صالح الحركة وفي صالح المستقبل السياسي لبلادنا.

إخواني أخواتي،

بعد إنجاح المحطة الاندماجية وما ترتب عنها من تدابير تنظيمية، كان علينا أن نواجه أول امتحان سياسي تمثل في تجديد  ثلث مجلس المستشارين في شتنبر 2006 والذي دبرناه على مستوى الهياكل التقريرية والتنفيذية بمقاربة توافقية كلفتنا فقدان بعض المناضلين بسبب الانتقال من ثلاث تزكيات الى تزكية واحدة. ورغم ذلك حققت الحركة الشعبية نتيجة مشرفة  جعلتنا في مقدمة الأحزاب الفائزة في هذا الاستحقاق بفضل مجهوداتكم ونضالاتكم. بعد ذلك مباشرة كان علينا أن ننخرط في الاستعداد لانتخاب أعضاء مجلس النواب في شتنبر 2007، فوجدنا أنفسنا  أمام جبهتين:

تتمثل الأولى في المساهمة في مراجعة القوانين المنظمة لهذا الاستحقاق حيث قمنا بواجبنا في هذا الإطار إن على المستوى الحكومي أو على مستوى البرلمان بغرفتيه، وهو مجهود لابد أن نشكر عليه أعضاء الفريقين بالبرلمان وأطر الحزب.

أما الجبهة الثانية فتتجلى مرة أخرى في تدبير التزكيات وخلق توافقات محلية قصد الخروج من  هذا الاستحقاق بأقل الخسائر الممكنة نظرا لاستحالة الاستجابة الى كافة الرغبات والطموحات المعبر عنها والتي  تبقى مشروعة، مع العلم أن كافة القرارات يتم اتخاذها كما هو الشأن في مختلف القضايا الحزبية، بصفة  جماعية وديمقراطية على مستوى الهياكل التقريرية والتنفيذية. مستحضرين ما يستلزمه هذا الإعداد من إجراءات تنظيمية وتدابير لوجستيكية وإعلامية وإشعاعية في مختلف جهات المملكة، وهو ما بذلت فيه مجهودات جبارة مركزيا ومحليا أهلتنا للحفاظ على مكانتنا ضمن الأحزاب الكبرى باحتلال الحركة الشعبية المرتبة الثانية ضمن الأغلبية الحكومية والمرتبة الثالثة على المستوى الوطني.

إخواني أخواتي

بناء على هذه النتائج واعتبارا لكوننا أحد المكونات الأساسية التي ساهمت في بناء التناوب التوافقي منذ 1998 وشاركنا في ترسيخ هذا المسار بعد ذلك، لهذا كان من الطبيعي أن نشارك في حكومة 2007  بموجب المنهجية الديمقراطية التي أسس لها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله بتعيينه للوزير الأول من الحزب الذي أحتل المرتبة الأولى.

وبناء عليه تلقينا عرضا للمشاركة في الحكومة من الوزير الأول معين وافق عليه المكتب السياسي بإجماع أعضائه موافقة مبدئية، وتقدمنا باقتراحات تهم حجم المشاركة الحركية والهيكلة القطاعية للحكومة والبرنامج الحكومي وهو ما لم نتلقى عليه جوابا وقتئذ الى أن فوجئنا بعرض للسيد الوزير الأول لم يراعي فيه وزن الحركة الشعبية السياسي والانتخابي ولم تحترم فيه المنهجية الديمقراطية. عرض رفضه المكتب السياسي وتقدمت الحركة باقتراح جديد إلى السيد الوزير الأول لم نتلق عليه جوابا الى حين الإعلان عن تشكيل الحكومة.

وإزاء هذه الوضعية التي لا تتحمل فيها الحركة أية مسؤولية واحتراما لوزن الحركة وحقها المشروع في تبوء المكانة اللائقة بها اخترنا خدمة الوطن من موقع المعارضة البناءة والتوجيهية حيث أكدنا حينها أن موقفنا لا يمليه الموقع حيث كنا نساند ما هو إيجابي وننتقد ما هو سلبي لأننا من صناع أوراش وبرامج الحكومة، إذ كنا نعارض وثيرة الإنجاز ومناطق الظل التي لم يتناولها التصريح الحكومي. إلا أنه في أواخر شهر يونيو الماضي تلقينا عرضا للمشاركة في الحكومة، وبعد نقاشات مستفيضة خاضها المكتب السياسي حول هذه المسألة، وإحاطته بكل ما قد يترتب عن قرار المشاركة من عدمها، وأخذه بعين الاعتبار تجديد جلالة الملك ثقته في الوزير الأول ودعمه نصره الله للحكومة في الوقت الذي فقدت فيه الحكومة الأغلبية الضامنة لاستمرارها، وبعد الوقوف على دواعي اختيار الحركة الشعبية دون غيرها من أحزاب المعارضة، قرر المكتب السياسي المشاركة في الحكومة. هذه المشاركة التي تعتبر نوعية وما فوق قطاعية والتي أكدنا من خلالها أن الحركة الشعبية تنتصر للكيف قبل الكم وللنوع قبل الدرجة وللمغرب قبل الحزب وتنتصر لمصلحة الوطن والمواطنين، وتلكم رسالة أخرى اكدت من خلالها الحركة الشعبية أنها لازمة بنيوية في المشهد السياسي الوطني.

إخواني أخواتي

وبموازاة التحديات السياسية التي واجهتها الحركة كان الهاجس التنظيمي للحركة  حاضرا بقوة في برامجنا وأولوياتنا منذ المؤتمر الاندماجي إيمانا منا أن الحركة الشعبية فكرة قوية لكنها تعيش خصاصا تنظيميا نتقاسم فيه المسؤولية جميعا لاعتبارات ذاتية وموضوعية، وهو ما عملنا طيلة المرحلة السابقة على تداركه.

وفي هذا الإطار أطلقنا عملية بطاقتي منذ 2008  بهدف تحديد المنخرطين في الحزب من خلال  تمكينهم من بطاقة تحدد عضويتهم بما تستلزمه من حقوق وواجبات وذلك بهدف أسمى يمكننا من تحديد القاعدة الناخبة محليا ووطنيا يجعل انتخاب مختلف الهياكل محليا إقليميا وجهويا ووطنيا تمرينا ديمقراطيا عاديا وشفافا. إلا أن هذه العملية لم تحقق النجاح المنتظر منها لخصوصية المرحلية وطابعها التوافقي ولاعتبارات سوسيو ثقافية وتاريخية، ومع ذلك هناك بعض الأقاليم التي تجاوبت مع هذه العملية واستطاعت بناء تنظيمات محلية وإقليمية  وهو ما سهل عليها تدبير شؤونها الانتخابية والتنظيمية وكذا انتداب المؤتمرين الحاضرين معنا اليوم وهي فلسفة تنظيمية نسعى إلى ترسيخها في قوانيننا وخطنا السياسي انطلاقا من هذه المحطة.

إخواني أخواتي

حرصا دائما على مكانة الحركة الشعبية وتقديرا لوزنها السياسي والانتخابي وعلى إثر شغور منصب رئيس مجلس المستشارين بوفاة  المرحوم مصطفى عكاشة تقدمنا بمرشحنا  من موقع المعارضة لمنصب رئاسة مجلس المستشارين في شخص الأخ محمد فضيلي، وبالرغم من عدم فوزنا بهذا المقعد الذي نستحقه فقد أبان فريقنا بمجلس المستشارين عن التزامه وانضباطه للقرار الحزبي وهي ميـزة لا مسناها في كل استحقاق.

وعلى امتداد خمسة أشهر شهدت بلادنا خلال السنة الماضية، مسلسلا  انتخابيا طويلا، جرت أطواره في ظل قوانين انتخابية أقرتها الأغلبية، رغم ما يعتريها من اختلالات ونواقص، وأكدنا من موقع المعارضة وإن لم تؤخذ مقترحاتنا بعين الاعتبار ، على ضرورة إدخال تعديلات على مدونة الانتخابات تراعي تجاوز تلك الاختلالات والنواقص، كما شددنا على أهمية العودة إلى نظام الاقتراع الأحادي الاسمي وهو ما تمت الاستجابة له جزئيا باعتماده في الوسط القروي والاكتفاء باعتماد نظام اللائحة في المدن.

لقد سجلنا كذلك استمرار واقع البلقنة في المشهد السياسي، بحيث لم يفلح قانون الأحزاب في التشجيع على تأسيس اتحادات بين مكونات العائلة الحزبية الواحدة، على غرار اندماج المكونات الحركية ولم ينجح كذلك في الحد من استفحال ظاهرة الترحال السياسي.

هذه العوامل ساهمت للأسف في إرباك الناخبين وتشتيت أصواتهم الانتخابية بشكل لم يساعد على إفراز خريطة سياسية واضحة يمكن على أساسها عقد تحالفات موضوعية أثناء تشكيل مكاتب مجالس الجماعية المحلية.

وإذا أضفنا إلى تلك العوامل تموقع الحزب إبان الانتخابات الجماعية في المعارضة، وظهور حزب الأصالة والمعاصرة والتحاق بعض البرلمانيين به مما أدى إلى نوع من الارتباك وزعزعة الثقة لدى بعض المناضلين والتشكيك في جدوى الاندماج الحركي الذي يعد هدفا نبيلا وخيارا إستراتيجيا، فإن النتائج التي حصلنا عليها وإن لم تكن في مستوى طموحاتنا فهي تعبر مع ذلك عن تجذر الحركة الشعبية في مختلف المناطق والجهات.

ونظرا للطابع المحلي للانتخابات الجماعية وما يميزها من خصوصيات تختلف حسب المناطق، لم يكن ممكنا عقد تحالفات قبلية، وكيفما كان الحال فقد  لاحظتم  تحسن نتائج الحركة الشعبية خلال انتخاب مكاتب مجالس العمالات والأقاليم وتجديد ثلث مجلس المستشارين بحيث حصلنا على نتائج مشرفة أعادت الاعتبار للحزب.

وخلال الدخول البرلماني، وعكس ما كان يراهن عليه البعض من انهيار الأجهزة الحزبية، حافظت الحركة الشعبية على تماسك فريقيها، وأثبتت مناعتها التنظيمية كقوة سياسية فاعلة ومؤثرة.

واعتبار للتنسيق الذي أسسنا له مع حزب الأصالة والمعاصرة في إطار مشروع التحالف الاستراتيجي بين الحزبين منذ الاستحقاقات الجماعية وما بني عليها، فقد ساند فريقنا بمجلس المستشارين ترشيح الدكتور بيد الله لرئاسة المجلس انسجاما مع التنسيق السابق بين الهيئتين.

إخواني أخواتي:

إن الواقعية السياسية تقتضي أن نقوم بتشخيص موضوعي يقيس المنجزات الإيجابية التي ليست قليلة على كل حال، وكذا رصد الاختلالات والتعثرات التي واجهتنا في طريقنا خلال هذه المرحلة.

فانطلاقا من فلسفة الاندماج المبنية على المنطق التوافقي وحجم الاستحقاقات التي اجتزناها فقد ركزنا على التدبير المركزي بشكل كبير ووقعنا في نوع من التقصير في تدبير الشؤون المحلية للحركة الشعبية، كما أن حرب المواقع والطموح المشروع ظل تحديا مطروحا علينا في إدارة القرار السياسي، يضاف إلى ذلك ضعف المبادرة التنظيمية  خاصة على المستوى المحلي  مما خلق نوعا من القطيعة بين القاعدة والمركز وفتح المجال لإختراق صفوف الحركة واستقطاب بعض فعالياتها وأطرها وأعيانها خاصة بتزايد الشركاء السياسيين القدامى والجدد الذين فرض علينا أن نتقاسم معهم  الخريطة السياسية والانتخابية التقليدية للحركة الشعبية، وهو ما أثر على النتائج الانتخابية وحجم التأطير السياسي في المعاقل الحركية التاريخية.

إن العجز التنظيمي والتأطيري المسجل لا يرتبط بخيار الاندماج ولا بإعادة بناء الوحدة الحركية ولكن يعود بالأساس الى تقصير  جماعي في حل المشاكل الإجرائية المترتبة عن هذا الخيار الجوهري والنبيل، وبعبارة أدق فإن الاندماج بريئ مما ينسب له ومن الفهم المغلوط الذي روجت له الدعاية الإعلامية، مع العلم أننا جميعا واعون بصعوبة الحفاظ في ضوء هذا المسار الوحدوي على وزننا الكمي لما كنا ثلاثة أحزاب، وبأن قناعتنا الجماعية هي المراهنة على تحويل قوتنا العددية الى قوة وازنة كيفا ونوعا، مدركين في هذا الإطار أن المواقع تفقد وتعود. ويبقى الأهم أننا اليوم موحدون وملتفون حول  إطارنا الحركي الذي ظل وسيظل حاجة مجتمعية  ورقما أساسيا في المعادلة السياسية الوطنية.

إخواني أخواتي

وعيا بهذه النواقص، وسعيا  لتداركها إنطلقنا منذ نهاية 2009 وبداية 2010 في تحضير المؤتمر الوطني الحادي عشر الذي نلتقي فيه اليوم، هذا العمل التحضيري الذي أعطت اللجنة المركزية إنطلاقته في إجتماعها المنعقد ببوزنيقة يوم 19 دجنبر 2009  من خلال قرارها القاضي بتكوين لجنة تحضيرية للمؤتمر وفق معايير تراعي تمثيلية الهياكل التقريرية والتنفيذية والشباب والمرأة وأطر الحزب وفعالياته المحلية والإقليمية، وهو ما حرص المكتب السياسي على تنفيذه  من خلال تكوين اللجنة التحضيرية والتي ضمت 150 عضوا موزعة على خمسة لجن تسهر على انتداب المؤتمرين وتعديل النظام الأساسي وتحيين الأرضية السياسية والبرامج وبلورة إستراتيجية إعلامية الى جانب التحضير اللوجستيكي والمادي والتنظيمي لإنجاح المؤتمر الوطني.

وبالفعل فقد قامت اللجن بعمل جبار أسس لهذه المحطة كمنطلق لمرحلة جديدة  وبأسلوب ديمقراطي رسخته اللجن في انتخاب مكاتبها بصناديق الاقتراع وبالمشاريع التي ستعرض على أنظاركم لمناقشتها والمصادقة عليها في اللجن التي سيتم تشكيلها خلال هذا المؤتمر، وهي وثائق تنطلق من أهداف إستراتيجية تتمثل في تقوية هياكل الحزب وتوزيع إختصاصاتها بشكل يمكن كافة الحركيين من المساهمة في صناعة القرار السياسي الحركي، وجعل التنظيم المحلي قاعدة لتدبير شؤون الحركة من خلال وضع قواعد واضحة للانخراط في الحزب وذلك  بغية جعل بطاقة العضوية مصدرا للقرار ومرجعا  لتحديد القاعدة الناخبة داخل الحزب في كل الهياكل وفي اتخاذ جميع القرارات ، كما أن فلسفة المشاريع التي أعدتها اللجنة التحضيرية تنطلق من ترسيخ الممارسة الديمقراطية داخل الحزب  من خلال التأكيد على اعتماد صناديق الاقتراع لانتخاب جميع الهياكل محليا ووطنيا الى جانب تعميق الوحدة الاندماجية بإنهاء الانتقال الديمقراطي داخل الحزب وإنهاء النهج التوافقي في تكوين  الهياكل واتخاذ القرارات من خلال حركة قوية  بمؤسساتها. ولا يسعنا في هذا الإطار إلا أن نتوجه باسمكم  جميعا بالشكر الجزيل الى كافة أعضاء اللجنة التحضيرية رئيسا ومنسقين ومكاتب وأعضاء والى كافة الحركيين على مساهمتهم الفعالة في إنجاح هذا العمل التحضيري والذي أوصلنا اليوم الى هذه المحطة الهامة والتي ستؤسس  بلا شك لمستقبل الحركة الشعبية برهان أساسي لجعلها  تحتل المكانة اللائقة بها في المربع السياسي في أفق الاستحقاقات المقبلة.

لا يمكن كذلك أن ننسى التنويه بالعمل القيم الذي قام به الحركيون في الأقاليم من خلال  تنظيم  مؤتمرات محلية وإقليمية لانتخاب وإنتداب المؤتمرين وفق القواعد التي حددتها اللجنة التحضيرية.

إخواني أخواتي،

إلى جانب هيكلة وتنظيم الحزب ، تميزت المرحلة كذلك بتأسيس الجامعة الشعبية باعتبارها فضاء للحوار والنقاش وتبادل الآراء والأفكار، وقد عملت على تنظيم عدة دورات  وهكذا، فبعد أن خصصت الجامعة الشعبية دورتها الأولى لدراسة مضامين وأبعاد فلسفة الاندماج الحركي ودورتها الثانية للإصلاحات الكبرى بالمغرب ثم دورتها الثالثة حول الأمازيغية والمشروع المجتمعي الديمقراطي التنموي، وهي الدورة التي تزامنت مع تواجد حزبنا في المعارضة كما ارتأت الحركة أن تخصص الدورة الرابعة للجامعة حول الرهان الجديد للأمازيغية: أية مكاسب؟ لأي مستقبل؟ بعد دخولها للحكومة، كرسالة منها انها لا تتعامل مع هذه القضية الوطنية التي تعد من أولوياتها بمنطق سياسوي ضيق.

لا يفوتني كذلك التنويه بالمجهودات الجبارة للشبيبة الحركية التي عقدت مؤتمرها التأسيسي النوعي خلال سنة 2008 وما تلاه من أنشطة متميزة وطنيا ودوليا تجعلنا مطمئنين لوجود نخبة شابة، مؤهلة وقادرة على حمل مشعل الحركة الشعبية في المستقبل.

ولعل ما يعطي للشبيبة الحركية طابع التفرد والتميز هو الصيغة التي اعتمدتها في تواصلها مع الشباب المغربي، بتلقائية غير معهودة من خلال قافلتها التي جابت بعض المدن المغربية واختيارها لأسلوب ترك الكلمة للشباب للتعبير عن تطلعاته  وإنشغالاته بحرية تامة، وطرح أسئلة تعبر بكل المقاييس عن واقعه كما هو. وهو عمل مكن الشبيبة الحركية من احتلال موقع متميز ومتقدم داخل الفضاء الشبابي الحزبي والمدني.

والشيء نفسه ينطبق على جمعية الإتحاد النسائي الحركي التي كان برنامجها السنوي حافلا بالأنشطة والدورات التكوينية التي عقدتها في مختلف جهات المملكة، وسجلت حضورا ملحوظا خلال الاستحقاقات الانتخابية التي عرفتها بلادنا، مما جعل الجمعية تعطي قيمة مضافة لحركتنا، إلى جانب تعزيزها للدبلوماسية الحزبية من خلال مشاركتها الفعالة في عدة محافل دولية.

إخواني وأخواتي

لابد كذلك أن ننوه بالعمل الدؤوب والهام الذي بذله ويبذله أعضاء الفريقين البرلمانيين للحركة من خلال عملهم التشريعي والرقابي والدبلوماسي وكذا حرصهم الشديد  على ترجمة الخط السياسي للحركة  والتعريف بمواقفها في مختلف المناسبات، فكانوا بالفعل دراعا قويا للحركة داخل المؤسسة التشريعية وفي دوائرهم بالأقاليم وعملهم داخل مؤسسات الحزب.

أخواتي إخواني:

قبل الختام لا بد أن نتوقف عند مستجدات قضية وحدتنا الترابية، المتمثلة في النجاح المتواصل للمبادرة المغربية الهادفة إلى إقامة حكم ذاتي في إطار الجهوية الموسعة والسيادة المغربية. وهي مبادرة أحرجت خصوم وحدتنا الترابية وقلصت مجال المناورة لديهم. مما جعلهم يلعبون آخر أوراقهم، وبرهانا قاطعا على أن مبادرة الحكم الذاتي التي أطلقها المغرب قد أسقطت القناع عن من كان إلى وقت قريب يدعي قولا أنه غير معني بقضية الصحراء المغربية، ولكنه يعمل فعليا على معاكسة وحدتنا الترابية في كل المحافل الدولية. أسقطت القناع أيضا عن كل من كان يتظاهر بالدفاع عن حقوق الإنسان وهو لا يحترمها في بلده ، وكيفما كانت مناوراتهم فإن المغرب في أرضه ومسيرته التنموية لن تتوقف. بل سيستمر في تعزيز ترسيخ دولة الحق والقانون وإشعاع ثقافة حقوق الإنسان وإطلاق المبادرات في كل المجالات الحقوقية والتنموية بمشاركة كل أبناء الوطن من طنجة إلى لكويرة في إطار جهوية موسعة تعزز الوحدة الترابية و الوطنية. أما الضجة المفتعلة بين الفينة والأخرى فهي بمثابة سحابة صيف عابرة لن تنال في شيء من الإجماع الوطني وتماسك الجبهة الداخلية، ولن تشوش على مسيرة بلد عظيم من حجم المغرب الآمن والمطمئن والمتمسك دوما وأبدا بثوابته ومقدساته، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده .

إخواني أخواتي،

ما أردت إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله .

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى