الأخبار

أنشودة الجبل

محمد مشهوري: يقال، والله أعلم، أن أبناء المناطق الجبلية البعيدة عن البحر، يعانون من نقص في مادة اليود، ولذلك تختل عندهم الغدة الدرقية وتعتريهم نوبات الغضب عند سماع أدنى كلمة تخدش مشاعرهم. قد يكون هذا التفسير "العلمي" صحيحا، لكنه ليس العامل الوحيد المفسر لحساسية أبناء الجبل، بل هنالك عوامل أخرى مرتبطة بالبيئة الجبلية القاسية التي تزرع في أبنائها قيم الشموخ والإباء منذ الصغر. أبناء الجيل أنوفهم في الأعالي وعيونهم ترمق السماء والنجوم في ليالي البرد كما الرمضاء، ولا يخفضون النظر خوفا أو جبنا، بل لاحتشام وتقدير لكبار السن وللنساء، لذلك تراهم، في المدن والحواضر، متضايقون من "حضارة" مصطنعة، من تجلياتها الزيف والرياء والتباهي بالمظاهر الخادعة. أبناء الجبل لا ينسون أبدا تضحيات أبائهم، ومعاناتهم هم أيضا من أجل التعليم كوسيلة وحيدة للترقي الاجتماعي، كما لاينسون أن مهنة الرعي التي أصبحت مسبة في شوارعنا، كانت ولا تزال رصيد من يستحقون فعلا الانتساب إلى الجبل. في ذكر الجبل يعجبني التعبير عن العناد "طالع للجبل"، كما لا تتوقف عن الرنين في مسامعي أنشودة الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي: ومن لا يحب صعود الجبال… يعش ابد الدهر بين الحفر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى