عقد المجلس الوطني لحزب الحركة الشعبية دورته الرابعة بمدينة إفران يوم السبت 21 دجنبر 2024، برئاسة عادل السباعي رئيس المجلس، تحت شعار” شركاء في المجتمع، شركاء في خدمة الوطن”.
وقد تميزت أشغال هذه الدورة بالتقرير السياسي المفصل لمحمد والزين الأمين العام للحزب، وكلمة كل من ادريس السنتيسي رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، وامبارك السباعي رئيس الفريق الحركي بمجلس المستشارين.
كما عرفت هذه الدورة المصادقة على القانون الداخلي للحزب، وانتخاب أعضاء اللجن الدائمة للحزب، والدراسة والمصادقة على انخراط فعاليات وكفاءات التكتل الديمقراطي المغربي في حزب الحركة الشعبية.
وبعد نقاش هام ومستفيض، فإن المجلس الوطني للحركة الشعبية يؤكد على ما يلي:
أولا: اعتزازه بالدينامية السياسية والدبلوماسية التي يعرفها ملف وحدتنا الترابية، وبالمكاسب والإنجازات التي تحققت بفضل الرؤية السديدة والحكيمة والمتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، حيث انتقلت مسألة قضيتنا الأولى من مرحلة التدبير إلى مرحلة التغيير التي طبعها الحسم النهائي بعد النجاحات التي تحققت، والاعترافات التي تعاقبت لدول وازنة، وسحب اعترافات سابقة لعدد من الدول الأخرى بهذا الكيان الوهمي المصطنع، وهي رسالة واضحة لخصوم الوطن، ولبعض معاولهم الداخلية التي تحاول التغريد خارج الإجماع الوطني وفق نظرية خالف تعرف.
وإذ يعلن أعضاء المجلس الوطني تعبئتهم المتواصلة وتجندهم الدائم وراء جلالة الملك حفظه الله لتعزيز المكتسبات وتحقيق تطلعات الشعب المغربي، فإنهم يثمنون المقاربة المعتمدة بهذا الخصوص والتي توازي بين المجهود الدبلوماسي الاستباقي، وبين ترسيخ النموذج التنموي لأقاليمنا الجنوبية، المشفوع بقرارات مجلس الأمن التي تنتصر للشرعية وآخرها القرار رقم 2756 الصادر عن مجلس الأمن بتاريخ 31 أكتوبر 2024، الذي جدد التأكيد على ضرورة الحل السياسي القائم على الواقعية التي تجسدها مبادرة الحكم الذاتي.
ثانيا: يعلن المجلس الوطني تضامنه المطلق مع نضالات الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، مجددا إدانته للجرائم البشعة التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي. كما يعبر عن إشادته بالمجهودات التي يقوم بها جلالة الملك في الدفاع عن الفلسطينيين وتقديم المساعدات وكل مستلزمات الحياة لإخواننا في قطاع غزة. كما يعرب المجلس الوطني عن قلقه جراء التهديدات التي يتعرض لها اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان بفعل الاستفزازات المتكررة للكيان الصهيوني.
وبنفس الحرص، يؤكد المجلس الوطني تضامنه مع الشعب السوري المتطلع نحو مستقبل آمن ومستقر تسوده الديمقراطية والعيش الكريم، كما يثمن دعم ومساندة المملكة المغربية للأطراف الليبيين من أجل التوصل إلى تسوية سياسية بهذا البلد الشقيق.
ثالثا: على مستوى السياسة الداخلية، يسجل المجلس الوطني بأن الزمن الحكومي أخفق عمليا في التجاوب مع التحديات والانتظارات المطروحة، بحيث أن التعهدات والالتزامات التي قطعتها الحكومة على أنفسها أمام المواطنين وأمام البرلمان بقيت في حدود النوايا، ولم تترجم إلى إجراءات عملية ملموسة تشعر المواطن المغربي بالسعادة، والكرامة، وتزكي لديه الشعور بالثقة والأمل.
لذلك فإن المجلس الوطني يدعو الحكومة فيما تبقى من ولايتها إلى استدراك الضعف والعجز الذي طبع تدبيرها للشأن العام وخاصة إعطاء الأولوية للمواطن والانسان كرأسمال بشري عبر سياسات عمومية حقيقية تجعله في صلب اهتمامها، سواء على مستوى الشغل والتعليم والصحة والسكن والحد من الفوارق المجالية، بإرساء نموذج تنموي خاص بالشريط الحدودي من فكيك إلى أسا الزاك ، وكذا التقليص من الفقر الذي تفاقم بشكل كبير ، والرفع من القدرة الشرائية التي أنهكها ارتفاع الأسعار والخدمات.
كما يدعو الحكومة إلى الاجتهاد في البحث عن التمويل بدل الاجتهاد في توزيع الثروة على قلتها، وذلك من أجل مواجهة الانتظارات والاستحقاقات التي ستقدم عليها بلادنا، والأوراش الاجتماعية التي انخرطت فيها وعلى رأسها ورش الحماية الاجتماعية.
وفي هذا الإطار، يدعو المجلس الوطني إلى مراجعة عتبة المؤشر الاقتصادي والاجتماعي بإرساء عتبات جهوية، تراعي خريطة الفقر والهشاشة ومؤشرات التنمية المجالية والاجتماعية استنادا إلى الإحصاء الأخير للسكان والسكنى.
وإذ يدعو المجلس الوطني إلى التوزيع العادل للثروة والاستثمارات بشكل عادل ومتساوي على كل جهات المملكة، فإنه يطالب بضرورة استحضار الأثر والانعكاس المباشر سواء على التنمية أو على المواطنين. كما يؤكد بأن السياسة الحكومية لابد لها من نفس جديد في إطار تشاركي يستحضر معضلة البطالة وانسداد أفاق التشغيل، وابتكار قيم مضافة للتنمية، تأخذ بعين الاعتبار التغيرات المناخية والسياق الدولي الضاغط.
يؤكد المجلس الوطني أيضا على ضرورة مراجعة السياسة الفلاحية، بالشكل الذي يؤمن السيادة الغذائية، بدل الانجرار وراء الاستيراد المستمر الذي يؤثر على توازن ميزاننا التجاري، مع التأكيد على ضرورة التنسيق بين السياسة المائية والسياسة الفلاحية والسياسة الطاقية.
كما يشدد المجلس الوطني على جبر ضرر المناطق المهمشة والمناطق التي تعرضت لخسائر جراء كارثتي الزلزال والفيضانات، والإسراع بدعم الفلاحين ومربي الماشية الذين يعانون الأمرين بسبب الأجواء المناخية المتسمة بالجفاف، وعدم انتظام التساقطات المطرية.
وعلى مستوى آخر، يدعو المجلس الوطني إلى التنزيل السليم لتوجيهات جلالة الملك ذات العلاقة بالسياسة العامة والعمومية، وضمنها ما يتعلق بالماء والمخزون الاستراتيجي للمواد الغذائية والطاقية والدوائية.
كما يدعو إلى استحضار توصيات هيئات الحكامة الدستورية، وإيجاد الوسائل والأليات الكفيلة ببلورتها على مستوى التشريع والأجرأة، معتبرا بأن الدينامية الاقتصادية والاجتماعية، تستدعي دعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة بالنظر لدورها كمشغل ومحفز للتنمية.
رابعا: يؤكد المجلس الوطني على ضرورة وضع حد للتلكؤ في تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، التي لازالت تراوح مكانها رغم الأموال المرصود لها، مع الحث على عدم محاصرتها برؤية إدارية ضيقة، والاقتصار على امازيغية الواجهة، في الوقت الذي يجب تأطيرها بمخططات قطاعية لترسيمها.
خامسا: يثمن المجلس الوطني عاليا المجهودات التي يبذلها الفريقان الحركيان بمجلسي البرلمان والتي أثمرت مبادرات نوعية على مستوى التشريع والمراقبة وتقييم السياسات العمومية بالإضافة الى المشاركات الدبلوماسية الموازية الوازنة، كما يعلن تأييده لموقف الفريقين داخل البرلمان من منطلق موقعيهما في المعارضة المواطنة والمسؤولة وذات القوة الاقتراحية ورفضهم المطلق لأي عبث بالمقتضيات الدستورية وتحقير أو ازدراء للمؤسسة التشريعية.
سادسا: يسجل المجلس الوطني النتائج الإيجابية التي حققها حزب الحركة الشعبية خلال الانتخابات الجزئية الماضية وحصوله على رئاسة بعض الجماعات، كما يرحب بانضمام فعاليات وكفاءات التكتل الديمقراطي المغربي إلى الحزب، مؤكدا على ضرورة استثمار الجاذبية التي يتمتع بها الحزب بفضل بديله الحركي ومصداقية خطابه وموثوقية التزاماته إلى الانفتاح أكثر على كل الفعاليات والمواطنين الذين يتقاسمون المشروع الحركي، المتطلع إلى تحقيق كرامة جميع المواطنين المغاربة.