Skip links

مذكرة حزب الحركة الشعبية حول تعديل مقتضيات مدونة الأسرة

من أجل مدونة ملائمة للدستور ولالتزامات المغرب الدولية وللقيم وللثوابت والقيم الأصيلة

الديباجة:

إن حزب الحركة الشعبية وهو يتقدم بهذه المذكرة حول تعديل مقتضيات مدونة الأسرة، يستحضر بكبير الاعتزاز فتح بلادنا لأوراش إصلاحية كبيرة، برعاية وتوجيه من أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس نصره الله. وشملت هذه الإصلاحات الجانب الاجتماعي، لاسيما في مجال الحفاظ على الأسرة، باعتبارها النواة الأساس للمجتمع، علاوة على النهوض بأوضاع المرأة.

ففي خطاب العرش في 30 يوليو 2000، أكد جلالته على أهمية النهوض بالمرأة في المجالات القانونية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وعلى ضرورة تخويلها المكانة التي تناسبها ضمن مشروع اجتماعي عصري يقوم على مبادئ العدل والمساواة والإنصاف.

كما أبرز جلالة الملك نصره الله في هذا الخطاب أن نجاح أي مشروع تنموي يعتمد في نهاية المطاف على الاعتراف الكامل بالمواطنة الفاعلة للمرأة.

هذا وقد تعددت المبادرات السامية التي قام بها جلالة الملك في مجال رد الاعتبار للمرأة، ونخص على سبيل المثال لا الحصر:

  •        قانون الجنسية الذي يخول استفادة أبناء المغربيات المتزوجات بأجانب من الجنسية المغربية؛
  •        تشجيع وصول النساء إلى مراكز التشريع ومواقع القرار والانتداب الانتخابي؛
  •        ولوج النساء إلى مهن كانت في السابق حكرا على الرجال مثل مهنة العدول.

ولقد جعل جلالة الملك النهوض بالحقوق الإنسانية في صلب المشروع المجتمعي الديمقراطي، مركزا على إنصاف المرأة وحماية حقوق الطفل وصيانة كرامة الرجل، في تشبث بمقاصد الإسلام السمحة، في مجال العدل والمساواة والتضامن، والاجتهاد والانفتاح على روح العصر ومتطلبات التطور والتقدم.

وقد وجه جلالة الملك اللجنة المكلفة بصياغة مشروع مدونة الأسرة لسنة 2004 إلى اعتماد الإصلاحات الجوهرية التالية:

  •        تبني صياغة حديثة بدل المفاهيم التي تمس بكرامة وإنسانية المرأة، وجعل مسؤولية الأسرة تحت رعاية الزوجين، وذلك باعتبار” النساء شقائق الرجال في الأحكام”؛
  •        جعل الولاية حقا للمرأة الرشيدة، تمارس حسب اختيارها ومصلحتها؛
  •        مساواة المرأة بالرجل بالنسبة لسن الزواج بتوحيده في 18 سنة؛
  •        مراعاة الحرص في العدل بالنسبة للتعدد، وجعله شبه ممتنع تقريبا وربطه بعدد من المبررات الموضوعية.
  • وفي هذا السياق، كان إصدار مدونة الأسرة كبديل لقانون الأحوال الشخصية سنة 2004، ثورة اجتماعية رائدة وطلائعية، وضعت حدا للسجال الحاد الذي ميز مرحلة نقاش الموضوع بسبب تغليب الصراع الإيديولوجي بين التيارين المحافظ والحداثي.

    وإذا كان المغرب استطاع تحقيق صيغة توافقية متقدمة للمدونة، إلا أنها في أمس الحاجة، بعد 20 سنة من التطبيق، إلى المراجعة، من أجل الاستجابة للتحولات المتسارعة التي عرفتها بلادنا على امتداد العشريتين الأخيرتين.

السياق ودواعي التعديل

صلة بإطلاق جلالة الملك محمد السادس نصره الله ورش تعديل مدونة الأسرة بعد مرور قرابة 20 سنة على اعتمادها وتوجيهه حفظه الله السيد رئيس الحكومة بأن يتم التعديل في إطار مقاصد الشريعة الإسلامية، وخصوصيات المجتمع المغربي، وأن يتم الاعتماد على فضائل الاعتدال، والاجتهاد المنفتح، والتشاور والحوار، وإشراك جميع المؤسسات والفعاليات المعنية، مع التأكيد أن المرجعيات والمرتكزات تظل دون تغيير. ويتعلق الأمر بمبادئ العدل والمساواة والتضامن والانسجام، النابعة من ديننا الإسلامي الحنيف، وكذا القيم الكونية المنبثقة من الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، مع تأكيد جلالته أن إعمال فضيلة الاجتهاد البناء هو السبيل الواجب سلوكه لتحقيق الملاءمة بين المرجعية الإسلامية ومقاصدها المثلى، وبين المستجدات الحقوقية المتفق عليها عالميا، وبأنه بصفته أميرا للمؤمنين، لا يمكنه أن يحل ما حرم الله ولا أن يحرم ما أحل الله.

رؤية الحركة الشعبية لتعديل المدونة:

إننا في الحركة الشعبية كحزب ذي مرجعية ليبرالية واجتماعية نابعة من التربة المغربية ومن قيمنا الاصيلة  وعقيدتنا الدينية  المبنية على الوسطية والاعتدال ، بانخراطنا في هذا الحوار الوطني بخصوص تعديل مدونة الأسرة، نهدف إلى تسليط الأضواء على النواقص والثغرات بهدف تجاوزها، كما نهدف أيضا إلى تقديم مقترحات تؤهل المدونة لمسايرة التحولات المجتمعية المتسارعة، وملاءمتها مع المعاهدات والمواثيق الدولية ومع روح دستور 2011، وكذا التجاوب مع مقتضيات النموذج التنموي الجديد، الذي يرتبط النجاح في شقه الاجتماعي بالإسراع في تفعيل وتنزيل مسلسل إصلاح المدونة بما يسهم في تجاوز العراقيل التي تحول دون إسهام النساء في رفع التحديات والرهانات المطروحة أمام بلادنا.

هذا، وقد أكد حزب الحركة الشعبية في أرضيته السياسية والبرامجية المحينة في شهر نونبر2022 على إيمان الحزب بأن صون كرامة المواطن يمر عبر العناية بمؤسسة الأسرة وتوفير العناية اللازمة لحماية تماسكها واستقرارها، لتبقى نواة صلبة لمجتمع متضامن ومنسجم، يسوده التكافل والتراحم يشمل المرأة والرجل والأطفال والمسنين وذوي الاحتياجات الخاصة.

وطالبت هذه الأرضية بسن قوانين وبرامج لحماية الأسرة والحرص على المصلحة الفضلى للأطفال، ومحاربة جميع أشكال التمييز.

ويعتبر حزب الحركة الشعبية ورش إصلاح مدونة الأسرة مطلبا مجتمعيا بغية حماية الأسرة، بعيدا عن كل الحسابات الإيديولوجية والسياسوية الضيقة، من خلال حوار مجتمعي مفتوح يعتمد مقاربة تشاركية، حوار ينتصر لقيم الوسطية والاعتدال ومعانقة قيم الحداثة المنسجمة مع الأصالة المغربية وأصول الشريعة السمحة، علاوة على استحضار الجوانب الإيجابية للمنظومة العرفية (أزرف) المواكبة لمتطلبات العصر والتي تجاوزت القانون الوضعي في عدة مجالات حقوقية واجتماعية وثقافية، وأوجدت الحلول لعدد من الإشكاليات في مجالات ترابية ذات خصوصية ، تلك المنظومة التي يجب أن تشكل مصدرا من مصادر التشريع.

كما نعتبر في الحزب أن التعامل مع تعديل مقتضيات مدونة الأسرة كمشروع مجتمعي، يجب أن يعتمد مقاربة متدرجة مبنية على أربع دعامات أساسية:

  1. مراعاة مصلحة الأسرة والأطفال وتمتيعهم بحماية خاصّة ومنحهم، بالتشريع وغيره من الوسائل، الفرص والتسهيلات اللازمة لإتاحة نموهم الجسمي والعقلي والخلقي والروحي والاجتماعي نموا طبيعيا وسليما في جو من الحرية والكرامة؛
  2. الاجتهاد في الملاءمة بين الشريعة والقوانين الوضعية وبين المقدس والحداثة، بحكم أن مقاصد الدين تتمثل في خدمة الإنسان؛
  3. الاحتكام إلى الواقع ومؤشراته، ومواكبة النمو الاقتصادي والاجتماعي؛
  4. اعتماد مقاربة تدرجية بغرض الوصول إلى حلول توافقية.

ووجب التذكير أنه تجاوبا مع الخطاب الملكي السامي بمناسبة عيد العرش لسنة 2022، نظم الذراع  النسائي للحزب ( منظمة النساء الحركيات) بتنسيق مع فريقي الحزب بالبرلمان لقاء دراسيا حول موضوع “مدونة الأسرة في مواجهة التحديات الاجتماعية والقيود الثقافية” بمشاركة أكثر من 500 امرأة  من المجتمع المدني، كما نظمت أكاديمية لحسن اليوسي دورة الجامعة الشعبية بشراكة مع الفريقين الحركيين بالبرلمان تحت شعار “مدونة الأسرة بين المبادئ الكونية والنصوص القطعية”، من منطلق قناعات الحزب أن أي إصلاح قانوني أو ورش اجتماعي يجب أن يتم في إطار تدبير الاختلاف ومراعاة التعبير عن الأصوات المجتمعية المتعددة، حتى يتم البلوغ إلى بدائل متوافق عليها تضمن التماسك الأسري والمصلحة الفضلى للطفل.

وقد اعتمدنا في صياغة هذه المذكرة على مرتكزات اعتبرناها أساسية:

1. المرتكز الأول:

 مراجعة النمط التقليدي للعلاقة بين الرجل والمرأة ومحو الصور السائدة حول هذه العلاقة وطبيعة أدوار طرفيها في إطار إعمال مبدأ المساواة، عبر تشريع قوانين تراعي التحولات السوسيو ديمغرافية والاقتصادية التي عرفتها الأسرة المغربية؛

2. المرتكز الثاني:

ملاءمة مدونة الأسرة مع الدســتور، والاتفاقيــات الدوليــة التــي صادق عليها المغرب، كاتفاقيــة القضــاء علــى كل أشــكال التمييــز ضــد المــرأة واتفاقيــة حقــوق الطفــل؛

3. المرتكز الثالث:

 حــذف كل التشريعات المرتبطة بالقضاء الأسري التــي تفتح أمام بعض المتقاضيــن باب التحايــل علــى القانــون.

مؤشرات تحولات مجتمعية تستدعي تعديل مدونة الأسرة

بالنسبة للمؤشرات فقد اعتمدنا على معطيات ميدانية وإحصائية من جهات رسمية تسلط الضوء على التحولات التي عرفها المجتمع المغربي وبنيته الأسرية:

  1. تغير بنية الأسـرة المغربية من أسرة ممتدة إلى أسرة نـووية، واضطلاع النساء ربات الأسر بمهام ومسؤوليات جديدة داخل الأسرة وخارجها؛
  2. تفاقم أوضاع الهشاشــة، لاسيما التي تطال الأرامــل المسنات؛
  3. مساهمة أكبر للمرأة في إعالــة الأسر، مــن خــلال القيام بعمل مأجور أو مــن خــلال الأعمــال المنزليــة أشغال أسرية غيــر مــؤدى عنهــا
  4. تغير مفهوم القوامــة، الذي كان يعتبر الرجل المعيل الوحيد للأســرة ؛

مطالب الحركة الشعبية بخصوص تعديل مدونة الأسرة:

الزواج والحقوق والواجبات المترتبة عنه

الزواج:

إذا كان الهدف من الزواج تكوين أسرة تسودها الرحمة والمودة مصداقا لقوله تعالى في سورة الروم ” مِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ”، فإن ميثاق الزوجة يجب أن ينبني أيضا على قيم الإنصاف والمساواة، حتى لا يتحول أحد طرفيه ضحية، وفي غالب الأحيان تكون المرأة هي الضحية، بسبب انتشار عقلية تختزل دور المرأة في الإنجاب وخدمة الزوج، دون مراعاة لحقوقها وآدميتها.

المطلب:

– التأهيل القبلي للمقبلين على الزواج حول المسؤوليات المختلفة للزوجين؛

– تبسيط مسطرة سجل الزواج بالنسبة لمغاربة العالم في المصالح القنصلية؛ وتبسيط مسطرة التذييل بالصيغة التنفيذية وتحديد آجل أقصى لا يتجاوز شهرا واحدا وتفعيل دور القضاء الأسري الاستعجالي.

التعدد:

لقد اعتبرت مدونــة الأســرة الإذن بالتعدد استثناء وربطته بشرطي العدل والكفاية المادية، مع تخويل القاضي صلاحية الترخيص انطلاقا من سلطته التقديرية للمبررات المعروضة من طرف طالب الإذن بالتعدد، إلا أن شرط العدل والكفاية المادية اللذين تنص عليهما المدونة يصعب التحقق من توفرهما، علاوة على الوقوف على حالات تحايل الزوج بدعوى ثبوت الزوجية أو استغلال الطلاق الرجعي من أجل الزواج بزوجة ثانية ثم إرجاع الزوجة الأولى المطلقة رجعيا إلى ذمته.

نصت مدونة الأسرة على منع التعدد إذا خيف عدم العدل بين الزوجات أو في حالة وجود شرط من الزوجة بعدم التزوج عليها (المادة 40)، بل وجعلت الإذن بالتعدد مقرونا بمجموعة من الضمانات والشروط، بحيث نصت على ضرورة إثبات الزوج لوجود مبرر موضوعي استثنائي للتعدد، مع توفره على الموارد الكافية لإعالة أسرتين وضمان جميع الحقوق من نفقة وإسكان ومساواة في جميع أوجه الحياة كما يستشف من المادة 41 من مدونة الأسرة، وذلك وفقا للمسطرة المنصوص عليها في المواد من 42 إلى 46 من هذه المدونة.

المطلب:

تقنين السلطة التقديرية للقاضي بخصوص الإذن بالتعدد، لما يترتب عن الإذن غير المبرر من انعكاسات سلبية على تماسك البناء الأسري ونفسية الأبناء.

تزويج القاصر:

بالنسبة لتزويج الفتى أو الفتاة دون سن الأهلية للزواج:

عرفت المحاكم خلال الفترة ما بين 2017 و2021 تسجيل 128391 طلبا بالإذن بالزواج أي بمعدل 25678 طلبا سنويا (أي 10.88 من مجموع طلبات الإذن بالزواج)، أذنت المحكمة بقبول 11810 كل سنة أي 45 في المائة من طلبات الزواج، علما أن بعض الزيجات لا يتم توثيقها.

وإذا كانت الأسباب تتباين ما بين الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وعدم الاستقرار الأسري وضعف المستوى التعليمي، فإن كل هذه العوامل لا تبرر تزويج الطفلات دون وصولهن مرحلة النضج الجسدي والنفسي والقدرة على التمييز والاختيار.

المطلب:

حرص السادة القضاة على توظيف سلطتهم التقديرية للحد من ظاهرة تزويج القاصرين دون سن 18 سنة مع اعتبار المنع هو القاعدة وليس الاستثناء؛

إلزامية تعليم الطفلات القاصرات إلى مستوى الباكالوريا على الأقل.

الطلاق:

يبين واقع انحلال ميثاق الزوجية ارتفاع نسب التطليق للشقاق بسبب تداخل عدة أسباب قانونية واجتماعية ونفسية وتربوية، إذ يسئ في استعماله العديد من الأزواج، إذ يكون الدافع وراء اختيار هذه الصيغة التخفيض من المستحقات الخاصة بالطلاق (نفقة العدة والمتعة إذا كانت الزوجة هي طالبة التطليق)، مع إمكانية المطالبة بالتعويض عن الضرر الذي توفره مسطرة التطليق بسبب الشقاق إذا ثبت أن الزوجة كانت سببا في حصوله.

كما يفسر الإقبال المكثف من قبل النساء على هذه المسطرة إلى سوء فهم مقتضيات مدونة الأسرة، خاصة في الشق المتعلق بالحقوق المالية المرتبطة بالمادة 49 من المدونة،  حيث يعتقدن أن المدونة أصبحت تُخَول لهن بمقتضى هذه المادة إمكانية اقتسام الممتلكات المالية والعينية مع أزواجهن بعد التطليق، وأن  من حقهن عدم الخروج من بيت الزوجية إن كان لهن أطفال…”؛ والحال أن المادة لا تنص على هذا مطلقا، لأن مضمونها يتعلق بتنظيم الذمة المالية للزوجين، وكيفية تدبير الأموال المكتسبة أثناء الحياة الزوجية، وكيفية حل النزاع المالي بين الزوجين في حال عدم وجود اتفاق ينظم هذا الأمر بينهما.

إن هذه الأسباب مجتمعة تستدعي ضرورة الوقوف عند معطيات التطليق بسبب الشقاق من أجل القيام بتقييم موضوعي ودقيق لهذه المسطرة قصد المراجعة وإعادة الضبط، بحكم أنها خرجت عن مقاصدها التشريعية.

مطلبنا:

  • تقليص عدد أنواع الطلاق والإبقاء على طلاق الشقاق وللغيبة والطلاق بالاتفاق؛
  • تقنين التطليق للشقاق؛
  • مأسسة الوساطة القضائية وغير القضائية وجعلها إلزامية قبل المرور إلى مرحلة التقاضي
  •  تحديد آجال محددة كسقف زمني لإحداث الطلاق؛
  •  تيسير مسطرة الطلاق بالوكالة كما هو الحال بالنسبة للزواج بالوكالة، وخاصة بالنسبة لمغاربة العالم.

اقتسام الممتلكات المكتسبة أثناء قيام ميثاق الزوجية:

تضمنت مدونـة الاسـرة مقتضـى جديـدا يجيز صياغـة وثيقـة مسـتقلة عـن عقـد الـزواج تتعلـق بشـروط اسـتثمار وتوزيـع الأمـوال المكتسـبة أثنـاء قيـام الزوجيـة. لكــن تظــل هــذه المقتضيــات اختياريــة وصعبــة التطبيــق (٪0.25 مــن جميــع عقــود الــزواج المبرمــة فــي عــام 2019).

وفـي حالـة عـدم وجـود اتفـاق، تجـد الزوجة نفسـها، فـي معظـم الحـالات، غيـر قـادرة على إثبـات مسـاهمتها فــي النفقــات اليوميــة، ولا فــي العمــل الإنتاجــي غير المؤدى عنه، ولا فــي الأشغال المنزليــة ورعاية الأطفال.

المطلب:

  • جعل إبرام الاتفاق إلزاميا بشأن تقسيم الممتلكات المكتسبة أثناء قيام العلاقة الزوجية أو بعد انحلالها، مع اعتبار الأشغال المنزلية وتربية الأطفال من الالتزامات المشتركة بين الزوجين ومكونا رئيسيا في تنمية أموال الأسرة.
  •  في حالة الطلاق، يتعين توزيع هذه الممتلكات بشكل منصف على أساس المساهمة المقدرة لكل واحد من الزوجين، من خلال مساهمته المادية أو من خلال العمل الإنتاجي العائلي أو العمل المنزلي وفقا لعدد سنوات الزواج؛
  • احتساب قيام الزوجة بأشغال البيت ورعاية الأبناء والعمل الإنتاجي غير المأجور كمساهمة مادية في تنمية الأموال المكتسبة أثناء الزواج؛
  • إمكانية إبرام وثيقة مستقلة عن عقد الزواج بهذا الخصوص.

الولاية الشرعية:

يقوم الشق القانوني المتعلق بالولاية على الأبناء على معايير تمييزية بسبب الجنس، من خلال منح الزوج الولاية المطلقة للأطفال، بشكل يتنافى مع مدونة الأسرة التي تنص على أن تسيير ورعاية شؤون البيت والأطفال مسؤولية مشتركة بين الزوجين، فالأم مثلا ممنوعة من فتح حسابات بنكية للأبناء بدون حضور الأب، كما أنها محرومة من تنقيل الابن من المدرسة أو الحصول على الوثائق الإدارية أو استخراج جواز سفر له أو حصوله على التأشيرة دون حضور الأب.

وتعرف وضعية النساء المطلقات معاناة مضاعفة، بسبب معاناة غالبيتهن من عناد الآباء ورغبتهم في الانتقام. وكثيرا ما تضيع مصالح الأبناء لهذا السبب.

الولاية الشرعية:

 ملاءمة مدونة الأسرة مع المادة 15 من اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة.

تكون الولاية مشتركة بين الزوجين أثناء قيام العلاقة الزوجية وبعد انحلال ميثاق الزوجية، في جميع القرارات المتعلقة بالطفل، في كل ما هو إداري، مالي، تربوي، من قبيل التمثيلية القانونية، مغادرة التراب الوطني، التعليم، الصحة، الذمة المالية) مراعاة لمبدأ المصلحة الفضلى للطفل، ورفع قيد عدم الزواج على المرأة الحاضن.

الحضانة:

من الأمور التمييزية حرمان المرأة من حضانة الأطفال بمبرر زواجها ثانية، على الرغم من حاجة أبنائها الماسة لرعايتها. ويؤدي حرمان المرأة المتزوجة ثانية من هذا الحق، دون مراعاة للمصالح الفضلى للأطفال، إلى أثار نفسية واجتماعية

المطلب:

 تمكين الأم المتزوجة من جديد من الاستفادة من الحضانة المشتركة، والتنصيص، مع تعريف أدق لشروط الحضانة.

البنوة والنسب:

 تمكين الأم المتزوجة من جديد من الاستفادة من الحضانة المشتركة، والتنصيص، مع تعريف أدق لشروط الحضانة.

السياق ودواعي التعديل

على الرغم من أن القانون يعتمد الخبرة الجينية لإثبات النسب، إلا أنه يحصرها فقط في القضايا والحالات المتعلقة بالأطفال نتاج ما يعتبر “علاقة شرعية” سواء زواج أو خطوبة، ويستثني أبناء “العلاقات غير الشرعية“.

وتنص مقتضيات قانون الأسرة على أنه “لا يترتب عن البنوة غير الشرعية بالنسبة للأب، أي أثر من آثار البنوة الشرعية”، بمعنى أن بنوة الطفلة أو الطفل الذي ولد خارج الزواج، لأبيه البيولوجي غير مبررة لا شرعا ولا قانونا، ويحرمه بهذا من كل حقوقه المادية والمعنوية.

وقد كشف دراسة أنجزتها “العصبة المغربية لحماية الطفولة” مع منظمات نسائية عام 2019 عن تسجيل “153 حالة ولادة يوميا خارج مؤسسة الزواج، يتم التخلي عن 24 منهم.

كما تربط عدة دراسات بين ارتفاع نسب الأطفال غير المعترف بهم بتفاقم ظواهر اجتماعية خطيرة، فأمام الصور النمطية والاقصاء الاجتماعي، يجد أغلب هؤلاء الأطفال أنفسهم في الشارع أو في وضعية اجتماعية هشة.

المطلب:

 اعتماد الخبرة الجينية عبر الحمض النووي ADN كأساس لحقوق الأبوة، وليس فقط كوسيلة لإثبات الأبوة على أساس الزواج.

المصلحة الفضلى للطفل:

يطغى مفهوم المصلحة للطفل، والاقتصار على ربط هذه المصلحة بمصلحة الأسرة، مما لا يمكنه من كافة حقوقه غير مجزأة.

المطلب:

إصدار مدونة خاصة بالطفل.

النفقة:

كما أنه في حالة التحايل، يصعب على المرأة إثبات الذمة المالية للزوج.

كما تم الوقوف على حالات يكون فيها الزوج معوزا وغير قادر على الإنفاق.

مطلبنا:

– توحيد معايير النفقة لدى محاكم المملكة وتحديد حد أدنى وحد أقصى بشكل يتناسب مع دخل الوالدين؛

– في حالة عجز الزوج على أداء النفقة، عوض سلك مسطرة إهمال الأسرة والإكراه البدني، يجب الاستعاضة عن ذلك بإحالة ملف النفقة على صندوق التكافل الاجتماعي وضمان استفادة كل الأبناء من هذا الصندوق دون تحديد عددهم.

الإرث والتعصيب :

نعتبر في الحركة الشعبية أنه لرفع الحيف عن النساء في ما يخص الإرث يجب تقسيم التركة وفق (الوصية) وهذا ما سار عليه القرآن في الحث على أن يكتب صاحب الثروة وصيته التي اعتبرها الإسلام واجبة لتقسيم ثروته وذلك في قوله تعالى: ” كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ «. فهذه الآية هي في حكم القطعي، وبالتالي لا مبرر للعمل باجتهاد بعض الفقهاء الذين حاولوا نسخ هذه الآية القطعية بحديث ضعيف ” لا وصية لوارث” علما أن الوصية للوارث يجب أن تكون هي الأصل بخصوص تقسيم التركة، ف(الوالدين) كما في الآية الكريمة هما من الورثة، وكذلك (الأقربين) إذ أن الزوج والأبناء هم من الورثة ويعتبرون من أقرب الأقربين أيضا.

وإذا كانت الوصية حقا شرعيا وعقليا ومنطقيا لصاحب التركة والثروة، لتقسيمها بين أبنائه وأقاربه، فإن من العدل المساواة والتسوية في العطاء، مع إمكانية التفضيل للنساء والذرية الضعاف، والزوجة التي كانت له في العمر شريكة.  فقد فصل القرآن في الوصية بشكل دقيق، فبعدما تحدث عن الوصية للوالدين والأبناء والذرية، انتقل بشكل تفصيلي إلى الوصية في حق الزوجة فقال: “وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِّأَزْوَاجِهِم مَّتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِيَ أَنفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ “.

 وتبين هذه الآية القطعية الدلالة، أنه من حق الزوج أن يكتب لزوجته وصية، يحق لها بموجبها أن تتمتع بالتركة.

كما أن مطلبنا بالعمل بالوصية والصدقة والهبة وحمايتها من الطعون، يرتكز بالإضافة إلى ما سبق، إلى ما عرفه المجتمع المغربي من تحولات ملحوظة، من أهم سماتها خروج المرأة للعمل والإسهام في اقتصاد الأسرة، بحيث نجد أن من بين 8,6 ملايين أسرة، 1,5 مليون ترأسها النساء، وهو ما يماثل 16,9 بالمائة. تبقى هذه النسبة مرتفعة بالوسط الحضري (%19,3) مقارنة بالوسط القروي (%11,4)، وذلك حسب تقرير سنة 2022 للمندوبية السامية للتخطيط. تنضاف إليها مشاركة الزوجات الموظفات والبنات في اقتصاد الأسرة (عاملات مصانع أجزاء السيارات، حقول الفراولة والضيعات الفلاحية، معامل النسيج والصناعات الغذائية وعاملات المنازل وغيرهن). فلم تعد الإناث تعيش على نفقة آبائهن أو إخوانهن في كنف الأسرة الممتدة، كما كان الحال في المجتمعات التقليدية؛ بل صارت المرأة تتحمل نفقة نفسها وأسرتها بمن فيهم الذكور.

  لذلك، فإن مبدأ القطيعة مع ثقل الماضي أصبح حتميا لنهوض المجتمعات وتطورها وهذا لا يعني الضرب في المعتقدات بل شجاعة فكرية للخروج من تأويلات جامدة باتت تصدم العقل المعاصر وتشل الابتكار.

 ونخلص بعد كل هذه البراهين إلى أن المجال بخصوص الإرث مفتوح فيه باب الاجتهاد، وهذا الاجتهاد يتم بما يتماشى مع المصلحة، ومع المقاصد السامية، التي تحقق العدل والمساواة بين الجنسين، حسبما تحدده الظروف الاقتصادية والاجتماعية، مع مراعاة الحدود الذي لا يجب لأي تشريع قانوني أو فقهي أن يتعداها.

المطلب:

– العمل بالوصية الواجبة واعتماد المساواة في إعمالها بالنسبة لأبناء البنت كما الابن وحمايتها من الطعون، علاوة على توسيع باب الوصية لكي يستفيد الورثة من ثلث مورثهم المتوفى؛

– إلغاء التعصيب في حالة وجود بنات أو زوجة بدون فروع، وحصر قائمة الورثة في الأزواج والفروع والأصول دون سواهم؛

– التنصيص على حق انتفاع الزوج(ة) المتبقي (ة) على قيد الحياة من سكن الزوجية ومعداته إلى حين الوفاة أو الزواج؛

– توسيع مفهوم ديون المتوفى لتشمل النفقات والتكاليف التي كان يضطلع بها وهو على قيد الحياة، أو لا تزال سارية بعد وفاته، والعمل على استخراجها من التركة التي خلفها.

خلاصة:

من أجل تعديل جوهري لمدونة الأسرة، وجب استحضار المقاصد والغايات من هذا التعديل الذي أوصى به جلالة الملك محمد السادس نصره الله، من خلال اعتماد الاجتهاد المساير لتطور المجتمع دون الإخلال بالنصوص القطعية، من منطلق الإيمان بأن الإسلام صالح لكل مكان وزمان ومساير لسيرورة تقدم البشرية.

ففي حديث صحيح رواه الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال:
” إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا “.

ومن نعم الله عز وجل التي حبا بها هذا البلد مؤسسة إمارة المؤمنين التي يضطلع بأمانتها العظيمة سبط الرسول الأمين، جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، حامي حمى الملة والدين والحريص على صون الوطن من كل الفتن، بالاحتكام إلى الدين الإسلامي الحنيف، واتباع منهج الوسطية والاعتدال والنأي عن الغلو والتطرف في الدين، مصداقا لقوله تعالى في محكم كتابه الحكيم :” وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ۗ وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ ۚ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۗ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ” صدق الله العظيم .

 وفي نظرنا، يقتضي الاجتهاد تخطي العوائق الذاتية والموضوعية أمام التطبيق الصحيح للمدونة”، لأن التجربة أبانت عن عدد من الثغرات في التطبيق، مما حال دون تحقيق أهدافها، حيث أصبح على سبيل المثال زواج القاصرات هو القاعدة بعدما كان إجراء استثنائيا يخضع لتقدير القاضي الذي، من المفروض فيه أن يراعي المصلحة الفضلى للطفل.

 كما أنه من منطلق الوعي بأن النجاح في صياغة وثيقة متقدمة في إصلاح مدونة الأسرة سيقوي دور المغرب كرائد موثر ويحسن مرتبته في المؤشرات كنموذج إقليمي وقاري، نشدد أيضا ملاءمة بنود المدونة مع الدستور والمواثيق الدولية، ذلك أن المدونة، رغم ثوريتها، فإنها تتضمن بنودا تناقض الدستور والمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب، خصوصا في مجال إقرار المساواة بين الجنسين ورفع كل أشكال التمييز القائم على النوع، فضلا عن الالتزام ببنود اتفاقية حقوق الطفل.  فإذا كانت المدونة قد وُضعت قبل دستور2011، فإن هذا الأخير يفرض تحيينها انسجاما مع بنوده التي تنص على المساواة والمناصفة، من جهة، ومن أخرى، تكرس التزام بلادنا بحماية منظومتي حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني والنهوض بهما، والإسهام في تطويرهما؛ مع مراعاة الطابع الكوني لتلك الحقوق، وعدم قابليتها للتجزيء.

كما نعتقد في حزب الحركة الشعبية أن تحقيق عدالة أسرية مكتملة الأركان لا يقف عند حد سن تشريع أسري جيد، بل لابد له من توفير فضاءات تساعد القضاء الأسري على القيام بالأدوار المنتظرة منه، من موارد بشرية مؤهلة ومتخصصة قادرة على أداء خدمة قضائية فعالة وجيدة، من خلال العمل بمحاكم خاصة للأسرة عوض أقسام للأسرة.

كما نعتبر أن النجاح في بلوغ تعديل مدونة الأسرة المقاصد والأهداف المتوخاة منه يتطلب ملائمته مع باقي مكونات الترسانة القانونية: مجموعة القانون الجنائي، قانون المسطرة المدنية ومدونة الشغل.