أكد محمد أوزين الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، الاثنين في ندوة وطنية نظمت بمجلس المستشارين حول موضوع “البرلمان المغربي وقضية الصحراء”، انخراطه الدائم والقوي، تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس، في معركة الدفاع عن قضية الوحدة الترابية للمملكة.
ونوه أوزين في مداخلة خلال الجلسة الافتتاحية للندوة،بالانتصارات الدبلوماسية المتواصلة للمغرب في مختلف المحافل الإقليمية والجهوية والدولية.
وفي مايلي نص مداخلة محمد أوزين الأمين العام لحزب الحركة الشعبية:
السيد رئيس مجلس المستشارين
السيدة والسادة الأمناء العامون للأحزاب الوطنية
السيد رئيس اللجنة الموضوعاتية
السيدات والسادة الضيوف كل باسمه وصفته
السيدات والسادة أطر وموظفو البرلمان
السيدات والسادة ممثلو وسائل الإعلام
الحضور الكريم،
تحت هذا الصرح المؤسساتي، تغمرني سعادة ممتزجة بتهيب ورهبة من خصوصية المكان ورمزيته التمثيلية للأمة المغربية المتوحدة حول دينها، وملكها، ووحدتها الترابية، واختياراتها الديمقراطية المبنية على قيم الحرية والتعددية في كل روافدها وأبعادها.
شكر مقترن بالإشادة أوجهه إلى اللجنة الموضوعاتية المؤقتة على الدعوة الكريمة، وعلى اختيار موضوع هذه الندوة الوطنية الذي يسكن كوامن ووجدان شعب ممتد من طنجة إلى الكويرة، حمل قضية الوحدة الترابية في القلوب مند نصف قرن، ناقلة مشعل الصمود والإيمان بالشرعية والعدالة من جيل إلى جيل، معطيا أروع الأمثلة للتضحية والفداء ومواجهة شتى الدسائس والمؤامرات من أجل أصغر حبة رمل، رافعا شعار: حب الأوطان من الإيمان.
من هذا المنبر المحترم أوجه تحية تقدير وإجلال إلى مبدع المسيرة الخضراء وموحد التراب، جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه، مع تجديد الدعاء والرحمة بالمغفرة على الأرواح الزكية لشهداء الوطن، الذين وهبوا الدماء واسترخصوا الأرواح والمهج لكي يعيش المغرب قويا عزيزا مهاب الجانب.
هي أيضا مناسبة لتجديد العهد على الوفاء والتجند وراء جلالة الملك محمد السادس نصره الله، من أجل ديمومة واستمرار ملاحم المجد والفخار.
السيدات والسادة الأفاضل،
أكيد أن موضوع هذه الندوة الوطنية على قدر كبير من الأهمية والراهنية، لأننا نعيش على إيقاع توالي الانتصارات في كافة المنتديات، ونجني ثمار الاعترافات من كبرى الدول والأمم، بعدالة قضية الوطن الأشم، إلا أن ساعة هذا الانتصار الموصول، تقتضي منا المزيد من شحن العزائم والهمم، من أجل دوام إشعاع المغرب وترسيخ مكتسباته في ظل عالم يتغير وتتداخل فيه المصالح والنزاعات.
السيد الرئيس المحترم
السيدات والسادة المحترمين
هذه الندوة كذلك هي رسالة على ضرورة تعزيز انفتاح البرلمان على محيطه المجتمعي في قضية حساسة من قبيل الوحدة الترابية.
وهي مناسبة لتثمين الرؤية الملكية الحكيمة التي عززت هذا الانفتاح بعد عقود من المقاربة المغلقة لهذا الملف الإستراتيجي.
وفي هذا السياق يأتي خطاب جلالة الملك حفظه الله، في افتتاح السنة التشريعية الحالية الذي طالبنا جميعا دبلوماسية رسمية وموازية بضرورة تبني خطاب دبلوماسي مبادر، وبتبني سياسة التغيير في الأداء والممارسة الدبلوماسية برلمانا وأحزابا، ومجتمع مدني وإعلام وقس على ذلك.
-وهنا نسجل تفاعل الفريق الحركي بالبرلمان مع الخطاب الملكي من خلال تقديم مذكرة متكاملة تحدد رؤيتنا لتفعيل الدبلوماسية الموازية، وأنتم قد طلعتم عليها بكل تأكيد السيد الرئيس المحترم، ثم لا بد أيضا أن نذكر بمبادرة حزب الحركة الشعبية غير المسبوقة، بتنظيم مجلسه الوطني بالداخلة بتاريخ 23 دجنبر 2023. برؤية مؤسساتية تروم الاشتراك الفعلي للجهات في احتضان التظاهرات.
نذكر كذاك بالمبادرة الاستثنائية للبرلمان الذي عقد دورته الاستثنائية بالعيون يوم 14 مارس 1985 زهاء 40 سنة حول موضوع الوحدة الترابية والإقلاع التنموي للأقاليم الجنوبية في خطوة غير مسبوقة أيضا، فما أحوجنا اليوم إلى إعادتها بعقد جلسة مشتركة للبرلمان بمجلسيه في العيون أو الداخلة، لنربط الماضي بالحاضر والمستقبل ونخاطب العالم من أرض مغربية أصيلة ترابا وإنسانا وتاريخا.
-ثم لابد من التذكير بأن هذا النزاع المفتعل حول مغربية الصحراء الراسخة برباط البيعة والتاريخ والجغرافيا وبالقانون، يعود في جذوره إلى الحرب الباردة، ولأسباب أيديولوجية لا صلة لها بالعمق
الجيو استراتيجي: فهل المغرب الذي ظل امبراطورية مستقلة على مدى التاريخ، يبتر من صحرائه عكس دول ظلت مستعمرات لإمبراطوريات متتالية آخرها الدولة العثمانية !!، علما أن الصحراء المغربية مهد للدول التي امتدت إلى جنوب فرنسا وسيوا في مصر.
في هذا السياق الإيديولوجي، لابد من أن أذكر بتهافت أطروحة خصوم وحدتنا الترابية المستمدة من تمدد البعثية في ليبيا والجزائر، وأطروحة الحزب الوحيد وبعمقه القومي العروبي بأفقه الضيق، الذي أسس لحلم مجهض مند ولادته تحت مسمى ” جمهورية عربية صحراوية وهمية على أرض مغربية أصيلة ذات جدور أمازيغية معتزة بتنوعها الهوياتي ، إنسانا وقبيلة، رمالا وحجرا ، مهد المرابطين وباقي الدول المغربية المتعاقبة. ، وبساكنة مطوقة برباط البيعة الموصول على مدى قرون وحتى اليوم.
فأين كانت جمهورية الوهم في تاريخ الصحراء المغربية ما قبل 1973، لولا أخطاء، اليسار الجديد أنداك، وأحلام القذافي البائدة، وحكام الجزائر أصحاب عقدة حرب الرمال. !!!
وبعد كل هذا المسار الحافل بالإنجازات وبالتضحيات الجسام فإننا نجدد انخراطنا الموصول والدائم في الرؤية الإستراتيجية لجلالة الملك محمد السادس حفظه الله ، التي نقلت الصراع من خلفياته السياسية إلى مقاربة تنموية موحدة، عمقها الاستراتيجي افريقيا الوحدة والتنمية ورهان المغرب الأطلسي من بوابة الأقاليم الجنوبية للمملكة ، وهي مناسبة لتجديد التنويه بالانتصارات الدبلوماسية المتواصلة للمغرب في مختلف المحافل الإقليمية والجهوية والدولية ، مؤكدين من موقعنا كحركة شعبية قادمة من عمق المغرب الأصيل ومن جذره الوطني العريق ، أننا مع تازة وغزة ، وإن خيرنا فإننا مع تازة دون أن نفقد تعاطفنا مع غزة الموصول والدائم ، و مع كل ضحايا الاضطهاد في العالم، لأننا بناة سلم وسعاة وحدة ، نؤمن بالخصوصيات الوطنية وننخرط في القيم الكونية ، ونناهض الظلم بكل أشكاله وفي أي مكان.
حضرات السيدات والسادة:
اليوم وقد أسدل الستار على وهم الإنفصال، نطالب إخواننا المغاربة الصحراويين المحتجزين بتندوف بالعودة إلى وطنهم الأصيل، ومعانقة المسار الديمقراطي والتنموي والحقوقي الراسخ والمتقدم بالأقاليم الجنوبية للمملكة.
وفي هذا الإطار، نحمل لدعاة حقوق الإنسان في العالم مسؤولية التخلي عن الدفاع عن حق العودة المشروع لهؤلاء المغاربة المحتجزين في مخيمات تندوف. كما نطالب بإحصاء ما تبقى من المغاربة الصحراويين بتندوف ومخيماتها الفاقدة للكرامة الإنسانية تحت مطرقة حكام الجزائر وسندان شرذمة خدامها من قادة الانفصال.
وللسيد ديميستورا نقول. إن لا زلت مترددا في استيعاب الحقيقة على الأرض والدينامية العالمية المنتصرة للحق التاريخي المشروع والمحسوم للمملكة الشريفة في أرض هي منها ولها، وإن لا زلت تتبنى مبدأ الثقية، ويراودك سوء الفهم لوهم تقرير المصير المتجاوز بمفهومه التقليدي، نقول لك : لقد حسم الأمر وانتهى الكلام.
فلا سقف وراء حكم ذاتي في ظل السيادة المغربية، وفي إطار الجهوية الموسعة،
لقد قال هواري بومديان فيما قال: أنه سيضع حجرة في بلغة المغرب؟ وهاهي حجرة بومديان اليوم ومن جاء بعده ومن ولاه صارت قنبلة في حجر حكام ونظام الجزائر المعزول جغرافيا وسياسيا. بل صار هذا النظام المخالف لمنطق التاريخ والجغرافيا نفسه حجرة في بلغة المغرب الكبير، مغرب خماسي الأضلاع يفقد كل سنة نقطتين من نمو كل بلد. جراء نظام ساذج يعرقل تكتلا جيو اقتصاديا مسموع الصوت في العالم، نظام اختار دعم بنادق الإرهاب التي ارتدت في وجهه وضحى ويضحي بحق الشعب الجزائري الشقيق في مستقبل عنوانه ” الوحدة والتنمية والكرامة”.
ختاما أتمنى أن تتمخض عن هذا اللقاء الهام وعن تقرير اللجنة الموضوعاتية توصيات تساهم في تعزيز آليات الترافع البرلماني حول قضيتنا الوطنية الأولى وتعزز مكانة الدبلوماسية الموازية بمختلف أبعادها البرلمانية والحزبية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمجالية والشعبية.
وإسهاما منا في اغناء خلاصات هذه الندوة الهامة، ونحن نستحضر أهمية العمل البرلماني الدبلوماسي في خدمة قضيتنا الوطنية والحصيلة الإيجابية المحققة في هذا المجال، فإننا دعما لهذا المسار،
نؤكد على ما يلي:
أولا): تعزيز دور مجموعات الصداقة والتعاون إسوة بالشعب البرلمانية.
ثانيا): بناء محفظة دبلوماسية قابلة للتحيين مع وزارة الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج.
ثالثا): وضع دليل مرجعي رهن إشارة الوفود البرلمانية حول المواقف الإستراتيجية لبلادنا من العديد من القضايا والملفات ذات الأولوية في المجال الدبلوماسي.
رابعا): وضع مخطط للتكوين للبرلمانيين والأطر بالتنسيق مع المصالح المختصة بوزارة الخارجية.
خامسا): التوجه نحو المحاور الجيو استراتيجية غير التقليدية التي لا زالت مواقفها مترددة أو جاهلة بحقيقة وعدالة القضية الوطنية.
سادسا): بناء رؤية موحدة بين مجلسي البرلمان وتعزيز آليات التنسيق بينهما.
سابعا): الانخراط في الأجيال الجديدة من العمل الدبلوماسي بمحاوره الاقتصادية والاجتماعية والثقافية واستثمار التركيبة المتنوعة للمجلسين السياسية والمهنية والنقابية والترابية والديمقراطية التشاركية.
ومسك الختام أذكركم بلقاء سئل فيه الزعيم الوطني محجوبي أحرضان عن كلمة الصحراء فأجاب رحمة الله عليه: الصحراء كلمة مركبة من كلمتين:
بالدرجة المغربية الصح – راه، وهي كلمة تختزل كل شيء،
وفي نفس الإطار أذكركم بكتابه الشهير، وهو الذي شارك في المسيرة الخضراء من بدايتها إلى نهايتها عكس من كان يتابعها على شاشة التلفاز من بعض قادة الأحزاب وزعمائها آنذاك، كتابه بالفرنسية بعنوان: LA
MASSE -IRA، بمعنى القواعد ستسير، وهو كتاب أنصحكم بالاطلاع عليه لأنه يحكي قصة ويوميات المسيرة الخضراء، بالتفصيل ويكشف حقيقة قضيتنا الأولى التي نلتئم اليوم للتفكير بشكل جماعي في مستقبلها المحسوم والمؤكد لأنها مغربية وستظل كذلك.