سلا ــ علياء الريفي ــ عدسة: نوفل
انعقد اليوم الأحد بقصر المؤتمرات أبي رقراق -الولجة – سلا، المؤتمر التأسيسي للهيئة الطبية الشعبية، تحت شعار “سياسة صحية مجالية عادلة”.
وبالمناسبة، دعا محمد أوزين الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، أطباء الهيئة الشعبية إلى التطبيع مع العمل السياسي، مستغربا عزوفهم عن الفعل السياسي، قائلا:”علاش هيئة الأطباء، لأنها تتكون من خيرة الكفاءات، نريدكم كما تعالجون صحة المواطنين أن تعالجوا صحة سياستنا المريضة وتعيدون ثقة المواطنات والمواطنين فيها خاصة في الظرفية الحالية”.
وأضاف أوزين مخاطبا الحضور:”أدواركم المهنية المرتبطة بالحياة اليومية للمواطنات والمواطنين، يجب أن تكون محورا أساسيا وذا أسبقية في رسم السياسات العمومية.
وتابع أوزين مسترسلا:”أنتن وأنتم مسؤولون عن تشخيص الأمراض ووصف العلاجات المناسبة للمرضى(..) وعلى كاهلكم تقع الوقاية والتثقيف الصحي وتوعية المرضى حول أهمية الوقاية من الأمراض من خلال الإرشادات الصحية مثل التلقيح ونمط الحياة الصحي، كما أنه من واجبكم المساهمة في السياسات الصحية وتطوير وتطبيق استراتيجيات صحية وطنية للحد من الأمراض وتحسين مستوى الصحة العامة”.
بالموازاة، اعتبر الأمين العام حزب الحركة الشعبية الجمع العام للهيئة الطبية الشعبية، استمرا لتجسيد مقاربة الحزب التنظيمية الجديدة والمبتكرة التي اعتمدها منذ المؤتمر الوطني الأخير للحزب، تحت قيادته، بكل إخلاص وتجرد، وفي منأى عن كل نرجسية يقف سقفها الأعلى عند المناصب، مسجلا أنه عزم كل العزم على بناء حزب قوي، يستمد قوته من كفاءات وقدرات الوطن، بدون إقصاء أو تمييز.
وأورد أوزين موضحا أن المقاربة المتبعة، مبنية على الانفتاح على كل شرائح وفئات الشعب المغربي، من منطلق قناعات راسخة بأن الحزب الحقيقي لا يمكنه أن يضطلع برسالته الوطنية كاملة وهو منغلق على المحيط، مشيرا إلى أن إنشاء الروابط المهنية، كان وفق مقارنة أفقية تتجاوز التنظيم العمودي الذي لم يخرج العمل الحزبي من تقليد عفا عنه الزمن، لأنه يؤمن أن مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس، ومغرب الغد يطرح تحديات تتطلب المزيد من إعمال العقل من أجل إبداع طرق جديدة لتأطير المجتمع وهاجس الحركة الشعبية هو إخراج كفاءات الوطن في كل المجالات من دائرة اللامبالاة والنسيان، وإقناعها بأن خدمة الوطن هو فرض عين لا فرض كفاية.
في المقابل، أكد أوزين أن الأحزاب ليست نوادي خاصة ولازوايا يحكمها منطق الشيخ والمريد، بل هي إطار مفتوح على كل بنات وأبناء الوطن، مضيفا أن هذا التصور الجديد والمبتكر، من الطبيعي أن يخلق صدمة واندهاش بالنسبة لمن اختزلوا العمل الحزبي في هياكل شكلية وصورية، تنتظر موسم الانتخابات لكي تقول: إنني هنا وانتهى الكلام.
وفي هذا الصدد، أكد أوزين، أيضا، أن منطلق الحركة الشعبية في تأسيس الروابط المهنية، نتاج تفكير عميق حول الأسباب التي تقف وراء عزوف خيرة طاقات البلاد عن خوض غمار العمل السياسي، بعدما كشفت فترة الترويج للتفنوقراط أن المعرفة التقنية وحدها غير كافية لتدبير شؤون وطن وشعب، وأنه في غياب تصور سياسي لا يمكن للتقنوقراط أن يصلحوا شيئا، لأنهم يفتقرون إلى القدرة على تدبير الإنسان الذي يعلو مقامه عن حسابات الأرقام.
وجدد أوزين التذكير بأن الحركة الشعبية، حزب مواقف مستعد للزهد في المواقع والمناصب، لأنه ربط تأسيس بالدفاع عن الثوابت والتعفف عن سفاسف الأمور، موجها رسائل لمن كانوا يظنون أن الحركة لا تستطيع التموقع في المعارضة، قائلا:”البعض قال إننا لا نستطيع التنفس خارج السلطة. مع مرور الوقت بهت الذي كفر، بعد أن استعادت الحركة الشعبية تألقها الذي كان، بل أكثر من ذلك، فرضت نفسها رقم أساسي لا محيد عنه في المعادلة السياسية الوطنية”.
وخاطب الحضور مرة أخرى قائلا:” طبعا، كلكم مدركون لطبيعة التحديات المشتركة، إذ على الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلونها كمهنيين، تواجه المنظومة الصحية في المغرب العديد من التحديات، من قبيل، نقص الموارد البشرية في المناطق النائية؛ وعدم التوازن في توزيع الأطباء وأطباء الأسنان والصيادلة بين المدن والقرى؛ وضعف البنية التحتية الصحية في بعض المناطق.
وشدد القيادي الحركي على ضرورة تعزيز ميزانية الصحة وتحسين ظروف العمل للمهنيين، قائلا إن هذه التحديات وأخرى تستلزم منكم، باعتباركم العمود الفقري للمنظومة الصحية في المغرب، العمل على تقديم خدمات شاملة تغطي الوقاية، العلاج، والتوعية الصحية.
وبالمناسبة استغرب التقصير في الإصغاء إلى صوت الطبيبات والأطباء وخاصة المختصين في علم النفس فيما يخص “تعديل مدونة الأسرة” التي صاحبها كثرة اللغو، مسجلا أن عددا من حالات الانفصال والطلاق وراءها عوامل مرتبطة بالصحة النفسية للأزواج، معربا عن أمله أن يتوصل المغاربة للتفسير والجواب في هذا الباب.
أوزبن، شدد، أيضا على الطبيبات والأطباء من مختلف التخصصات إلى التركيز على الاختلالات التي تعرفها المستشفيات والمراكز الصحية خاصة التفاوتات الصارخة في التوزيع والجودة بين المدن والمناطق القروية، علاوة على افتقارها إلى التجهيزات الضرورية للتعامل مع الحالات الحرجة، إضافة إلى إشكاليات أخرى كبيرة تعاني منها المنظومة الصحية بالمملكة، كنقص في الأطباء والممرضين مقارنة بعدد السكان، وفقًا للمعايير الدولية، والتفاوت في التوزيع الجغرافي غير المتوازن، مما يجعل المناطق القروية تعاني من نقص حاد وضعف الميزانية المخصصة للصحة، وتحمل كثير من الأسر المغربية لجزء كبير من تكاليف الرعاية الصحية بسبب ضعف التغطية الصحية ونقص حاد في أطباء الأمراض النفسية ومستشفيات متخصصة، مما جعل العديد من المغاربة يحملون المسؤولية للوزير الأسبق البروفسور الوردي، لأنه أغلق ضريح بويا عمر، قائلا :”هذا غيض من فيض، ومساهمة مني، كسياسي وعين خارجية عن قطاع الطب”في المقابل إلتزم أوزين بالإصغاء إليهم، كما هو الأمر بالنسبة لفريقي الحزب بالبرلمان.
من جهتها فاطنة الكحيل رئيسة اللجنة التحضيرية للمؤتمرالتأسيسي، ذكرت بالمراحل التي قطعتها الهيئة قبل أن تتحول اليوم إلى واقع، لتعزيز البديل الحركي، الذي يتأسس على الانفتاح على مختلف المهن والحساسيات والمشارب الفكرية فضلا عن كونه يأتي في إطار المساهمة الفعلية في ورش الحماية الاجتماعية بقيادة ورعاية ملكية.
وبعد أن سجلت الكحيل أن هذا التنظيم لن يكون ذا طابع نقابي أو توجه فئوي مصلحي صرف، بل الغاية تأسيسه هي المصلحة العليا للوطن، وفي توافق تام ،مع توجه الحركة الشعبية في المعارضة ، لافتة إلى أن قطاع الصحة عرف عدة تطورات سواء على مستوى البنيات الأساسية أو الميزانية أو الترسانة القانونية ،ولكن الإشكال لازال قائما على مستوى الحكامة في التنزيل والتفعيل، الأمر الذي لم يثمر الرضى المنشود للمواطنات والمواطنين على الصحة.
ووفقا لرئيسة اللجنة التحضيرية فإن الصحة بالمملكة لازالت مشوبة بعدد من التحديات منها على سبيل المثال لا الحصر، نقص الموارد البشرية الطبية والتمريضية، و غلاء الأدوية وخاصة تلك المتعلقة بالامراض المزمنة أو المستعصية ونقص التجهيزات الطبية الإشكاليات المرتبطة بطب أقسام المستعجلات التحديات المرتبطة بالصحة بالعالم القروي والجبلي وإشكالية تمويل الحماية الاجتماعية، وطول المواعيد وإشكالية مايسمى ب”النوار” أوشيكات الضمان والتعرفة المرجعية وحرمان عدد من الفئات الفقيرة والمهمشة من التغطية الصحية بسبب المؤشر المجحف علاوة على الوضعية المادية والاجتماعية لمهنيي الصحة بصفة عامة، قائلة :”صحيح، لانقول بأننا نملك العصا السحرية للحل، ولكن نعلن بكل جرأة بأننا نتوفرعلى اقتراحات عملية، يمكنها أن تشكل بدائل حقيقية لهذا القطاع الذي يشكل ركيزة اساسية للدولة الاجتماعية المنشودة”.
يذكر أن المؤتمر التأسيسي للهيئة الطبية الحركية، الذي حضره بعض أضاء المكتب السياسي واعضاء برلمان الحزب، وشهد مشاركة هامة لفاعلين في القطاع، بمختلف تخصصاتهم ويمثلون مختلف عمالات وأقاليم المملكة، اختتم بالمصادقة بالإجماع على لائحة الدكتور كمال عز الدين والتي تضم 19عضوا.