علياء الريفي
دعا رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب إدريس السنتيسي، الحكومة إلى الانفتاح على مقترحات المهنيين، ومكونات الساحة الإعلامية بكل تنوعاتها، حتى نضمن تأسيس مجلس قوي، مستقل، وديمقراطي، يكون رافعة حقيقية لمهنة الصحافة وليس عبئا جديدا عليها، قائلا :”ما نحتاج إليه اليوم هو إعلام مهني، حر، مستقل، ومسؤول، يخضع لتقنين ديمقراطي، لا لتأطير إداري أو وصاية مؤسساتية، مجلس وطني يكون فضاء للحكامة المهنية، لا مجرد جهاز للتصديق والمراقبة(..) ومدخلا حقيقيا لإصلاح شامل للقطاع، يأخذ بعين الاعتبار الإشكاليات البنيوية التي يعاني منها، من هشاشة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للصحافيين، وضعف الضمانات المهنية، وتراجع حرية الصحافة، والرقابة الذاتية، والتحديات المرتبطة بأخلاقيات المهنة”.
وأوضح السنتيسي في مداخلة خلال جلسة عمومية تشريعية، خصصت لمناقشة مشروع قانون رقم 026.25 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، اليوم الثلاثاء بمجلس النواب، أن تدبير الحقل الإعلامي لا يمكنه أن يسمو الى المستوى المطلوب بدون عنصر بشري مؤهل ومتمتع بكافة الحقوق الإدارية والاجتماعية، يعزز دور الصحافة الوطنية كسلطة رابعة تؤطرها الأخلاقيات في ظل الاستقلالية والمسؤولية.
واستغرب السنتيسي السرعة التي يراد أن يمرر بها المشروع بهذه المؤسسة، رغم أهميته وحمولته والجدال الذي رافقه، لا يستقيم مع تحصين الأمن التشريعي والقانوني، ومع مضامين الرسالة الملكية الموجهة إلى أسرة الصحافة والاعلام سنة 2002، التي أكد فيها جلالة الملك محمد السادس على دور الصحافة في البناء الديمقراطي للمملكة وعلى تكريس حرية التعبير باعتبارها سبيلا لنهوض وتطور صحافة جيدة، فضلا عن مقتضيات الدستور وتقرير النموذج التنموي الجديد والالتزامات الطوعية للمملكة المغربية أمام الآليات الأممية المتعلقة بحماية حقوق الانسان.
وسجل رئيس الفريق الحركي بالغرفة الأولى، بأن هذا المشروع، في صيغته الحالية، يثير العديد من الملاحظات، منها تغييب المقاربة التشاركية في إعداد هذا المشروع، حيث لم يتم إشراك الفاعلين في القطاع من مهنيين، وتنظيمات مهنية، ومنظمات المجتمع المدني المعنية بحرية الصحافة، بالشكل المطلوب، وهو ما يتنافى مع أبسط مقتضيات الديمقراطية التشاركية ويضعف مشروعية النص ويفرغه من عمقه المهني والديمقراطي.
بالموازاة، عبر السنتيسي عن التخوف من التوجه نحو تكريس منطق التعيين وتقليص صلاحيات الجسم الصحفي في اختيار ممثليه داخل المجلس، بما يمس باستقلاليته ويجعله تحت تأثير السلطة التنفيذية، مسجلا تراجعا عن الاختيار الديمقراطي والبعد الجهوي في انتخاب أعضاء المجلس، بعد إلغاء النظام الانتخابي الموحد الذي كان يعكس مبدأ التمثيلية، سواء بالنسبة لفئة الصحفيين أو الناشرين، مقابل منح الحكومة سلطة التحكم في لجنة الاشراف على الانتخابات عبر تعيين ثلث أعضائها.
ويرى السنتيسي أن المشروع يطرح أيضا، معيارا جديدا لتمثيلية الناشرين يعتمد على رقم المعاملات المالية بدل نسبة المقروئية والمتابعة والمشاهدة بالنسبة للجرائد الالكترونية أو بالنسبة لعدد المأجورين، الأمر الذي سيكرس هيمنة المؤسسات الكبيرة على حساب المقاولات الصحفية الصغيرة والمتوسطة.
وأردف السنتيسي مسترسلا:” كنا ننتظر ان يجيب هذا المشروع على اختلالات حقيقية عرفها تدبير المرحلة الانتقالية بعد انتهاء ولاية المجلس السابق، وأن يؤسس فعلا لإصلاح حقيقي، يأخذ بعين الاعتبار مبادئ الشفافية والديمقراطية والاستقلالية والتعددية”.
وخلص السنتيسي إلى تأكيد الحاجة إلى إصلاح المجلس الوطني للصحافة، لكنه يرفض أن يكون هذا الإصلاح ذريعة لمزيد من التحكم والتوجيه السياسي في قطاع يجب أن يبقى مستقلا وحرا، مسجلا أننا أمام نص تشريعي يعيد إنتاج نفس الإشكالات، “بل يوسع من منسوب الوصاية الحكومية على قطاع يفترض أنه ينظم ذاته بذاته”.