صليحة بجراف
انتقد أوزين من نعتهم ب :”دهاقنة التضليل والباطل:”، الذين افتروا وعابوا استضافته لجاكي كادوش، المواطن مغربي معتنق للديانة اليهودية، وحملوا صلاته ودعاءه من أجل أمير المؤمنين نصره الله ومن أجل عزة المغرب أكثر مما يحتمل، في ندو سابقة، مشيرا إلى أن نفس التجني، تكرر بمناسبة تنظيم حفل ديني مؤخرا بمدينة الصويرة، في محاولة لتأليب الرأي العام المغربي واستغلال تعاطف المغاربة ملكا وشعبا مع القضية العادلة للشعب الفلسطيني، لنشر الأكاذيب والأراجيف والمغالطات:”.
وقال أوزين مخاطبا الحضور ::”لا أخفيكم سرا أنه، وقبل برمجة هذا النشاط الفكري، راودنا بعض التردد، تحسبا لبعض ردود الفعل التي تريد فرض نوع من الوصاية على الحرية والفكر من خلال التأويل الخاطئ وغير البريء لتيمات وموضوعات، بل وحتى حقائق وبديهيات، يسعون إلى حرماننا من التطرق إليها ومحاولتهم احتكار استعمالها حسب المزاج ووفق المزاد في سوق المواقف، في نهاية المطاف، عقدنا العزم وتوكلنا على الله، وقررنا تبني موضوع الندوة، الذي يرمي في الجوهر إلى ترسيخ الوحدة الوطنية ونبذ التفرقة، وإلى اعتبار تعدد الروافد عامل غنى وقوة وصلابة الجسد الواحد:”.
وأضاف أوزين، الذي كان يتحدث في افتتاح الندوة العلمية، التي نظمتها أكاديمية لحسن اليوسي، الدرع الفكري لحزب الحركة الشعبية، مساء الخميس بالرباط،،:”هذه هي مواقفنا ومنطلقاتنا في الحركة الشعبية، كحزب شفاف وواضح، لا يعرف ولا يتقن اللعب على الحبلين أو عدة حبال كالبهلوان، نميز بين العقيدة اليهودية وبين ممارسات حكومة إسرائيل، كما هو الحال بالنسبة لكل المغاربة النبهاء:”.
وزاد أوزين متابعا::”لست هنا في حاجة إلى التذكير بمواقف عدد كبير من المغاربة من الديانة اليهودية المعادين لسياسة إسرائيل والمساندين لحق الشعب الفلسطيني في العيش بسلام على أرضه وفي دولته المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشرقية:”.
وفي سياق ذي صلة، أكد أوزين أن الهوية الوطنية موحدة وغنية بتعدد روافدها بتعدد الإفريقية والحسانية والعبرية، مشكلة فسيفساء متكاملة تعكس الشخصية المغربية وعمق التاريخ المغربي وتنوع مكوناته الحضارية والإنسانية، مبرزا مكانة الرافد العبري في الهوية الوطنية، باعتباره تعبيرا عن التواجد اليهودي العريق في المغرب الممتد لأكثر من عشرين قرنا، والذي انصهر في مسار التلاقح الحضاري والثقافي واللغوي مع باقي المكونات.
ويرى أوزين أن اليهود المغاربة هم مغاربة أولا قبل أي انتماء ديني مكتسب، وهويتهم متجذرة في الأصالة المغربية حتى قبل دخول المسيحية والإسلام.
في المقابل، اعتبر أوزين :”الرافد الإفريقي مرآة عاكسة للعلاقات التاريخية والإنسانية بين المغرب وعمقه الإفريقي جنوب الصحراء:”، مسجلا أن هذا المعطى الذي تضمنه دستور المملكة، لم يكن مجرد شعار أو حبرا على ورق، بل جسدته السياسة الخارجية للمملكة التي يسهر عليها بشكل مباشر جلالة الملك محمد السادس، الذي رسخ البعد الأفريقي للمغرب:”.
وبخصوص الرافد الحساني الذي يعتبر مكونا خاصا بالأقاليم الصحراوية المغربية، حسب أوزين، مشيرا إلى الشعر الحساني والأغاني التقليدية التي تمثل تعابير حية لهذا الرصيد، قائلا إنها تعكس التنوع داخل الوحدة الوطنية وتجسد الارتباط العميق بين الدولة المغربية ومجتمعات الصحراء.
وذكر أوزين أن هذا التنوع الثقافي لم ينل بعد ما يستحقه من عناية وتنزيل فعلي على أرض الواقع في ظل غياب سياسات عمومية شجاعة قادرة على ترجمة هذا التعدد إلى برامج عملية في مجالات مختلفة.
يذكر أن الندوة التي حضرها رئيس الحزب محند العنصر إلى جانب العديد من أعضاء المكتب السياسي وممثلي المنظمات الموازية وروابط الحزب وعدد من الحركيات والحركيين، تميزت بمداخلات لثلة من الأساتذة والباحثين، الذين اجمعوا على أن الهوية المغربية جامعة تقوم على مكونات وروافد متعددة الافريقية، الحسانية، العربية والعبرية، مبرزين دورها في ترسيخ النموذج المغربي المتميز القائم على الانفتاح,
وفي هذا الصدد، أوصى المتدخلون القيام بمزيد من الأبحاث الأكاديمية والميدانية في التراث المادي واللامادي المرتبط بهذه الروافد، منوهين بدور المجتمع المدني في تعزيز قيم التعدد والتنوع داخل المجتمع المغربي، داعين إلى ضرورة الاستثمار في البحث العلمي والآثار والوثائق التاريخية كوسيلة لترسيخ الذاكرة الوطنية وحمايتها من التحريف.
وخلص المشاركون إلى أن التعايش المغربي ليس مجرد ثراث بل مشروع مستقبلي يجب تعزيزه في مواجهة التحديات العصر.