صليحة بجراف ــ عدسة/ سليم
اعتبر محمد أوزين الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، أن إمارة المؤمنين التي تميز المملكة المغربية، عنصر أساسي وراء استقرارها وساهم في توحيد أمتها عقائديا ومذهبيا، وجنبها فتن التطرف والانحراف.
وقال أوزين في مداخلة، خلال مشاركته، في ندوة علمية، مساء الخميس بالرباط، حول موضوع “خصائص الهوية المغربية بين التأصيل والتحديث”، إن المملكة المغربية الضاربة في عمق التاريخ، وملتقى للحضارات، وذات جذور راسخة وآفاق مفتوحة، بهوية نسجتها وصقلتها قرون من التراكم الحضاري، قائمة على أساس متين هو الإسلام المعتدل، المتسامح والمنفتح، وإمارة المؤمنين، والمذهب المالكي، والتصوف المتجذر في الروحانية، وممارسة دينية متوازنة.
وسجل أوزين في مداخلة حول موضوع” تأصيل الهوية الوطنية من منظور سياسي ومؤسساتي” أن الأصالة الدينية المغربية، لم تكن أبدا عائقا أمام الحداثة، بل هي من أقوى دعائمها، مضيفا أن الحداثة لم تعد ترفا أو حديث الصالونات المخملية، بل أصبحت ضرورة ملحة في مجالات التعليم، والعدالة، والاقتصاد، والثقافة، بل وحتى في تدبير الشأن الديني، وهي اختيارات حزب الحركة الشعبية منذ التأسيس”.وأكد أوزين، في هذا الصدد، أن الحركة الشعبية، ضد استيراد نماذج جاهزة من الخارج، ما دمنا نمتلك نموذجنا المغربي الخاص، الذي يزاوج بين الوفاء لقيمنا المتوارثة، والقدرة على مواجهة تحديات العصر من قبيل، المساواة بين المرأة والرجل؛ وحرية المعتقد والضمير في إطار ثوابت الأمة؛ وترشيد تدبير الحقل الديني؛ ومحاربة الجهل والفقر وكل أشكال الإقصاء والتهميش.
ويرى أوزين أن المغرب، انخرط تحت القيادة الملكية الرشيدة في هذا المسار الإصلاحي، من خلال إصلاحات جريئة تهم على سبيل المثال لا الحصر، إصلاح الحقل الديني وإحداث معاهد لتكوين الأئمة والمرشدات ومراجعة مدونة الأسرة وترسيخ التعدد الثقافي واللغوي والإدماج التدريجي للنساء في مهام الوعظ والتأطير الروحي.
وشدد أوزين على أن استكمال وتعزيز هذه المكتسبات، يتطلب الشجاعة السياسية، وبصيرة تاريخية متقدة، حتى نكون ملتزمين بقيمنا الروحية وحداثيين في اجتهاداتنا، ومغاربة أصلاء ومنفتحين على المستقبل، مشيرا إلى أن المغرب الذي نحلم به، لا يتعارض فيه الإيمان مع الحرية، ولا تتناقض فيه العقيدة مع الكرامة، ولا تقطع فيه الحداثة صلتنا بذاكرتنا الجماعية”، قائلا:” قناعتنا راسخة بأن مغرب الغد لا يمكن أن يبنى دون التسامح، لكون التسامح ليس ترفا أخلاقيا ولا مفهوماً مجردا، بل هو الأساس الحقيقي لأي مجتمع مستقر، مزدهر ومتضامن.
وبالتالي يسترسل أوزين متابعا “علينا تنزيل هذه التعددية في حياتنا اليومية، في مدارسنا، وإعلامنا، كل فعالياتنا الثقافية والفنية وحتى الرياضية بحكم جماهيريتها، لأن الثقافة، كما يقال، هي الإسمنت الصامد للتسامح ، الذي هو مسؤولية سياسية ومواطنة، تتطلب التصدي لخطاب الكراهية، والتشهير، والإقصاء، والانقسامات الجهوية، والظلم الصامت، مبرزا أننا اليوم أمام منعطف كبير، يتطلب منا المزيد من الشجاعة لمواجهة المستقبل بثقة في الذات المغربية، وترسيخ مغرب التسامح، والكرامة، والوحدة في التنوع.
وخلص المتحدث إلى التأكيد أن تحقيق رهان التنمية في المغرب، لن يتم دون الأخذ بعين الاعتبار هذه البنية الهوياتية والاجتماعية المركبة، فإغفال هذا الطابع المزيج في وضع السياسات العمومية يؤدي إلى الفشل، لأن السياسات العمومية التي لا تنسجم مع المنطق المجالي والترابي في أبعاده القيمية، يكون مصيرها الإخفاق، حسب تعبير الأمين العام للحزب محمد أوزين
إلى ذلك، أجمعت باقي المدخلات على أن المملكة تقدم نموذجًا هوياتيًا فريدًا ومتنوعًا، قوامه التعدد الثقافي والعرقي، حيث يتعايش فيها العربي والأمازيغي واليهودي والمسيحي والمسلم وغيرهم من المكونات، مبرزين انفتاح المملكة على الثقافات الأخرى وتأثرها بها، مع الحفاظ على الخصوصية الثقافية.
جاكي كادوش يطالب بإقرار رأس السنة اليهودية وطنيا وعطلة رسمية
من جهته، جاكي كادوش، رئيس الطائفة اليهودية المغربية بجهة مراكش-آسفي، طالب بإقرار رأس السنة اليهودية، عيدا،وطنيا وعطلة
رسمية، على غرار رأس السنة الهجرية والميلادية والأمازيغية، قائلا إن يهود المغرب يحدوهم أمل عميق في إقرار رأس السنة اليهودية عطلة رسمية وطنية، على غرار السنة الميلادية والهجرية، ومؤخرا السنة الأمازيغية التي استقبلنا ترسيمها بكثير من الفرح والسرور، داعيا في الوقت ذاته إلى الترافع على هذا المطلب على مستوى المؤسسة التشريعية.
في المقابل، تحدث كادوش في مداخلته التي تمحورت حول موضوع” التعددية الدينية ودورها في ترسيخ الهوية الوطنية” عن المكون اليهودي، الذي يعد جزءا لا يتجزأ من الهوية المغربية، ومن النسيج المجتمعي المغربي الذي تعايشت جميع مكوناته في سلام ووئام، ماضيا وحاضرا، ومدينة مراكش شاهدة على هذا التعايش.
يشار إلى أن الندوة الفكرية التي نظمتها أكاديمية لحسن اليوسي، الدراع الفكري لحزب الحركة الشعبية، تميزت بمشاركة ثلة من الباحثين والأكاديميين والمهتمين بالشأن الثقافي والهوياتي، منهم الشيخ محمد الفيزازي الذي ركز في مداخلته حول “الهوية الشرعية بين الموروث والتحديث”، نافيا أن يكون “هناك إسلام معتدل أو إسلام سياسي” ، قائلا إن الإسلام هو الإسلام، ولا يمكن تقسيمه إلى فئات معتدلة أو أخرى سياسية، ومداخلة الدكتور عبد الخالق كلاب، الذي تناول موضوع” الهوية الوطنية والهويات فوق وطنية”، ومداخلة، عدي السباعي التي ركزت حول” الهوية في الدستور المغربي: الحماية القانوني والحدود الممكنة” ثم مداخلة حسن رامو حول “تنوع الروافد الثقافي في الحضارة والهوية المغربية: المجال الصحراوي نموذجا”.