أنشطة برلمانية

بنشعبون يكشف ملامح مشروع قانون مالية 2020 أمام مجلسي البرلمان

الحكومة تخصص ما يناهز 26 مليار درهم لدعم القدرة الشرائية للطبقة المتوسطة

91 مليار درهم لقطاعات التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والصحة

الرباط/ علياء الريفي

تتوخى الحكومة من خلال مشروع قانون المالية لسنة 2020، الذي قدمه محمد بنشعبون، وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة،  الإثنين في جلسة عمومية مشتركة لمجلسي البرلمان، تحقيق نمو اقتصادي مع مواصلة التحكم في التضخم وضمان استقرار التوازنات المالية.

وتوجه أولويات المشروع بالأساس لدعم البرامج الاجتماعية، وتقليص الفوارق، وتسريع تنزيل الجهوية، وتحفيز الاستثمار ودعم المقاولة عبر اتخاذ مجموعة من التدابير لاستعادة الثقة ومواكبة الشركات الصغيرة جدا والمتوسطة والمقاولة الذاتية، وتمكين الشباب من إطلاق مشاريعهم والاستفادة من كل فرص الاندماج المهني والاقتصادي.

دعم “البوطا” والسكر والدقيق

خصصت الحكومة ما يناهز 26 مليار درهم لدعم القدرة الشرائية للمواطنين،لاسيما الطبقة المتوسطة.

ووفقا لمشروع قانون المالية، فأن هذا الدعم سيتم من خلال تنزيل التزامات اتفاق الحوار الاجتماعي، التي يبلغ أثرها المالي برسم سنة 2020 ما مجموعه 11.3 مليار درهم .

وكشف مشروع قانون المالية لسنة 2020 عن تخصيص اعتمادَ 13.640 مليار درهم من أجل دعم غاز “البوطان” والمواد الغذائية (السكر والدقيق) في إطار صندوق المقاصة.

وحسب الأرقام التي المعلن عنها في المشروع حول المقاصة 2020، فقد تم التخفيض من الاعتمادات المخصصة للصندوق بنسبة 4030 مليار درهم  بعد أن وصل اعتمادها خلال 2019، إلى 17.670 مليار درهم.

وبلغت تكلفة المقاصة إلى متم شهر شتنبر 2019، حسب المصدر ذاته، تسجيل سعر غاز “البوطان” 408 دولار للطن و سعر صرف الدولار 9.60 درهم للدولار، وعلى أساس هذه المعطيات، و كذا كميات المواد المدعمة المعروضة للاستهلاك، بلغت كلفة دعم غاز “البوطان” و السكر و دقيق القمح اللين 2,11 مليار درهم بالنسبة للفترة الممتدة من يناير إلى شتنبر 2019 ، منها 4,7 مليار درهم لفائدة غاز”البوطان”.

وأشارالمشروع إلى أنه بعد رفع الدعم عن أسعار المحروقات في سنة 2015، انخفضت نفقات المقاصة بشكل مهم حيث أصبحت تتراوح بين 13.5 و 17.5مليار درهم خلال الخمس سنوات الأخيرة، بينما كانت تتراوح بين 29 و 56 مليار درهم في الفترة الممتدة بين سنتي 2009 و2014،  مضيفا أن هذا الإجراء، مكن من تخفيف عبء المالية العمومية من نفقة اجتماعية غير فعالة، وبالتالي توفير الإمكانيات اللازمة لتعزيز سياسة اجتماعية أكثر استهدافا.

وتابع المشروع أن اقتصار نظام المقاصة على غاز “البوطان” والسكر وحصيص من دقيق القمح اللين، مكن  من الحفاظ على أسعار هذه المنتجات في نفس مستوياتها السابقة، وذلك بتحمل تجاوز سعر التكلفة وتقلبات أسعارها في السوق الدولية.

وحسب ذات المصدر، قد تميزت سنة 2019  بوضعية إيجابية نسبيا حيث انخفض سعر “البوطان” إلى 408 دولار  أمريكي للطن خلال الفترة الممتدة من يناير إلى شتنبر، مقابل 534 دولار أمريكي  خلال نفس الفترة من السنة الماضية، بينما ظل سعر السكر الخام في نفس المستوى عموما بين الفترتين.

استهداف الفئة الهشة

وموازاة مع ذلك،أورد  المشروع ، أنه ميزانية 2020، ستحسن من استهداف المواطنين في وضعية هشاشة والتطوير التدريجي للمساعدات المباشرة لفائدتهم، حيث تم تخصيص 630 مليون درهم لدعم الأرامل، و200 مليون درهم لمساعدة الأشخاص في وضعية إعاقة.

18 مليار درهم لتقليص الفوارق المجالية

كما أورد المشروع أنه تم تخصيص ما يناهز 18 مليار درهم من أجل تقليص الفوارق مجاليا واجتماعيا في الولوج للصحة والتعليم وكل الخدمات الاجتماعية الأساسية، مشيرا أيضا إلى ضرورة إيلاء أهمية خاصة لتعميم التغطية الصحية، عبر تخصيص 1.7 مليار درهم لبرنامج المساعدة الطبية “راميد”، موازاة مع بداية تفعيل التأمين الصحي للمستقلين، وتوسيع التغطية الصحية الإجبارية للطلبة، وتخصيص ما يفوق 3.5 مليار درهم في إطار تعزيز الدعم الاجتماعي للتمدرس بهدف تجاوز المعيقات التي تحول دون تمدرس أبناء الفئات المعوزة أو تتسبب في انقطاعهم عن الدراسة، خاصة بالعالم القروي، إضافة إلى  تخصيص 2.2 مليار درهم لدعم المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وفق التوجه الجديد لبرامجها التي تهدف إلى إطلاق جيل جديد من المبادرات المدرة للدخل ولفرص الشغل بهدف تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية.

وحسب المشروع ، سيتم مواصلة تنفيذ البرنامج الوطني لتقليص هذه الفوارق، عبر تخصيص ما قدره 7.4 مليار درهم ما بين اعتمادات الأداء والالتزام، مع اتخاذ كافة التدابير من أجل تعزيز نجاعة وفعالية هذا البرنامج

إحداث 20 ألف منصب مالي

و خصص مشروع  قانون مالية 2020، ما مجموعه 91 مليار درهم لقطاعات التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والصحة، وذلك موازاة مع إحداث 20 ألف منصب مالي موزعة على 4 آلاف منصب لقطاع الصحة، و 16 ألف منصب لوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، منها 15 ألفا لفائدة الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين.

وتمثل الاعتمادات المرصودة لهذه القطاعات ما يناهز 30 في المئة من الميزانية العامة للدولة، علاوة  على التدبير الهام الموجه بالأساس للقطاع الصحي، عبر تمكين المواطنين من الحصول على اللقاحات الكافية، حيث ينص هذا التدبير على إعفاء اللقاحات من الضريبة على القيمة المضافة.

الثقافة والفنون والرياضة

وبما أن الفنون والثقافة والرياضة ـ حسب مشروع قانون مالية 2020ـ  تعتبر مرتكزات أساسية لبناء مرجعيات مشتركة ورافعات لتقوية التماسك الوطني والقيم الإنسانية المشتركة للأجيال المستقبلية، فقد اقترح المشروع تدبيرين ينصان على تخفيض سعر الضريبة على القيمة المضافة من 20 إلى 10 في المئة على عمليات بيع تذاكر الولوج إلى المتاحف وقاعات السينما والمسرح، وكذا مواكبة تحويل الجمعيات الرياضية إلى شركات من خلال تحفيزات ضريبية.

رصد 9.6 مليار درهم لتسريع تنزيل الجهوية

أوصى مشروع قانون مالية 2020، بإعطاء  أولوية قصوى لتسريع تنزيل الجهوية لكون الجهوية رافعة لتغيير هياكل الدولة وتحسين الحكامة الترابية، ورافدا أساسيا لمعالجة الفوارق المجالية وتحقيق التوزان المنشود بين المجهود التنموي العام وبين خصوصية كل جهة، وسيتم في هذا الإطار رصد ما مجموعه 9.6 مليار درهم في إطار مشروع قانون المالية لسنة 2020، بزيادة 1 مليار درهم مقارنة مع سنة 2019، سيتم تحويلها للجهات لمواكبتها في ممارسة اختصاصاتها الذاتية والاضطلاع بأدوارها على مستوى التنمية الاقتصادية والاجتماعية على المستوى الجهوي،  كما سيتم تخصيص 10 في المئة من هذه الاعتمادات لفائدة صندوق التضامن  بين الجهات، في إطار التقليص التدريجي للتفاوتات بين الجهات مع إعطاء الاولوية لتفعيل آلية التعاقد بين الدولة والجهات عبر مواكبتها في إعداد برامجها المتعلقة بالتنمية الجهوية، وتفعيلها في إطار عقود برامج بين الدولة والجهات، ومواصلة المشاورات مع كافة الشركاء لتمكين الجهة من ممارسة اختصاصاتها الذاتية والمشتركة.

كما اعتبرالمشروع أن برنامج تنمية الأقاليم الجنوبية 2016-2021 يشكل نموذجا رائدا على مستوى التنمية الجهوية المندمجة التي تتظافر فيها مجهودات الدولة والمؤسسات والمقاولات العمومية والجماعات الترابية والقطاع الخاص.

تمويل المبادرة المقاولاتية

ووقفا للمشروع سيتم إحداث حساب مرصد لأمور خصوصية يسمى ” صندوق دعم تمويل المبادرة المقاولاتية ” ترصد له 6 ملايير درهم على مدى 3 سنوات في إطار الشراكة بين الدولة وبنك المغرب والمجموعة المهنية للأبناك.

ويأتي هذا الإجراء،تفعيلا للتوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس في الخطاب الذي ألقاه بمناسبة افتتاح السنة التشريعية الحالية،و سيخصص بالأساس لدعم الخريجين الشباب وتمكينهم من الحصول على قروض بنكية لتمويل مشاريعهم، وكذا دعم المقاولات الصغرى والمتوسطة العاملة في مجال التصدير، وخاصة نحو إفريقيا، وتمكين العاملين في القطاع غير المنظم من الاندماج المهني والإقتصادي .

كما يقترح المشروع مجموعة من التدابير الرامية لدعم الاستثمار وتخفيف الضغط الضريبي على المقاولات، وخاصة تخفيض السعر الهامشي للضريبة على الشركات الصناعية من 31 إلى 28 في المئة برسم رقم معاملاتها المحلي، موازاة مع تخفيض السعر الحالي للحد الأدنى للضريبة من 0.75 إلى 0.50 في المئة علاوة على مواصلة تفعيل الإصلاحات الرامية إلى تحسين مناخ الأعمال التي كان لها أثر كبير في تحسين ترتيب المغرب في تقارير السنوات الأخيرة لممارسة الأعمال للبنك الدولي، موازاة مع العمل على إخراج الميثاق الجديد للاستثمار وإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار.

آخر فرصة للتصريح بالممتلكات

ووفقا للمشروع ستكون سنة 2020 آخر فرصة للمغاربة من أجل التصريح بممتلكاتهم وأموالهم التي يتوفرون عليها في الخارج وتسوية وضعيتهم تجاه قوانين الصرف والالتزامات الضريبية.

وتضمن مشروع قانون المالية تضمن عددا من التدابير لاستعادة الثقة، من بينها التسوية الطوعية برسم الموجودات المحتفظ بها في شكل أوراق بنكية من قبل الأشخاص الذاتيين الذين أخلوا بالتزاماتهم الجبائية المنصوص عليها في المدونة العامة للضرائب.

كما يوجد ضمن التدابير أيضاً التسوية الطوعية برسم الممتلكات أو الموجودات المحتفظ بها خارج المغرب من قبل الأشخاص الذين أخلوا بالتزاماتهم تجاه مكتب الصرف، في إطار عملية أطلقت عليها الحكومة” عملية العفو” .

وحسب المشروع فإن المغرب وقع بتاريخ 25 يونيو 2019 اتفاقية متعددة الأطراف بغرض التبادل الآلي للمعلومات المتعلقة بالحسابات المالية مع دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، ستدخل حيز التنفيذ ابتداء من سنة 2021، وبعد دخول هذه المقتضيات حيز التنفيذ، ستكون السنة التي تليها “آخر فرصة للمغاربة من أجل التصريح بممتلكاتهم وموجوداتهم النقدية المنشأة بالخارج وتسوية وضعيتهم فيما يرتبط بقوانين الصرف والالتزامات الضريبية”، وعليه ستقوم الحكومة باتخاذ ما يلزم من إجراءات من أجل تبسيط المساطر المتعلقة بالصرف وبإحداث الحسابات البنكية بالعملة الصعبة، في إطار عملية التسوية الطوعية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى