الأخبار

وقت مستقطع !

حين تضيق الصدور من فرط الإجهاد والتعب، يصبح من الضرورة الارتكان إلى لحظات استراحة، ليس فقط من أجل تجديد الحماس واستنهاض الهمم، ولكن أيضا من أجل مراجعة الذات والموضوع في وضع صفاء فكري وفي منأى عن الضغوط والتشنجات.
السجالات المتعددة الأطراف التي هيمنت على الساحة الوطنية في الآونة الأخيرة، وفي أكثر من قضية، هي أمر مستحب ومحمود، ولايجب التعاطي معه وكأنه "حرب" تنتهي بغالب ومغلوب.
علينا استبعاد الحكم المسبق على النوايا والبحث عن الحائط القصير والمشجب المتجاوز المرتكز إلى "نظرية المؤامرة"، لأن هذه الأخيرة أصبحت من عداد الماضي ورواسب سنوات اللبس والغموض في العالم.
بالنسبة لنا في المغرب، معركة الإصلاح هي معركة الجميع ولايجب أن يتم احتكارها من البعض دون البعض الأخر، لأننا مجتمع ككل المجتمعات نؤدي ثمن التعدد والتنوع اختلافا وتباينا في الميول والآراء. لسنا كلنا ملائكة ولسنا كلنا شياطين، نحن بشر له محاسنه وعيوبه، والكمال لله وحده.
ولكي ينجح مسار الإصلاح، علينا عدم السقوط في مطب تصنيف المغاربة بين "أبرار"و"أشرار" وزرع الأحقاد ونزعات الانتقام، لأننا جميعا، كل من موقعه، مسؤولون عن مخلفات واقع تحكمه عقليات وثقافة معينة.
علينا أن نحشد الطاقات ونعبئ الكفاءات، عوض خلق "أعداء" افتراضيين، لا لشيء سوى لأننا نختلف معهم، وعلينا أيضا استلهام الحكمة من التاريخ ومن رجالاته العظماء، كالملك المحرر محمد الخامس رحمه الله، الذي وضع حدا للفتنة والانتقام، مباشرة بعد استقلال البلاد وحدوث واقعة "الباشا البغدادي"، فتلك الحكمة جنبت بلادنا عددا من الويلات.
"فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ".

محمد مشهوري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى