نبل السياسة
محمد مشهوري:
ترسخت في عدد من الأذهان صورة نمطية مغلوطة عن السياسة، تعتبر هذه الأخيرة، ظلما وعدوانا، مرادفا ل "المناورة" و"الخبث" و"التمقليع" بدارجتنا المغربية، وهو الأمر الذي أبعد الناس عن الاهتمام بالشأن السياسي وكرس ظاهرة العزوف.
من ينشرون هذه الصورة النمطية يتجاهلون أو يجهلون التاريخ. فالمجتمع السياسي عند الإغريق القدامى تطلع إلى "المدينة الفاضلة"، كما أن قيام أول مجتمع سياسي في تاريخ الإسلام ( دولة المدينة المنورة) على يد الرسول الأعظم صلوات الله عليه، كان استنادا إلى الأخلاق والفضيلة.
اليوم، هنالك من يربط الممارسة السياسية بالطموح الشخصي فقط معتمدا شعار "أنا وبعدي الطوفان"، متناسيا أن الطموح الشخصي، وإن كان مشروعا، مرتهن أساسا بالقدرة على خدمة المجتمع في إطار نكران الذات، وليس بالدوس على الآخرين والتنكر لعطاءاتهم وإسهاماتهم وللبنات التي وضعوها فيما سبق.
منتهى الأنانية أن نفكر ونحسب لذواتنا فقط دون أدنى اعتبار للآخر، ومنتهى الجحود أن نستعمل السيارات الفخمة دون استحضار من اخترع العجلة والمحرك، أو أن نتمتع بالاستقلال دون الترحم على من دفعوا الأرواح وبذلوا التضحيات من أجله، أو أن ننعم بأجواء الحرية والتعددية دون تذكر من كانوا وراء ترسيخ ذلك.
السياسة، شئنا أم أبينا، أخلاق وفضيلة ووفاء وصدق.
صدق الشاعر القائل: إنما الأمم الأخلاق ما بقيت….. فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا.