موفق.. درس التوفيق
بدون مقدمات، يمكن الجزم بأن الدرس الأول الذي افتتح به الأستاذ أحمد التوفيق سلسلة الدروس الرمضانية لهذا الموسم، جسد محاولة تشخيص موضوعي للواقع المجتمعي المغربي.
بمنهج المؤرخ الملم بتفاصيل تطور الدولة المغربية عبر العصور وبسلاح العالم المتمكن من أصول الفقه وبرؤية الباحث السوسيولوجي (وتلك صفة تضاف إلى مؤهلات الرجل)، فصل التوفيق مختلف التيارات التي تتموقع في ظلها المكونات الفكرية والسياسية للشعب المغربي، وخلص إلى أن نجاح هذه المكونات في ضمان دور مؤثر مرتهن باحترام الثوابت التي اختارها المغاربة وصانوها أبا عن جد.
لقد نجح المحاضر في توصيف معتقدات المغاربة، لم يقلها بصريح العبارة، ولكن مفهوم من السياق أنهم مع "النية أبلغ من العمل" يستلهمون ذلك من دعاء الفاروق رضي الله عنه: اللهم ألهمنا إيمان العجائز" المؤدي إلى السعادة الإجتماعية.
كما نجح الأستاذ التوفيق في إنصاف العلمانية من دعوات التكفير، لأن العلمانية لم تكن في يوما من الأيام ضد الأديان، بل تتعامل معها من منطلق التقديس والحرمة رافضة استغلال الدين من أجل بلوغ مآرب السياسة.
ولعمري، وفي المرحلة الراهنة، ما أحوجنا في المغرب إلى وضع حد للنقاشات السفسطائية حول الدين، ما دام أغلبية المغاربة مسلمون بالفطرة، والانكباب فقط وبتركيز على معالجة معضلات العصر المتمثلة في التنمية والنهوض بمستوى الإنسان، وهي المهام الموكلة إلى الساسة من خلال وضع برامج واقعية، وترك الدين للمؤسسة التي حمته وصانته على امتداد القرون.
لقد أجدت وأقنعت وجعلتنا ننسى فتاوى الخضروات وتحريم جلوس المرأة إلى الحاسوب بدون محرم !
محمد مشهوري