مواطن على “قد الحال” !
حاول امتهان الكذب، ولو كان كذبا "أبيضا" كما يبرر البعض هذه الخصلة المقيتة، لكنه فشل في هذا المنحى، لأنه يؤمن بأن حبل الكذب قصير وبأن هذا الأسلوب معصية للخالق قبل أن تكون خداعا للمخلوق.
فكر في بيع السجائر ب"الديطاي" أو اصطناع عاهة للتسول في الحافلات، لكن ماء وجهه غلبه، وآثر المبيت بلاعشاء على مائدة مذلة.
خامرته فكرة النصب والاحتيال على الخلق، خاصة في ظل استمرار "الغفلة"، لكنه اكتشف أن هذا السلوك "صنعة" يعدم قواعدها وفي صدارتها عدم الشفقة و تنبني فلسفة "مافيش ياما ارحميني".
ساورته الدخول في مغامرة بيع المخدرات أو المتاجرة السرية في الخمور ك"كراب " للقرب، عدل عن الفكرة بعد أن لملمت ذاكرته مآسي الضحايا من قتلى ومساجين ومعتوهين.
حاول إقناع نفسه بأن المتاجرة في اللحم الرخيص لبنات جلدته "مشروع" مغر و مدر للمال السهل، لكن ضميره ساءله إن كان سيرضى بيع لحم أخته أو ابنته أو زوجته، فاستعاذ بالله من الشيطان الرجيم.
حتى فكرة المتاجرة في الوطن وقيمه وثوابته، طرأت على مخيلته، وهو يعاين شخوصا سخرت أقلامها وأبواقها لخدمة أجندات أعداء وحساد الوطن، لكنه استحضر كفاح الآباء والأجداد من أجل صون هذا الصرح شامخا وتذكر قسم المسيرة، و بصق ثلاث مرات على شماله وقرأ المعوذتين.
أخيرا، أعيته الحيلة وانزوى في مكان منعزل. تذكر وصايا والده ودعا له بالرحمة والمغفرة، ومتضرعا إلى الله أن يلطف بهذا البلد.
محمد مشهوري