ما بعد 25 نونبر
لا يسع كل من يهتم بالشأن السياسي سوى أن يتفاءل (والسياسة هي فن الممكن الذي لا يعرف اليأس) وهو يعاين الحماس الذي يسكن الأعداد الكبيرة من المتطلعين إلى ممارسة دور التشريع بأول مجلس نيابي في ظل الدستور الجديد، فهذا من مؤشرات الحالة الصحية للسياسة في بلادنا وخير رد على العدميين والتيئيسيين، إلا أن هذا الحماس يجب أن يكون مرتبطا بنظرة استشرافية للمستقبل. كيف ذلك ؟
إن اقتراع 25 نونبر على الرغم من أهميته كأول محك للشروع في تنزيل مقتضيات التعاقد المجتمعي الجديد، لا يمثل في حد ذاته كبرى الغايات والمنتهى، بل هو مدخل لإصلاحات واستحقاقات مؤسساتية لا تقل أهمية، نظير الجماعات المحلية والمجالس الجهوية التي سيكون لها دور أساسي في برمجة وتنفيذ السياسات التي تعني المواطنين عن قرب.
ذات مرة، قال المغفور له الملك الحسن الثاني ما مفاده تفضيله للعمل الجماعي المحلي على العمل التشريعي الوطني، بحكم طبيعة الأول اللصيقة بالحياة اليومية للساكنة.
لذلك، على كل من تسكنه الإرادة في خدمة الوطن أن يدرك بأن الواجهات متعددة بتعدد التحديات، وبأن الإمكانيات التي يتيحها الدستور الجديد تتسع أمام كل من يريد المساهمة في اتخاذ القرار وبلورة الأفكار على أرض الواقع، ولا فضل لموقع على أخر سوى بالعمل الجاد وبروح المواطنة، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
محمد مشهوري