لا ديمقراطية في غياب الأمن
محمد مشهوري
برهنت الأحداث المؤسفة المتواترة في الشقيقة مصر وغيرها من البلدان التي اجتاحتها موجات "الربيع العربي"، وبما لا يدع أدنى حيز للشك أو المزايدة باسم "عشق الديمقراطية"، أن نجاح عملية الدمقرطة مرتهن باستثباب الأمن وسيادة سلطة الحق والقانون ودولة المؤسسات.
لقد زاغت جل ثورات الحراك العربي عن أهدافها، بعد اختلاط الحابل بالنابل، وتحول حماس الشعارات العظيمة إلى نيران حقد وانتقام يدفع ثمنها، للأسف الشديد، الناس البسطاء من قوت يومهم بل ومن أرواحهم ودمائهم.
في لحظة حماس مبالغ فيه، تناست الجموع التي اختارت الميادين العامة مقرات للثورة أن أهداف هذه الأخيرة لا يمكن أن تتحقق في ظل الفوضى وغياب الأمن وشل حركة الاقتصاد، وبالتالي خسرت هذه الثورات تعاطف فئات مجتمعية واسعة أصبحت تترقب، بين الفينة والأخرى، استقبال أبنائها على النعوش أو زيارة "بلطجية" في عقر الدار.
هب أن هذه الثورات نجحت في بناء دولة جديدة، فهل ستستقيم الدولة بدون أمن ومخابرات وعجلة إنتاج ؟
يبدو الآن، وأتمنى أن أكون مخطئا، أن ما يقع وما وقع أنسى العرب قضيتهم الجوهرية وأن حلم "من النيل إلى الفرات" يوشك أن يتحقق، بعد أن أصبحت بلاد العربان "وكالة من غير بواب" !