في مساءلة الذات (1)
بالمصادقة الشعبية الواسعة على الدستور الجديد، تكون مرحلة العمل الحقيقية قد ابتدأت بالفعل، لأن يوم فاتح يوليوز 2011 الذي ضمن له مكانة في تاريخ الأمة ليس نهاية المطاف.
نعم، يحق لكل المغاربة أن يفخروا بهذا الانجاز الديمقراطي والحضاري الكبير الذي تم في ظل واقع إقليمي جد متأزم، لكن المطروح على كل المغاربة، فردا فردا، عدم الارتكان إلى التواكل و السلبية ، بل على كل منا أن يحتكم في لحظة صفاء ذهني إلى عقله وضميره ويتساءل: ما الذي يجب علي فعله من أجل المغرب؟ وكيف يمكنني أن أساهم في عدم تحويل دستور كل المغاربة إلى نص بلا روح؟
ومع الإدراك العميق بأن ثمار هذا الدستور لن تينع بين عشية وضحاها، لأنه من الصعب التخلص من رواسب وعقليات الماضي، يعتبر لزاما التحلي بالصدق مع التعامل مع مآل الوطن، والنأي عن التهافت على تلبية رغبات الأنا تحت مسميات عدة.
معركتنا الحقيقية اليوم هي تمكين المغرب من الرجال والنساء الذين لديهم القدرة والكفاءة على مسايرة روح الدستور الجديد قولا وفعلا، ولا يمكن النجاح في هذه المهمة الوطنية إذا لم يتخل كل منا عن تزكية الذات.
مستقبل المغرب ليس حقلا للغنائم، وليست السياسة ولا يجب أن تكون بديلا للريع الاقتصادي الذي تحذو المغاربة، قمة وقاعدة، إرادة قوية في إحداث قطيعة نهائية معه.
إذا أردنا أن نعيد للفعل السياسي طابعه النبيل، على كل منا أن يمتلك الشجاعة الأدبية للجهر بأن” فلان أو فلانة أجدر مني بهذا الموقع في خدمة البلد، وبأن لي دورا آخر يمكن القيام به أحسن قيام في مواقع أخرى” دون أن يتحول تجديد النخب إلى أداة للتنكر لجهود وقدرات والموقع الاعتباري لمن سبقنا إلى خوض غمار المنعرجات الصعبة للعمل السياسي، فلازلنا في حاجة إلى حضور حكمتهم وتجربتهم ودعمهم المعنوي للأجيال الجديدة، فمن الجحود القول بأن ما نعيشه اليوم من مكاسب ديمقراطية جاء ذلك من فراغ.
تلك خطوة أولى من خطوات كفيلة بإحياء الأمل والإيمان بأن المغرب لازال بخير.
ولمساءلة الذات بقية.
محمد مشهوري