الأخبار

“خلعة” انتخابية !

لا يسع الذي يطلع على الترسانة القانونية الانتخابية سوى أن يطلب “التسليم من رجال البلاد”، لأن أي خطوة غير مدروسة من شأنها أن تضرب كل شيء في الصفر، هذا إن لم تكن السبب في إرسال صاحبها إلى إقامة “الزاكي” أو “العواكش” أو تضمن لها مكانا مع”المسلسلين” قرب قبة ولي من الأولياء الصالحين بدل قبة البرلمان.
قد تبدو هذه المقدمة جد مبالغ فيها، لأن المبدأ يقول إن القانون ليس غولا بل آلية تنظم العلاقات والسلوك، لكن ما عرفته التجارب السابقة من “تربص” المتنافسين لبعضهم البعض للإيقاع في المصائد، تدفع المرشح إلى الشك حتى في نفسه، ولذلك وجدت نفسي، منذ أيام أمام مشهد مثير للضحك بطله شيخ “دا وجاب في الزمان” وهو يوجه نصائح مجانية في حافلة النقل العمومي إلى كل مرشح افتراضي من ركاب الحافلة.
وتحذر نصيحة الشيخ، التي قد تدرس يوما في شعبة العلوم السياسية، كل من مرشح من “حمل النقود معه” و”التفكير في دعوة صديق إلى المقهى” و”التحدث في الهاتف المحمول” و”إفشاء السلام على عامة الناس” و”استقبال الناس في البيت” وهلم جرا، أي بالعربية تاعرابت على المرشح أن يعتزل الناس خلال موسم الحملة ( نجحنا بكري يا عمي الحاج) !
هذا المنطق في التعامل مع السياسة والانتخابات بشكل خاص، وإن كان له ما يبرره بحكم ما يشوب العملية أحيانا من فساد وإفساد، يدفع أيضا إلى إعادة النظر في بعض المفاهيم التي لا نجد لها مكانا سوى في القاموس المغربي من قبيل الحملة الانتخابية السابقة لأوانها، لأن اعتماد هذا المفهوم وتداوله يختزل العمل السياسي المرتكز أساسا على تواصل النخبة مع الشعب، في فترات الحملة، وهو ما يكرس العزوف ويسم السياسة بالموسمية.
نعم للقانون سيادته وللسياسة نبلها الذي يحتم الابتعاد عن أساليب التدليس وشراء الذمم، لكن يجب كذلك ترك هامش أوسع للسياسي للتواصل مع الناس وعدم النظر إلى المرشح وكأنه “متهم حتى تثبت إدانته”، وعلى كل حال “ماشي اولاد عبد الواحد كلهوم واحد”.
يفصلنا يومان عن بداية الحملة. نتمنى أن تكون ممتعة ومفيدة ونظيفة، ورفع مستوى الأداء مسؤوليتنا جميعا، كمرشحين ومناضلين ومتعاطفين، وكمواطنين قبل كل شيء، لأن نريد منتصرا وحيدا: المغرب.

محمد مشهوري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى