جماعة الحمام على إيقاع الاحتجاجاتمواجهات عنيفة بين القوات العمومية ومحتجين بأيت سيدي احمد أحمد
مريرت – محمد مرادي
داهمت جحافل من القوات العمومية نهاية الأسبوع الماضي منطقة بإغرم أوسار حيث اعتصم بها حاملو الشواهد والسواعد من أبناء ساكنة أيت سيدي احمد احمد بالطريق المؤدي إلى منجم سيدي أحمد أحد المناجم الثلاثة لشركة تويسيت تيغزى بجماعة الحمام، احتجاجا على إقدام إدارة الشركة على ترسيم أغلب العمال من خارج المنطقة دون أن تعير أي اهتمام لأبناء هذه الساكنة الذين لا يزالون غير رسميين بالرغم مما قضوه من سنوات الكد والجد بهذه الصفة، وعدم استجابتها لمطالبهم المشروعة المتعلقة بإعطاء أولوية التشغيل لأبناء هذه المنطقة قبل غيرهم و تزويد الساكنة بالماء الشروب لها ولماشيتها.
و بدون مقدمات خير المسؤول الأول عن هذه القوات العمومية المعتصمين بين أمرين لا ثالث لهما: فك الاعتصام طوعا أو تفكيكه كره،غير أن المحتجين الذين آمنوا بأن بلادنا دخلت فعلا في نادي الدول الديمقراطية و حقوق الإنسان و الحداثة ، و أن احتجاجهم احتجاج سلمي لمطالبة الشركة التي تستخرج من باطن هذه المنطقة ثروات معدنبة هائلة دون أن يكون نصيبها سوى الغبار و التلوث ، بتزويدهم بالماء الشروب و بأولويتهم في التشغيل و الترسيم ، هؤلاء مدوا جميعهم أيديهم للمسؤول عن القوات العمومية ، مقترحين عليه اعتقالهم إذا اعتبر سيادته هذه المطالب غير مشروعة، إلا أن اقتراحهم لم يدخل في إطار الخيارين المطروحين،فأعطى حينها أوامره لاستعمال الهراوات و تفكيك الاعتصام، و كان أول ضحايا التنكيل و التعنيف نساء أغمي على العديد منهن في عين المكان و ثلاث مسنين كانوا في مقدمة المعتصمين، أحدهم تواجد في المكان غير المناسب بالصدفة لأنه جاء فقط لأداء صلاة الجمعة.
و لتفريق المحتجين تم استعمال القنابل المسيلة للدموع ما جعل الشبان يفرون في مختلف الاتجاهات ضنا منهم في الوهلة الأولى أن الأمر يتعلق بالرصاص الحي ، و لأنه يتقن الأمازيغية ، عمد السيد الكولونيل الذي تم استقدامه من مكناس ‘إلى استفزاز مشاعر الفارين بقوله لهم أنه سيعطي أوامره لاستحياء نسائهم (و هو أمر لم يسجله التاريخ إلا على فرعون)مما أجج غضب هؤلاء الشبان الذين قرروا الدخول في مواجهة غير متكافئة لا من حيث العدد و لا من حيث العتاد، و بدؤوا في التراشق بالحجارة مع عناصر القوات العمومية مما نتج عنه إصابات متفاوتة الخطورة في صفوف الطرفين بمن فيهم المسؤول الكبير، و اعتقال ستة أشخاص تم التنكيل بهم و رفسهم و تعنيفهم في عين المكان و أمام الملأ، من بينهم ممثل السكان بالجماعة القروية، و ذلك بعد مداهمتهم لمنازل احتمى بها هؤلاء الذين لم يريدوا الدخول في مواجهتهم بالتراشق بالحجارة، حتى أن أحدهم تم إخراجه من خم الدجاج، و استطاع باقي الشبان الإفلات من قبضتهم فصعدوا إلى قمة جبل عوام حيث بقوا محاصرين فيها في عز أيام رمضان.
وبينما تم نقل المصابين من عناصر القوات العمومية إلى المستشفى الإقليمي بخنيفرة لتلقي الإسعافات اللازمة والحصول على شواهد طبية، لم ينتبه أحد إلى المصابين في صفوف السكان من النساء والشيوخ و الشبان الذين صعدوا إلى الجبل مدرجين في دمائهم،و تم تطويق المنطقة برمتها لا يدخلها أحد طيلة يوم الجمعة دون التدقيق في هويته بمن فيهم مراسلين صحفيين تم منعم في الوهلة الأولى قبل أن يتم التراجع عن هذا المنع.
و كان سبق أن زار رئيس الدائرة الاعتصام الذي نظمته مجموعة من سكان أيت سيدي أحمد احمد يوم الخميس،و فتح حوارا مع المحتجين الذين عبر لهم شخصيا عن مشروعية مطالبهم، و وعدهم بنقلها و مناقشتها مع عامل الإقليم من أجل إيجاد حل للإشكاليات المطروحة، على أن يبلغهم بنتائج هذا النقاش لفك الاعتصام، ليفاجأ الجميع قس اليوم الموالي بإنزال جحافل القوات العمومية المدججة بالهراوات و القنابل المسيلة للدموع و الأذرع الواقية .و هو ما لم تشهده المنطقة يقول أحد المسنين حتى في عهد الحماية بالرغم من العصيان الذي أعلنوا عنه لسلطات المستعمر.
و في تطور للأوضاع بالمنطقة ، انتقل مساء يوم السبت الماضي عدد من سكان أيت سيدي أحمد احمد من مدينة مريرت إلى عين المكان ، و قاموا باستقدام سيارة إسعاف نقلت إلى المستشفى الإقليمي المصابين من النساء و المسنين لتلقي ما يلزم من علاج، و تم إحياء ليلة القدر في مسجد الدوار مع الساكنة المحلية، حيث كانت مناسبة لتدارس الأوضاع ، و تقرر مطالبة المسؤولين بفتح تحقيق نزيه و عاجل فيما حدث ، و إنصاف الساكنة بإيجاد حل دائم لمشكل الماء والتشغيل و ترسيم العمال ، و ذلك من أجل نزع فتيل التذمر و الاستياء من نفوس هذه الشريحة من المواطنين الذين اعتبروا أنفسهم ضحايا الحكرة و التهميش.