تحديد مفاهيمي
يستحيل فتح نقاش جدي في ظل الخلط المفاهيمي الذي يهيمن على ما تعرفه الساحة من سجالات عقيمة ومتشنجة بين بعض من يدعون تمثيل العلمانية من جهة وبعض التيارات الدينية من جهة ثانية.
التحديد الدقيق للمفاهيم يجعلنا نكتشف أو نعيد اكتشاف أن العلمانية ليست عدوا أو غريما للدين ومنافسا له في مضمار الصراع العقائدي، كما أنها ليست بديلا إيديولوجيا( بالدلالة السياسية) لباقي الإيديولوجيات من ليبرالية واشتراكية وشيوعية…
يمكن للعلماني أن يكون ليبراليا أو اشتراكيا، يدين بالإسلام أو المسيحية أو اليهودية أو البوذية أو الهندوسية، لكنه يلتقي مع باقي العلمانيين (أينما كانوا في مكة أو روما أو تل أبيب أو بانكوك أو بومباي) في الاتفاق حول مبدأ أساسي غير قابل للتفريط: عدم استغلال الدين في السياسة، ويجسد ذلك في العمق احتراما للأديان ولحرية المعتقد، شرط ألا يسقط الشخص المتدين معتقداته على المجتمع، هذا الأخير المجسد لاجتماع كل الملل والنحل والتوجهات في إطار منظم مستند إلى القانون وإلى القيم الإنسانية الكبرى المشتركة من حرية وعدالة ومساواة وديمقراطية وتسامح وتعايش.
وعليه، فإن النقاش الحقيقي في المجتمع يجب أن يتجاوز مرحلة الطعن والطعن المضاد في القيم.
الناس يريدون العيش الكريم، ولا يمكنهم أن يعيشوا في هذه الدنيا مرتين.
محمد مشهوري