الأخبار

برلمان الحزب

محمد مشهوري:

ليست الديمقراطية الداخلية اكتشافا جديدا بالنسبة للحركة الشعبية التي كان لها السبق والريادة في الدعوة إلى ترسيخ قيم التعددية والديمقراطية منذ السنوات الأولى لاستقلال البلاد، وبالتالي فإن انعقاد دورة المجلس الوطني للحزب يوم السبت المقبل لا يخرج عن سياق تمرين ديمقراطى داخلي أسست له وقعدت مقتضيات النظام الأساسي.
فعلى عكس ما تحاول بعض القراءات والتاويلات المتسرعة إسقاطه من حمولات “الاستثناء” على هذا الاجتماع، نذكر، لعل الذكرى تنفع المؤمنين، بأن الحركة الشعبية دأبت على الدعوة إلى التئام برلمانها، إن بشكل عاد أو كلما دعت الضرورة قيادة الحزب إلى استشارة هيئته المقررة في أمور تستدعي اتخاذ قرارات مسؤولة وملزمة لكل الحركيات الحركيين، بناء على الثقة التي وضعوها خلال المؤتمر الوطني الثاني عشر في من يمثلونهم في ثاني أعلى هيئة مقررة بعد المؤتمر الوطني.

واذا كانت المناسبة شرط كما يقال، فإن الظرفية السياسية الراهنة التي تميزت بإجراء ثاني انتخابات نيابية في ظل دستور فاتح يوليوز 2011، تضع برلمان الحزب امام مهمة تقييم حصيلة هذا الاستحقاق من اجل الوقوف عند نقط قوة الحزب بشأنها وكذا تحديد مكامن القصور قصد استنتاج الخلاصات والدروس والعبر من اجل المستقبل، لأن وجود الحزب كرقم أساسي في المعادلة السياسية الوطنية لا يرتهن بنتيجة استحقاق معين، بل بسيرورة تاريخية ممتدة الأبعاد على المدى المنظور.
تطرح كذلك مسألة الاستمرار في الحكومة من عدمها، وهو ما كان مطروحا أيضا على برلمان الحزب بعيد انتخابات 25 نونبر 2011، حيث رسا موقف الحزب على خيار المشاركة في إنجاح أول تجربة بعد التعاقد الدستوري الجديد، من منطلق الحرص أولا وقبل كل شيء على مصلحة الوطن واستقراره السياسي و المؤسساتي. وبطبيعة الحال، سينكب برلمان الحزب في اجتماعه يوم السبت، على تقييم حصيلة مشاركة الحركة الشعبية في الحكومة المنتهية ولايتها من كل الأوجه و الجوانب، بهدف تحديد القيمة المضافة التي سجلها الحزب في رصيده، ولاستشراف آفاق مواصلة التجربة بما يضمن للحزب مكانته المستحقة فعليا ورمزيا، باعتبار أن النتائج المحصل عليها في اقتراع 7 أكتوبر لا تعكس الحضور الفعلي للحركة الشعبية، لاعتبارات يعرفها الخاص والعام، حيث أدى الحزب أكثر من غيره ثمن استمرار ظاهرة الترحال السياسي، في تعارض تام مع مساعي تخليق الممارسة السياسية.
ان مهمة برلمان الحزب تتحدد أساسا في تحديد التوجهات والاختبارات الإستراتيجية ومعايير قرار التموقع، التي يجب ان تراعي كما أسلفنا مبادئ وأولويات الحركة الشعبية ومواقفها التي اتسمت على الدوام بالوضوح وعدم الازدواجية والابتعاد عن الحرباءية. وبالتالي تعزز القدرة التفاوضية لأميننا العام، الذي يمثل كل الحركيات والحركيين بثقة صناديق الاقتراع في مؤتمر 2014.
لتكن دورة السبت دورة المسؤولية والأمانة اتجاه الوطن واتجاه الحزب. وستكون كذلك، لأننا ديمقراطيون و لسنا بصدد إعادة اختراع العجلة!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى