انكشف القناع
لم يفاجئنا الخروج الإعلامي لضيف برنامج “حوار” لمساء الثلاثاء الماضي لأحد قياديي حزب الاستقلال وهو يتناول موضوع ترسيم اللغة الأمازيغية في مشروع الدستور المرتقب، وهو في الحقيقة الموقف الذي طالما آمن به حزب الاستقلال، وإن حاول بعض قيادييه في العديد من المناسبات التستر عليه واستعمال أسلوب النفاق السياسي لإيهام المغاربة، وبالخصوص الأمازيغ منهم، بأن موقفهم من هذا الموضوع يتسم بنوع من المرونة وبالتالي فإنهم سيدافعون عن دسترة اللغة الأمازيغية.
إلا أنه بعد الشروحات والتفاصيل التي وافانا بها ضيف برنامج “حوار”، تأكد لدى المغاربة، وبالملموس، أن عداء مناضلي هذا الحزب للأمازيغية هو الأصل وأنه تاريخي، وهذا ما يفسر كل المبادرات التي تم إحباطها في هذا الشأن ومنها على الخصوص تغييب اللغة الأمازيغية في مناهجنا الدراسية والفكرية والعلمية، رغم أن المغرب حصل على استقلاله منذ ما يزيد عن 55 سنة. بل واستمر هذا العداء حتى بعد الخطاب التاريخي لجلالة الملك في أجدير وإحداث المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية وإقرار تدريس الأمازيغية في التعليم العمومي، حيث لم تسفر كل هذه المجهودات إلا عن نتائج لا ترقى إلى طموحات فئات عريضة من المغاربة، وماتأخير انطلاق القناة التلفزية الثامنة المخصصة للغة والثقافة الأمازيغيتين إلا دليل عن غياب الإرادة لدى هؤلاء المسؤولين لتجسيد الإرادة الملكية في هذا المجال.
واليوم، وبعد ما بدأت أولى بوادر الدستور الجديد تلوح بدسترة اللغة الأمازيغية كلغة رسمية إلى جانب اللغة العربية، انكشف القناع وخرجت بعض الأصوات النشاز لتحذرنا من حدوث” الفتنة” إذا ما تم إقرار هذا الترسيم، حيث – حسب مزاعم هذه الأصوات – سيحدث الصراع بين الزوجين الذين لا ينتميان إلى نفس الأصل ليطالب الزوج ذو الأصل العربي بتحرير وثائقه بالعربية ويطالب الطرف الثاني بوثائق محررة باللغة الأمازيغية، وهذا عين العبث ،لأن مثل هذه المشاكل التي تحدث عنها صاحبنا لم نعشها ولم نر لها أثرا حتى بين الأزواج في ظل الزواج المختلط.
ألا تعتبر مثل هذه الخرجات الإعلامية والخطابات المماثلة لها دعوة صريحة إلى الكراهية والعنصرية من قبل فئة لم تستوعب كل التغيرات التي تعرفها بلادنا أسوة بباقي الدول، وبالتالي وجب رفضها واستنكارها والتصدي لها.
إن بلدنا في حاجة إلى رجال ونساء يؤمنون بصيرورة الحياة والتغيير، وهذا ما يجب على وسائل الإعلام الوطنية الاجتهاد فيه والبحث عنه لدى مواطنين يدعون روح الوحدة والتضامن بين كل المغاربة حتى يكون النقاش بناء وإيجابيا يسير ببلدنا إلى ما نتوق إليه جميعا من وحدة في إطار التعدد والاختلاف.
أحمد سيبة