الأخبار

الحزب في خدمة الوطن.. والعكس ليس صحيحا

عودا على بدء، وارتباطا بمضمون هذا العمود في العدد الأخير، وجب تنبيه السيد طارق السباعي المسؤول في الهيئة الوطنية لحماية المال العام إلى أن المغرب دخل فعلا مرحلة التطبيع مع التقاليد الديمقراطية من خلال القطع مع ما كان يسمى، في تعسف لفظي على القانون، ب"وزارات السيادة"، وبأن تخويل تدبير قطاع الداخلية لشخصية متحزبة مسألة طبيعية جدا في الديمقراطيات، وبأن وزارة العدل هي الأخرى عرفت هذا التطبيع منذ سنوات (الراحل بوزوبع، والأستاذ الراضي).
لقد عبر السباعي عن "تخوفاته" التي لا مبرر لها، لكن كان عليه لكي يطمئن قلبه أن يبحث في مسار الرجل الذي يتولي وزارة الداخلية ويطلع على مواقفه المبدئية الثابتة.
الذين يعرفون الأخ العنصر عن قرب، يدركون أنه يؤمن بمقولة يرددها باستمرار "المغرب أولا وقبل كل شيء"، معتبرا أن مصلحة الوطن تعلو دائما فوق الحسابات الحزبية والذاتية. لم يبق هذا المبدأ حبيس القول فقط، بل تجسد بالملموس على أرض الواقع في أكثر من مناسبة وموقف، وإن فوت ذلك على الحزب "مكاسب رقمية".
الآن، هنالك واقع جديد يجب علينا أن نرسخه بعيدا عن الحسابات الضيقة. فوزارة الداخلية ككل الوزارات هي وزارة كل المغاربة وليست وزارة حزب بعينه. الحكومة نفسها هي لكل المغاربة ومسؤول عنها بصفة مشتركة كل أحزاب الأغلبية، وهي مصرة على إحداث القطيعة مع ثقافة "كلها يقرا في لوحتو" والتي ساهمت خلال الماضي في تكريس الإفلات من المحاسبة الجماعية للحكومات.
ولكي يطمئن السيد السباعي أكثر، ليصدق قولي المبني على معايشة عن قرب بأن وزير الداخلية رجل في غاية الكرم والتسامح واللطف، لكنه يحاسب نفسه والمقربين منه بشدة قبل أن يحاسب الآخرين، ويوثر، ساعة الحسم والخيارات الصعبة، مصلحة الوطن على مودة قريب أومكسب حزبي.

محمد مشهوري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى