الأخبار

الثأر والثورة

محمد مشهوري

على الرغم مما كتب عن ثورات "الربيع العربي" أو "الربيع الديمقراطي" وتصنيفها في خانة الإنجازات "الحضارية" للشعوب العربية في مطلع القرن الواحد والعشرين، فإن هذه الثورات لم تحقق أهدافها الكاملة.
لنكن واقعيين في التعامل مع نتاج هذا الحراك الذي هز أعتى الأنظمة في المنطقة العربية ونتساءل: هل نجحت هذه الثورات فعلا في تحقيق تطلعات الشعوب في الديمقراطية والحرية والرخاء والأمن والاستقرار؟
الركود الاقتصادي وغلبة الحسابات الطائفية والسياسيوية الضيقة في تلك البلدان، وقائع تنفي تحقيق تلك التطلعات. لكن الخطر الحقيقي هو ما نعاينه من تراجع لقيم الثورة وتعويضها بمشاعر الثأر، وهو ما سيوسع شقة الخلافات ويمدد في آجال جني ثمار الحراك الديمقراطي.
ما يقع الآن في سوريا شيء مؤلم، وما حصل في ليبيا ومصر واليمن وتونس( بحدة أخف) أمر موجع، ولكي يتم إيقاف شلالات الدم في سوريا، على الجميع أن يعترف بمسؤولية الشعوب في تكريس في صنع صورة الحاكم المغرور الذي لا يتردد في ارتكاب المجازر باسم "الشعب" الذي سكن في مخيلته.
جزء مهم من الجماهير التي تطالب الآن برأس الرئيس المخلوع مبارك، كان وراء النفخ في صورة "بطل الضربة الجوية" و"ماما سوزان أم كل المصريين"، وهي الشرائح أيضا التي هتفت ب"حياة الزين" في تونس وب"معمر وبس" في ليبيا وب "علي هو الوطن" في اليمن وب "الأسد إلى الأبد" في سوريا.
على شعوب هذه المنطقة طي صفحة ساهم الكل في صنعها، بالصمت أو بالتواطؤ أو بالخوف، لايهم ذلك. ما هو أساسي هو العمل من أجل المستقبل ووضع الأحقاد ونار الانتقام جانبا، واعتماد منطق العدالة الانتقالية وجوهرها الإنصاف والمصالحة.
على المذنب أن يعترف بما جنت يداه ويطلب الاعتذار، وعلى الضحايا الصفح رغم الجراح والآلام. علينا ألا ننسى ولكن مطلوب منا، من أجل الأوطان، أن نسامح لكي لا يتكرر الماضي القاسي بصيغ أخرى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى