الانتقاد بعيدا عن “محاكم التفتيش”
محمد مشهوري
ليس مهما أن يشاطر المرء اختيارات نبيل عيوش أو يخالفها، فللناس في ما يعشقون مذاهب، لكن ما هو أساسي هو ألا يجرنا الجدل الدائر حول فيلمه الأخير إلى منزلقات خطيرة من قبيل بعض الأصوات الداعية إلى "تعليق المشانق" ومحاكمة الإبداع.
إن الحرية كانت ولا تزال دوما هي الأصل، شريطة احترام اختيارات ومشاعر الآخرين وعدم اقتحام محيطهم الخاص.
في حالة فيلم نبيل عيوش "الزين اللي فيك" والذي أثار جدلا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي وباقي وسائط الإعلام، فإن الأمر يتعلق بمنتوج فني قابل للعرض في القاعات السينمائية، وحين يقرر شخص ما مشاهدة فيلم ما، فإنه يؤدي ثمن تذكرة الدخول إلى قاعة العرض، ولا أحد يجبره على ذلك. حجة المخالفين تكون مقبولة لو تم عرض هذا الشريط في القنوات التلفزيونية العمومية الممولة من مال الشعب والتي تقتحم بيوتنا من غير استئذان.
إن دورنا كنخب سياسية وإعلامية يكمن في التصدي للدعوات النشاز التي قد يسقط تحت تأثيرها بعض ضعاف العقول المستعدين لاقتراف الجرم بدل إحكام العقل والحوار والتدافع البناء للأفكار، وليس صب الزيت على النار الحارقة العمياء.
شخصيا، شاهدت بعض مقاطع الفيلم، واستهجنت اللغة المستعملة التي تنم عن فقر في الإبداع، لكنني ضد أن يتحول النقاش إلى محاكم جديدة للتفتيش.