الأخ سعيد أمسكان الأمين العام بالنيابة للحركة الشعبية قي حوار مع الأحداث المغربيةلايجب أن نختبئ وراء المحيط الملكي
الإخوان الذين يترأسون الحكومة اصطدموا بالواقع المر
أجرت جريدة الأحداث المغربية حوارا مطولا مع الأخ السعيد أمسكان الأمين العام المفوض للحركة الشعبية جاء فيه ما يلي:
الحركة الشعبية مكون أساسي في الأغلبية الحكومية التي تقودها العدالة والتنمية بزعامة أمينها العام عبد الإله، ابن كيران. أمينها العام بالنيابة يروي في الحوار التالي كيف التحق «حزب السنبلة بالأغلبية بعدأن كان جزءا من تحالف «الجي 8»، وبرر تحالف حزبه مع الإسلاميين ب بأنه أملاه الحرصنا على ضمان الإستقرار والأمن في البلاد، واستاء من خرجات بعض الوزراء الذي ربطه بقلة التجربة أو لعدم الإنغماس في السياسة، وقال إن « الإخوان الذين يترأسون الحكومة اصطدموا بالواقع المر»، وأن «ابن كيران له أسلوبه وطريقة حديثه، وله طبعه الخاص ويتحمل يتحمل مسؤوليته فيما يصدر عنه»، لكن ذلك ليس مبررا في نظرع لإنهاء التحالف بل قال إن حزبه «سيسهر على أن يستمر التحالف»، وطالب بأن يراقب البرلمان المال العمومي، وأن يشرع ويراقب السياسات الحكومية وحتى المكاتب الوطنية والشركات الكبرى للدولة والمؤسسات التي تسير بطريقة «السيكما» والوكالات والمندوبيات السامية، وبخصوص الوضع التنظيمي لحزبة قال إن العنصر باعتباره وزيرا للداخلية لا يتدخل في شؤون الحزب، لأنه لايمكنه أن يكون في السلطة ويسير الحزب في نفس الوقت، وكذب كل الإشاعات حول مؤتمر استثنائي لخلافته..
أنتم من أحزاب التحالف الحكومي، كيف تقيمون تجربة الحكومة بعد مرور ما يقارب السنة على تنصيبها؟
أولا تحالفنا لابد أن نتكلم عنه لأنه أساسي وضروري، فقد جاء بعد انفصام ما سمي ب «جي 8»، وجاء بعد انتخابات 25 نونبر. وهي الانتخابات التي التقطنا منها العديد من الإشارات والعناصر ربما معبرة وفي أحيان أخرى صارخة. فالانتخابات رغم الحملة التي أقيمت قبلها على مستوى التلفزة والصحافة والإعلام السمعي البصري عامة وتحسيس المواطنين للتسجيل في اللوائح والدعوة للمشاركة والتأكيد أن الخيار الديمقراطي لا رجعة فيه، فإن ستة ملايين مواطن لم يكلفوا أنفسهم عناء التقييد حتى في اللوائح الانتخابية وهذه رسالة صارخة. ثم لاحظنا أنه حتى من بين المسجلين فإن55 بالمائة منهم حسب الأرقام الرسمية، لم يكلفوا أنفسهم عناء التوجه إلى صناديق الاقتراع للتعبير عن رأيهم، وهي رسالة ثانية صارخة. والمسألة الثالثة التي التقطناها هو أنه بعد فرز الأصوات المعبر عنها، فإن مليون من الأوراق ألغيت وبطبيعة الحال ليس كلها بسبب الخطأ ولكن كانت مقصودة. بعد كل ذلك نجد أن النسبة التي أدليت بأصواتها قليلة جدا، ذلك في الوقت الذي نقول فيه إن التصويت واجب وطني وتم التصويت على دستور جديد، هذه الانتخابات طبعا وإن أعطت أغلبية للعدالة والتنمية التي صوت لها المنضبطون للمشاركة، وحصلوا حتى أصوات من غير المنتمين للعدالة والتنمية، لكن لم يكن أي منا ينتظر أن يحصل العدالة والتنمية على 107 مقاعد في مجلس النواب، وكل ما كنا ننتظره هو أن يحصل على ستين مقعدا أو 65 مقعدا. بعدها احترم جلالة الملك المنهجية الديمقراطية ومضمون الدستور، فعين رئيس الحكومة من حزب العدالة والتنمية وهو عبد الإله ابن كيران.
هنا طرح علينا التساؤل، هل نترك عبد الإله ابن كيران لوحده ونرفض التحالف معه، ومن ثم ننضم كحركة شعبية إلى حلفائنا في إطار «جي 8» حتى يفشل في تجميع أغلبية حكومته، فيعين جلالة الملك رئيس حكومة جديد من حزب آخر؟، أم أن علينا أن نتحالف مع حزب العدالة والتنمية رفقة أحزاب أخرى لنشكل حكومة في هذه الظروف، التي هي ظروف دقيقة ودقيقة جدا في وطننا وفي المنطقة المغاربية والشرق الأوسط وعلى المستوى الدولي والعالمي سواء من الناحية الاقتصادية والمالية والاجتماعية وغيرها؟. فالدول الأروبية لم تصل إلى مستويات عليا من البطالة والعجز كما وصلته في هذه السنة. إذا هذه الوضعية تفرض الحيطة، ثم إن المنطقة تعرف حراكا اجتماعيا وغليانا، والشارع المغربي أيضا كان يعيش حراكا سياسيا، وكان من الضروري البحث عن وسائل تضمن الاستقرار والأمن في بلادنا قبل الحديث عن أي أمر آخر. وهذه الروح الوطنية والتوجه الوطني وهذه الرؤية لمستقبل المغرب هي التي تحكمت في موقفنا وليس الاستفادة من أي شيء ولا الطمع في حقائب وزارية. وهذا أقوله بصراحة ولا أجامل أحدا في هذا المقام، ولا هدف لي وليس لي أي طموح شخصي، لأن مستقبلي ورائي، ولأنني غيور على مستقبل بلادي. هكذا كان تعاملنا في الحركة الشعبية مع الوضعية، ويبين أن هذا الطرح الذي نعتبره صحيحا هو أنه حصل لي الشرف أنني الثاني في الحركة الشعبية بعد السيد العنصر اللذين كنا نتفاوض لتشكيل الحكومة، وكنت من أنصار بل من المدافعين عن وضع ميثاق الأغلبية لتحديد أخلاقيات العمل وكيفية الاشتغال قبل الحديث عن الهيكلة الحكومية وقبل توزيع الحقائب الوزارية ولا عددها ولا الأسماء التي ستتضمنها.
ومالذي جعلكم تقترحون وضع ميثاق للأغلبية قبل كل شيء؟
نريد أن نقول إن لدى الأحزاب المشكلة للتحالف إرادة لتشكيل حكومة، وللأسباب التي ذكرت من قبل، نحن وطنيون قبل كل شيء، لم تكن تهمنا الهيكلة الحكومية ولا عدد الوزراء. رهاننا كان إنجاح التحالف.
ألم تكن لديكم تخوفات من حليفكم الرئيسي العدالة والتنمية؟
أبدا، أبدا . نحن في الحكومة الآن، وكل القضايا تناقش في المجلس الحكومي، وهناك اجتماع للأغلبية الحكومية تعقد بشكل دوري كل نصف شهر، وأنا أحضرها شخصيا، ونناقش فيها كل المسائل ونتفق حولها كأغلبية، وفي الحكومة ليس هناك تصويت بل هناك توافقات، وكل ما لا نتفق حوله نتركه جانبا. وليس لنا ما نتخوف منه في هذا الباب، وكل منا يلعب دوره في الحكومة في إطار السياسة الوطنية، وليس لدينا تخوف ولا شيء آخر، وضعنا فقط ميثاقا يضبط كيفية الاشتغال.
هل كانت لديكم كحركة شعبية مقترحات محددة في الميثاق اعتبرتم أنها أساسية وذات أولوية؟
لم تكن هناك مقترحات من أي طرف، استعملت مصطلح أخلاقيات، لأنه كان همنا ضبط أمور معينة كمواعيد الاجتماعات ومن سيحضر فيها، وكيف سننظم النقاش، وهل سيكون العمل حكوميا؟ أم سيترك لكل وزير حرية العمل في وزارته، حتى تكون الأمور مضمونة ومضبوطة، والآن بالفعل نقول إن العمل حكومي والقرار جماعي، وليس هناك مكون له امتياز في هذه الحكومة. أكيد أننا نرى يوميا خرجات لبعض الوزراء ربما من باب قلة التجربة أو ربما لم ينغمسوا في السياسة ولم يمارسوا تدبير الشأن العام من قبل . أي مواطن عاد وليس من الضروري أن يكون خريجا من جامعة السوربون أو البوليتيكنيك يلاحظ أن هناك وزيرا يتخذ قرارا ثم يتناقض معه وزير آخر أو لا يتفق معه. هذا لا يجب أن يحدث نهائيا، لكن بطبيعة الحال، ليس كل الوزراء في المستوى الذي كنا نطمح إليه، وكان من الضروري شيء من الحكمة، وكل هذا مسطر في الميثاق الحكومي، وهناك شيء آخر لابد من الإشارة إليه ليكون معلوما لدى الرأي العام، وهو أنه يقال إن وزارة الداخلية هي التي تتحكم في كل شيء وهي التي ستعد الانتخابات، علينا أن نعرف أن هذه الوزارة قدرها في المغرب أنها لديها المسؤولية في تهييء مشاريع القوانين التي ستعرض على المجلس الحكومي وعلى الأغلبية وبعدها المعارضة، فمشروع القانون الذي سيخرج إلى حيز الوجود لا بد أن يمر من وزارة الداخلية، فالإدارة الوحيدة التي تملك الهياكل والمؤطرين والقانونيين والمعلومة والإدارة الترابية هي وزارة الداخلية، وهذا هو الأمر في فرنسا وفي بلدان عديدة، ونحن نطرح دائما في اجتماعات الأغلبية، قبل أن تأتي الداخلية بمشروع فإنه يكون هناك رأي أطرها، لكن لابد أن يكون للسياسيين في الحكومة رأي كذلك. ولحد الآن لم يعرض أي قانون لأننا لم نقترح بعد القوانين التي ستطرح في إطار المشروع التشريعي المقبل، ومن أهمها قانون الجهة. فجلالة الملك شكل لجنة اشتغلت لمدة سنة كاملة وأعدت مشروعا متكاملا، وهذا كله يجب أن يناقش داخل الأغلبية لنتفق جميعا على تكوين المجالس واختصاصاتها ونمط الاقتراع، وهذا كله يجب أن يناقش أولا داخل الأغلبية، ويعرض بعدها على المعارضة في البرلمان، وحتى باقي المكونات التي ليست داخله حتى يمكننا الخروج بقانون متوافق حوله.
بالنسبة لمشروع قانون الجماعات المحلية، فإن قانون وحدة المدينة فشل في المدن الكبرى كمراكش وفي الدار البيضاء والرباط، ويجب إعادة النظر فيه، وبحث إمكانية العودة لطريقة التسيير السابقة أو البحث عن أسلوب جديد. هناك الآن العديد من مصالح المواطنين المتوقفة لأن هناك مؤسسات لا تشتغل بسبب الصراعات داخل المجالس، والمواطن هو الخاسر الأكبر في كل هذا، وهذه رهانات كبيرة، وعلينا أن لا نتسرع حتى لا نعد قوانين غير قابلة للتطبيق مرة أخرى، والتي لن تساهم في تطوير الأداء الديمقراطي.
سنعود إلى ميثاق الأغلبية، لكن هل الحركة الشعبية كانت حريصة على أن لا تكون مجرد رقم في الحكومة، وأن تتفادى هيمنة العدالة والتنمية؟
هل ترى أنت أن الحركة رقم صغير داخل الحكومة.
(أقاطعه)، لكن، هل كنتم حريصين على أن تفرضوا آراءكم منذ إعداد ميثاق الأغلبية؟
كان لي شرف المشاركة في إعداد ميثاق الأغلبية الحكومية رفقة أربعة قياديين من بقية الأحزاب المشكلة للحكومة، وأعددناه بتوافق بيننا.
هل كانت هناك اختلافات في وجهات النـظر؟
لم تكن هناك خلافات، حددنا الأمور بكل تدقيق.
لا أتحدث عن خلافات بل عن اختلافات في وجهات النظر؟
لا حين أعددنا الوثيقة، عرضناها على رؤساء الأحزاب، ولم يقدم بشأنها أي تعديل لأنها حرصت على ضمان المساواة بين كل المكونات دون تمييز. وحين بدأنا في التفكير في توزيع المناصب الوزارية كان الأساس هو عدد المقاعد المحصل عليها في البرلمان، وكان نصيبنا 3,1 مقا عد تقريبا وحصلنا على أربعة مقاعد، ورغم أن حزب التقدم والاشتراكية لم يحصل على عدد مقاعد تمكنه فقط من وزارتين، فإن الإخوان في العدالة والتنمية تنازلوا له عن وزارتين من أصل 12 وزارة التي يستحق.
ألم يكن الأولى أن تستفيد الحركة الشعبية من مناصب وزارية إضافية؟
نحن أخذنا حصتنا التي منحتها لنا صناديق الاقتراع.
ألم تطمعوا في مناصب أكثر باعتباركم حزبا له وزنه في الساحة السياسية؟
لا، لم نطمع في أكثر، نحن تقبلنا عدد الوزارات التي اقترحت علينا والتي توازي حجم حضورنا في البرلمان، وتفهمنا أن يحصل إخواننا في التقدم والاشتراكية على مقاعد أكثر من حجمه في البرلمان، رغم أن البعض يعتبر أنه من المفارقة أن يشارك حزب يساري في الحكومة ويتحالف مع الإسلاميين، لكن الظروف الوطنية فرضت ذلك، ومن هنا أنوه بالدور الذي لعبه الإخوان في هذا الحزب داخل الأغلبية، ولو أن لا أحد يتوقع أن يكون الحزب الذي كان يتبنى الشيوعية يتحالف مع الإسلاميين، لكن مصلحة البلاد فوق كل الاعتبارات الأيديولوجية وفوق الأحزاب السياسية.
قد أتفق معكم أن المصلحة الوطنية فوق كل الاعتبارات، لكن أثناء صياغة البرنامج الحكومي، ألم يكن هناك اختلاف في التصورات والتوجهات الكبرى؟
أقول لك وبكل إخلاص، في الوقت الراهن لا برنامج «البيجيدي» ولا التقدم والاشتراكية ولا الاستقلال يطبق في البرنامج الحكومي، ولأن البلاد تمر بظرف دقيق، والبرامج لم تطبق منذ مدة. قدر المغرب اليوم وإمكانياته تفرض عليه العيش سنة بسنة، وفي كل سنة تكون هناك مفاجآت في القانون المالي، ولدينا مشاكل عديدة نلاحظها، ولدينا العديد من الأمور غير المتوقعة. أكيد لدينا تشابه في وجهات النظر حول عدد من القضايا الوطنية، لكن على مستوى التطبيق لا يطبق أحد منا مشروعه، وأقول لك إن هناك إكراهات مادية بسبب ضعف الإمكانيات والتي لا يتحكم فيها لا المغرب ولا «البيجيدي». مثلا منذ سنتين كنا نتوقع أن يصل برميل البترول إلى 60 دولارا، لكنه الآن وصل إلى 120 دولارا، وكل دولار بالنسبة لصندوق الموازنة يعادل 60 مليار سنتيم. صندوق الموازنة ضخ فيه السنة الماضية 54 مليار درهم ولم تكن متوقعة، وسجل عجزا، وهناك رأي بتغيير الصندوق، وهذا ما تكلم عنه رئيس الحكومة في الإعلام، لكن اليوم تم التراجع عن كل هذه الأمور لأنه من غير الممكن عمليا إحصاء من يستفيدون من الدعم المباشر ولا من يستحقه ومن لا يستحق، وقد يتم توزيع ثلاثة أضعاف ميزانية الصندوق، لذلك تقرر الاحتفاظ به في هذه السنة، وسنصل إلى 54 مليارا في هذه السنة ستخصص للصندوق.
لدينا مشكل آخر وهو عجز الميزانية فوالي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري صرح علانية أمام جلالة الملك أن نسبة العجز في النمو هي 7 بالمائة وليس 3 بالمائة المتوقعة، أي أكثر من النصف وهذا يعني أن العجز فاق مئات الملايير من الدرهم. وهناك مشكل صندوق الأداءات، حيث لم نكن نتوقع أن يناهز العجز 70 بالمائة ما بين الواردات والصادرات وهذا يكلف الدولة ويجعلنا نعيش أزمة غير مسبوقة، وليس لدينا الآن أكثر من ثلاثة أشهر من الاحتياط النقدي عكس ما مضى حين كان يصل إلى 12 شهرا وقد نجد أنفسنا غير قادرين على أداء ثمن وارداتنا، وهذا اكراه من الإكراهات الكبيرة التي نعاني منها.
هناك أيضا مشكل التشغيل، العاطلون يتظاهرون يوميا، ولكن هل من الممكن تشغيلهم حتى ولو كانت هناك إرادة لذلك، لا يمكن إدماج كل الخريجين في الإدارة، ذلك أمر مستحيل لأن هناك شروط مفروضة علينا من المؤسسات المالية الدولية، البنك العالمي وصندوق النقد الدولي يشترطان للتعامل مع أي بلد في حالة العجز أن لا تتعدى الكتلة المالية للأجور في الإدارة العمومية 9 بالمائة، ونحن وصلنا إلى 13 بالمائة رغم المغادرة الطوعية التي كانت كارثة على البلاد وتسببت في نزيف لخيرة أطرها، ورغم كل ذلك لم نتراجع سوى بنقطة واحدة. لا يمكن لأي وزير أن يعين لأنه ليست هناك إمكانيات ولا الكتلة المالية الضرورية، هذه كلها إكراهات كبيرة تعاني منها الحكومة.
السؤال هو مالذي يمكن أن تقوم به الحكومة في هذه الحالة؟، هل عليها البحث عن سبل ترشيد النفقات وتحديد الأولويات وتأجيل ما لا يمكن تطبيقه الآن والبحث عن إمكانيات المساعدة لدى البنك الدولي، وحتى وإن كانت هناك احتياجات للعاطلين فلا بد من معرفة أن هناك حرمة للإدارة والبرلمان والبيت، وليس من المقبول اقتحامها بالقوة، ويستحيل أمام العجز الحالي تشغيل كل العاطلين، والحكومة حاليا تحاول ترشيد النفقات، وستعد حملة تحسيسية لحث المغاربة على استهلاك المنتوج الوطني لأنه ليس لدى الدولة ما تؤدي به فاتورة الواردات. لقد وصلنا إلى وضع لا يحسد عليه، والحكومة تتحمل مسؤوليتها في هذا الوضع، وتعمل يوميا قدر المستطاع على إخراج البلاد من وضعيتها الحالية رغم ضغط الشارع.
لكن ألا تتحمل الحكومة جزءا من المسؤولية لأنها أعطت وعودا مستحيلة التحقيق وغير واقعية؟
الإخوان الذين يترأسون الحكومة لا يمكننا مؤاخذتهم لأنهم كانوا في المعارضة، وكانوا يعتقدون أن المشكل هو التسيير والتدبير والحكامة، لكنهم اصطدموا بالواقع المر. هناك إمكانيات الإصلاح لكن ليس بين عشية وضحاها. لكن ما العمل؟ هل يستسلمون ويغادروا موقع المسؤولية. إنهم يحاولون إيجاد البدائل والحلول، ووصلنا حتى لمايسمى مطاردة الساحرات وإحالة ملفات الفساد على القضاء، لكن هل ندخل كل المغاربة إلى السجن. هذا الواقع المر ليس بالهين، والوزراء يتحملون الضغوط المختلفة ويعرفون أنه ليس هناك معجزة ولا خاتم سليمان لحل المشاكل ولا عصا سيدنا موسى، ولكن الحكومة ماضية في عملها رغم كل تلك الإكراهات.
حلفاؤكم اصطدموا بالواقع ويصطدمون حتى مع وزراء حزبكم؟
هم يصطدمون حتى فيما بينهم ومع رئيس الحكومة.
ألم يخلق لكم ذلك توترا مع العدالة والتنمية، كماحدث مع وزير الداخلية امحند العنصر؟
حين يكون الإنسان حليفا، عليه أن يكون كذلك في السراء والضراء ونحن نتقاسم مع حلفائنا همومهم وآلامهم، وأعتقد أن مشكل طنجة مفتعل، لماذا؟ وهنا سأتجرد من صفتي كمسؤول حزبي لأتحدث كمواطن مغربي غيور على بلاده، فإن تنظيم لقاء شبيبة العدالة لنشاط في طنجة لم يكن موفقا لأن الاجتماع يمكن تنظيمه في أي مكان بالبلاد و نتفادى طنجة لأنه ستجرى بها انتخابات في الرابع من الشهر المقبل، فأي حزب يمكن أن يقول إن ذلك حملة انتخابية قبل الأوان، كل الأحزاب تقول ذلك حتى الحركة الشعبية، ولكن وزارة الداخلية والسيد الوزير له من التجربة ومن الحنكة والرزانة ومن الوزن السياسي ما يكفي ليفهم ما يقع، لم يمنع عقد لقاء طنجة، ولكن بعد أسبوع من النقاش كان فيه الناس أحرارا في رفع شعاراتهم لأننا في إطار دولة الحق والقانون والحريات، وحين تعلق الأمر بتظاهرة في الشارع، وبدأ الحديث عن حفل ثم عن مهرجان خطابي لابن كيران رئيس الحزب، يعني ذلك تنظيم نشاط سيحضره مناضلو الحزب والفضوليون أيضا، ومن الناحية الأمنية سيطرح مشكلا، وسياسيا سيفهم منه أنه حملة انتخابية قبل الأوان في دائرة ستشهد اقتراعا جزئيا.
هل السيد العنصر باعتباره وزيرا للداخلية استشار مع عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة، قبل اتخاذ قرار منع النشاط في ساحة طنجة؟
حضرت اجتماع الأغلبية، ولم يناقش الأمر، حتى رئيس الحكومة لم يعد من العمرة سوى بعد انعقاده، ولا أعرف ما يحدث في وزارة الداخلية، ولست غبيا أو بليدا لأن أتدخل في شؤون الوزارة ولكن سي العنصر » يعي جيدا ما يقوم به.
لماذا لم توقعوا كحركة شعبية إذا على البيان ضد تنظيم لقاء طنجة؟
أنا كأمين عام بالنيابة للحركة الشعبية لم يطلب مني أحد ذلك، لكننا يجب أن نكون ديمقراطيين، فحين اختارت العدالة والتنمية مدينة طنجة دون غيرها ليس من حقنا أن نناقشهم لماذا طنجة بالذات؟ ولماذا رفعوا شعارات دون أخرى؟. وحتى بعد منع تنظيم النشاط في الشارع، تم تنظيم الاختتام في القاعة وألقى السيد ابن كيران كلمته و«مريضنا معندو باس».
بالعودة إلى الخلافات بين وزرائكم ووزراء العدالة والتنمية، هل سيستمر تحالفكم مع العدالة والتنمية وتستمر معها الأغلبية الحالية؟
على كل نحن مع عقلاء هذه البلاد، وسنسهر على أن يستمر التحالف وليس لدينا خيار آخر غير ذلك، كل الأحزاب بكل واقعية وبلغة صريحة نقول للمغاربة إن أجسام الأحزاب ليست في صحة جيدة، مثلا حزب الاستقلال يعرف صراع البحث عن أمين عام جديد، والاتحاد الاشتراكي يبحث عن ذاته وعن موعد مؤتمره المقبل، والتجمع عرف تصدعا وخلافات بعد التصريحات في البرلمان بعد تقرير مكتب التسويق والتصدير، ونتمنى أن يخرج من أزمته، وكذلك الأمر بالنسبة لأحزاب الأغلبية، من تتصورون من هذه الأحزاب حاليا قادرا على ترؤس الحكومة، لا أحد. في الوقت الراهن علينا أخذ الحيطة والحذر وعلينا التمسك بالأغلبية الحالية، المغرب في حاجة إلى الاستمرارية، ونحن حريصون على الاستمرارية، والتوجهات التي نقدمها لنوابنا ومسؤولينا أن لا يصعدوا في مواقفهم مع الوزراء، الإنسان بشر ولكل طبعه، وعلينا أن نتفهم خرجات أي نائب من النواب ولا يمكن أن يكون هناك إجماع حتى داخل الحزب الواحد، وتصريحات البعض لا يمكن اعتبارها قرآنا منزلا.
تلاحظ مفارقة، وهو أنه في الوقت الذي تكون تصريحات وزرائكم واقعية ومعها تصريحات بعض الوزراء بالتحالف، يلاحظ أن وزراء العدالة والتنمية وحتى رئيس الحكومة بعيدة عن الواقع ويتحدث عن التماسيح والعفاريت وغيرها؟
ذاك هو أسلوبه وطريقة حديثه، وله طبعه الخاص.
ألا تفكرون في الأغلبية في إعادة النظر في طريقة تسويق خطاب الحكومة؟
يقول مثل مغربي «يمكن تغيير الجبال، ولا يمكن تغيير طبع الرجال»، وطبع السيد ابن كيران بدأ البعض يألفه ويتقبله.
ألا يطرح لكم أنتم كحلفاء مشاكل؟
لا يطرح لنا أية مشكلة، إنه يتحمل مسؤوليته فيما يصدر عنه.
إذا سمحتم لي سأعود بكم إلى موضوع آخر، ألا تتخوفون من أن يؤثر تراجع الحكومة عن وعودها بخصوص التشغيل ومحاربة الفساد على شعبية حزبكم الحركة؟
أكيد سيكون هناك تأثير
سيجعلكم تؤدون الثمن؟
كل مشاركاتنا في الحكومات السابقة لم تعط لنا صلاحيات للمشاركة بشكل فعال، ولا نحظى سوى بمناصب محتشمة، حاولنا الدفاع عن العالم القروي طيلة مسارنا وحققنا الكثير، لكن لا يزال هناك مجال للعمل، وهذا حتى في دول متقدمة، فقد حضرت في مؤتمر للحزب الليبيرالي بكندا مؤخرا، وكان شعاره «الكثير تم إنجازه والكثير ينتظر»، وهذا له دلالة ، فمهما تم تحقيقه فهناك انتظارات، والمغرب رائد وله مؤسسات رغم أن لديها النجاعة الكافية، والمغرب يسير في المسار الديمقراطي وبه حريات متقدمة… وكيفما كان الحال فمغرب اليوم ليس كمغرب الأمس، ولسنا راضين على وضعنا، نحن واعون أن المغرب يمكن أن يكون أفضل. وحين نتحدث عن الأزمات وأقولها بكل صراحة، فإن السبب هو أزمة الحكامة، فإدارتنا لا تساعد بالقدر الكافي على خلق فرص الشغل في المقاولة وليس الإدارة العمومية لوحدها، هناك عراقيل عديدة تطرحها الإدارة، فيوميا أصادف ملفات حول مشاكل الرخص ومتاهات عديدة، وعلينا أن لا نحمل المسؤولية للمؤسسة الملكية لأنها فوق كل الاعتبارات ولا يجب أن نختبأ وراء المحيط الملكي، وبعبارة صريحة «منبقاوش نقولو الملك قال لينا، ولا المحيط الملكي يتدخل»، وعلينا أن نجتهد في مجال الحكامة، وأقول لك إن في مكتبي ملفات مشاريع قد تخلق المئات من فرص الشغل لكنها متعثرة بسبب اللامبالاة، ولا يعقل يتم إعداد مشاريع عمومية وترصد لها الإمكانيات المادية دون أن تصرف الأموال المرصودة لها. لدينا الآن ما يقارب 19 مليار درهم أجلت ولم تصرف رغم أن مشاريعها جاهزة وهذا لا يعني سوى شيئا واحدا وهو أن الإدارة عاجزة ومشلولة، ولو أن هناك سلاسة ومرونة في الإدارة ستحل الكثير من المشاكل وستمتص نسبة مهمة من البطالة. هذه مناسبة لأتحدث عن الحكامة المحلية، على مستوى الدستور الجديد، يجب على المغاربة أن يعوا أننا قد نخلف الموعد مع التاريخ إذا لم نغير طرق اشتغالنا، فإذا فوتت اختصاصات مهمة للجهة، فيجب أن يكون المنتخبون في مستوى المسؤولية لأنهم سيتسلمون اختصاصات السلطات المركزية، ويجب القيام بجهد في إيجاد الموارد الضرورية والكافية، ولا يستساغ أن يكون مسؤول الجهة أميا، لأنه سيكون المخطط والآمر بالصرف، بل ملما واستراتيجيا. والحكامة المحلية مهمة أيضا لأنها مرتبطة بسياسة القرب، ويمكنها أن تساهم في حل العديد من المشاكل شريطة أن تسند المهام لأناس وطنيين وذوي كفاءة وفي المستوى ومقيمين بجهاتهم وليس من يبحث عن «اللعاقة» لأن الرهان على الجهات كبير لحل الكثير من المشاكل.
أنتم تسيرون أربع وزارات، هل أنتم حريصون على إضفاء بصمتكم كحركة شعبية عليها؟
ما كان يجب أن يكون هو الاستمرارية، ولكن للأسف فكل وزير يأتي بسياسته لوحده وينتقد سلفه، مثلا في وزارة الشبيبة والرياضة، وجد أوزين الوزارة في وضع لا يحسد عليه وهو غير راض على الجامعات الرياضية، وعلى النتائج التي نحصل عليها خاصة في كرة القدم التي تعبئ كل المغاربة وأيضا مشكل المنشطات، وهو يشتغل بجرأة ليغير الوضع رغم أن ذلك يخلق له متاعب، وقد يهدد ذلك استمراره في منصبه لفترة أطول. وزير السياحة أيضا اصطدم بواقع متأزم بسبب الأزمة العالمية.
الدخول السياسي على الأبواب، ماذا تعد الحركة الشعبية؟
الدخول سيكون حافلا بمقترحات القوانين وسنتضامن مع التحالف الحكومي لأن الدورة المقبلة سيعرض فيها القانون المالي ربما لمراجعة عدد من الخانات.
ماهي الأمور التي ترون ضرورة تغييرها في القانون المالي؟
أنا شخصيا كبرلماني سابق أرى أن عددا من الأمور لابد من تغييرها لإعطاء المؤسسات مصداقيتها، ونحترم الاختصاصات المخولة لها بمقتَضى الدستور، فالبرلمان لابد أن يراقب المال العمومي، ولابد أن يشرع ويراقب السياسات الحكومية.
على مستوى التشريع، لابد من تغيير أمر هام، وهو الفصل الذي يسمح للحكومة بالتشريع خارج دورات البرلمان، والمشرع وضع هذا الفصل الدستوري للجوء إليه في حالة الاستعجال وحتى لا يتم تفويت فرصة، ويمكن لوزير المالية اتخاذ قرار بمرسوم، وطيلة السنين الأخيرة فكل القرارات التي تتخذها الحكومة ولا تريد عرضها على البرلمان تتخذها في هذه الفترة في إطار مراسيم، هنا تشرع الحكومة محل البرلمان، وبالنسبة لي يجب إعادة النظر في الأمر بجدية لإعطاء مصداقية للمؤسسة التشريعية.
وثانيا في ما يخص مسألة الاقتراض، فالبرلمان يرخص للحكومة أن تقترض داخل الوطن وخارجه، مع العلم أن هذه القروض ترهن مستقبل الأجيال المقبلة، لابد من أن تعرض على البرلمان ليتخذ القرار إن كنا بحاجة إليها أم لا، وممثلو الأمة هم من سيقولون رأيهم في الأمر والحكومة لا تعرض ذلك على البرلمان، وقد وصلنا الآن إلى وضعية لا تطاق تشكل فيها القروض نسبة من الميزانية.
ومن ناحية المراقبة، إذا كان لكل وزارة ميزانية وخانات، لماذا يكون لها حسابين خصوصيين أو ثلاثة؟ لماذا لا تدمج تلك الحسابات في الميزانية حرصا على الشفافية التامة، نعرف فقط رقم الحساب، لكننا لا نعرف كيف تصرف تلك الحسابات الخصوصية. هناك حسابات خصوصية كثيرة بحذفها ستستفيد الدولة من مبالغ ضخمة، وأظن أن البرلمان يجب أن توفر له الوسائل والإمكانيات لمراقبة المال العام الذي يصرف أيضا على مستوى المكاتب الوطنية والشركات الكبرى للدولة والمؤسسات التي تسير بطريقة «السيكما» والوكالات التي يتزايد عددها والمندوبيات السامية، كل ذلك لا يراقبه البرلمان.
إذا أردنا الدمقراطية لابد من احترام قيمها الكونية و«لي بغا بنعاشر يبغيه بقلالشو»، وآن الآوان لاحترام المؤسسات السياسية. الحكومة حاليا لا تراقب سوى من خلال الأسئلة الشفوية، وغالبا مايكون موضوعها محليا، ولابد أن ترتقي لتناقش مواضيع ذات أهمية ككيفية صرف المال العام ويستدعى مدراء المؤسسات العمومية، وللأسف فإن بعضهم يرفض القدوم أمام البرلمان.
سننتقل إلى الشأن الحزبي، أصدرتم مؤخرا بيانا بأنكم لا تفكرون في مؤتمر استثنائي وأنه لا حديث عن خلافة العنصر؟
أشكرك على هذا السؤال، لأنه مهم جدا، فالصحافة تحدثت مؤخرا عن عقد مؤتمر استثنائي، لكنني كمسؤول عن حزب الحركة الشعبية لم أصرح أبدا بذلك، ولم أسمع في أي جهاز حزبي أكان المكتب السياسي أم المجلس الوطني عن ذلك. هذا المؤتمر كان يروج له البعض، وقد اجتمعت بهم شخصيا، وقلت لهم نرحب بكم في الحركة الشعبية، ولا نرفض أحدا في حزبنا، وطلبوا منا الحضور في الاجتماعات التي نقوم بها في الأقاليم والجهات، فرحبت بهم، لكنهم اشترطوا عقد مؤتمر استثنائي قبل ذلك ثم تعديل القانون الأساسي لتقليص صلاحيات الأمين العام، قلت لهم لدينا حلان لا ثالث لهما، الأول جمع توقيعات ثلثي أعضاء المجلس الوطني.
من يمثل هؤلاء الداعين إلى المؤتمر الاستثنائي؟
من بينهم السيد حسن الماعوني وإخوان آخرون، هم أصدقائي جميعا، وأنا أعلم أن الأعضاء الخمسة من بينهم عضوان ألحقتهم الأمانة العامة بالمجلس ولم ينتخبوا من طرف فروعهم، لذلك لن يستطيعوا جمع ثلثي توقيعات المجلس الوطني المطلوبة لعقد مؤتمر استثنائي، ولا يتبقى لذلك غير دعوة الأمين العام بنفسه لعقد هذا المؤتمر ولا أظن أن الأمين العام يمكن أن يطلب الدعوة إلى عقد مؤتمر يحضره 2000 شخص وإيجاد ميزانية 400 مليون وتوفير إمكانيات النجاح له، وكل ذلك لتقليص اختصاصاته، هذا ليس منطقيا ومستحيلا.
ليس مطروحا إذا عقد أي مؤتمر استثنائي للحركة، وموعد مؤتمرنا سيكون بعد سنة 2014، وحتى ما يقال عن ضرورة ملاءمة القانون الأساسي للدستور، فإنه يطرح إشكالا، فالمجلس الدستوري بدوره غير ملائم للدستور الحالي، والغرفة الثانية أيضا، ولا يعقل أن يطلب من الحركة الشعبية لوحدها ذلك، هذا غير معقول.
هناك أسماء يتم تداولها للترشح للأمانة العامة خلفا لسي امحند العنصر كالوزيرين لحسن حداد ومحمد أوزين وزير الرياضة، إلى أي حد يعتبر ذلك صحيحا؟
في القانون الأساسي للحزب، لا يمكن الترشيح للأمانة العامة إلا لأعضاء المكتب السياسي، الأسماء التي تروج حاليا لخلافة السي العنصر هم أعضاء في المكتب السياسي وهذا لا يشكل مشكلا، ولحد الآن لم يتم اتخاذ أي قرار لفتح باب الترشيحات، وثانيا المؤتمر هو سيد نفسه وينتخب الأمين العام، ورابعا العنصر لم يصرح أنه لن يعيد ترشيحه، ورابعا هل شخصان فقط هما اللذان سيرشحان أنفسهما فهناك العشرات قد ينوون تقديم ترشيحهم، لذلك فكل ما راج هو مجرد حديث للاستهلاك اليومي لخلق نوع من البلبلة داخل الحزب، وأرجو ممن يروجون هذه الإشاعات الانتظار إلى حين قدوم سنة 2014 وبعدها من حق الجميع تقديم ترشيحاتهم وحضور المؤتمر واختيار من أرادوا. في المؤتمر الأخير لسنة2011 أعلنا لأسبوع كامل عن فتح باب الترشيح للأمانة العامة، وتم الاختيار بالتصويت وبمراقبة صارمة للوائح، وهذه هي الطريقة الديمقراطية التي سننتخب بها الأمين العام المقبل للحزب، وكل من له الصلاحية للترشيح فمرحبا به وإن اختاره المؤتمرون فأهلا وسهلا، نحن لا نرفض أيا كان، لكن البلبلة تؤثر على الحزب وتنظيماته، لذلك أرجوهم التراجع عن ترويج تلك الإشاعات.
هذا يعني أنه ليس هناك نقاش حاليا حول موعد للموتمر؟
هذا لن يكون سوى في سنة 2014 .
لديكم تفويض بتولي مهمة الأمين العام إلى حدود ذلك؟
نعم لدي تفويض من الأمين العام السيد وزير الداخلية، ويمكنه ممارسة مهامه كأمين عام ولا شيء يمنعه من ذلك، كما يمارسها عبد الإله ابن كيران ويحضر اللقاءات الحزبية وبدون مشكل، ولكن احتراما منا لشعور المغاربة ولمبادئ الأخلاق فإن السي العنصر باعتباره وزيرا للداخلية يقول إنه لن يتدخل في شؤون الحزب، وطلب مني التكلف بذلك، لأنه لايمكنه أن يكون في السلطة ويسير الحزب في نفس الوقت.
بخصوص أمر التفويض، المعروف عنكم أنكم من أشد المرتبطين بالحركة الشعبية منذ عقود، أليس لديكم طموح للترشح للأمانة العامة في المؤتمر المقبل؟
لقد عبرت عن رأيي منذ مدة، وقلتها في الإعلام، وهو أن مستقبلي ورائي، ولدي الآن سبعون سنة وتدرجت في جميع المسؤوليات على مستوى الجماعة والبرلمان ورئيس فريق والوازارة، وأنا أتفهم أنه لابد من فتح المجال للأجيال الصاعدة، أنا من جيل له تجربته ولست متزمتا، وأضع دائما خبرتي رهن إشارة أعضاء الحزب، لكني لا أطمع في تحمل المسؤولية أو أي منصب. ويمكن أن تكتب ذلك بالبنط العريض أن سعيد أمسكان لن يترشح لتحمل مسؤولية الحزب.
نعرف أنكم من حكماء الحركة الشعبية، هل أنتم مع قيادة شابة في المؤتمر المقبل، خاصة أن الحزب يضم كفاءات شابة؟
القانون الأساسي يضمن شروح الترشيح، وأنا لست ضد ترشيح الشباب لتحمل المسؤولية، بالعكس يجب تشجيع من سيحمل المشعل فيما بعد، ولكن لابد أن يكون مهيأ لذلك، فتسيير حزب ليس بالهين والرأي الأخير للمؤتمرين.
ستعرف دائرتا طنجة أصيلة وجيليز المنارة اقتراعا جزئيا، هل ستقدمون ترشيحاتكم فيهما؟
نعم سنقدم ترشيحاتنا فيهما.
ستنافسون حليفكم العدالة والتنمية؟
ولم لا، هو سيسعى لاستعادة مقاعده الثلاثة بطنجة وسندخل نحن حلبة المنافسة، إذا حصلنا على مقعد فهذا في صالح الأغلبية الحكومية.
وهل بدأتم الاستعداد للانتخابات الجماعية؟
على مستوى القوانين بدأنا التفكير، ونحن ننتظر هل سيتم الحسم في نمط الاقتراع، وهل سيتم الاحتفاظ بنفس عدد الجماعات، وهل سيحتفظ بمجلس المدينة أو تقليص صلاحياته أو سيتم العودة إلي المجالس الحضرية لأن هناك مشاكل في التسيير والدار البيضاء خير شاهد بسبب تراكم المشاكل.
سنعود من حيث بدأنا، الحكومة التي أنتم طرف فيها جاءت في ظرف استثنائي كما قلتم، عرف فيه المغرب حراكا اجتماعيا طيلة السنة المنصرمة، تلا ذلك خطاب تاسع مارس ثم التصويت على الدستور وانتخابات سابقة لأوانها، هل المغرب تخطى مرحلة الأزمة؟
بكل تأكيد يمكن القول إن المغرب تخطى مرحلة الأزمة، لأنه بدأ مسلسل الديمقراطية من قبل عكس بقية الدول التي عرفت ثورات، فنظامنا السياسي ليس عسكريا ولم يفرض علينا، بل نظام يرتضيه المغاربة عن طواعية ولايطرح مشكل شرعيته، وكل الحراك الذي عرفه المغرب لم يطالب بإسقاط النظام بل كانت الانتقادات توجه لأشخاص بعينهم، وهذا أساسي. وثانيا نحن بدأنا الدساتير منذ بداية القرن قبل الحماية لأنهم تضامنوا ضد الزحف الأجنبي آنذاك وتلته دساتير بعد الاستقلال. والحركة الشعبية كان لها الفضل أنها انتفضت ضد الحزب الوحيد وكانت وراء صدور ظهير الحريات العامة، وهذا أعطى متنفسا للمغاربة وحرية في تأسيس الجمعيات والمنظمات، ومنذ السبعينيات كنا من الأوائل الذين طالبوا بالتصويت ضد ظهير 1935. وكانت للمغرب الحكمة بعد 40 سنة من الاحتقان ومناهضة النظام بالاهتداء للانتقال الديمقراطي وتعيين حكومة التناوب ثم إحداث هيئة الإنصاف والمصالحة برئاسة المرحوم إدريس ابن زكري، وتقريرها أثنى عليه العالم كله وضمد جراح الضحايا ولعب دور تنقية الذاكرة الوطنية. ثم أتى خطاب 9 مارس والدستور الجديد الذي أعطى صلاحيات مهمة للحكومة والبرلمان. كل هذا حال دون حدوث ما حدث في دول أخرى من اقتتال وعنف، لكن لا يجب أن نقول إننا تخلصنا من الأزمة، فما زالت هناك مشاكل اجتماعية والفقر مستفحل والمهمشون في تزايد. رغم تلك الوضعية المزرية فالمغاربة كيف ما كان الحال هادئون، لكن لابد من بذل مجهود لتقليص الفوارق بين الجهات ومحاربة المحسوبية وتحقيق العدالة الاجتماعية وإعطاء كل ذي حق حقه.
أجرى الحوار: أوسموح لحسن