أن تكون مغربيا
محمد مشهوري
في العام 1986، كانت بغداد، عاصمة الرشيد، أول وجهة سفر في مهمة خارج الوطن، وأنا حديث العهد بممارسة الصحافة. تزامنت تلك الزيارة مع شن وسائل الإعلام العراقية لحملة إعلامية ضد المغرب ورموزه، تحت تأثير قومجية لم تنفع أبدا القضية الفلسطينية.
في تلك الظروف، تعرفت على المغربي “رؤوف بناني سميرس”العامل في فندق كبير ببغداد منذ سنوات طوال، واكتشفت فيه شجاعة ووطنية قل نظيرهما، حيث صب جام غضبه على العراقيين في الفندق، هاتفا بحياة المغرب، أمام أعين ومسامع رجال مخابرات البعث المنتشرين في كل مكان.
تتكرر النماذج في مختلف بلدان الغربة، مجسدة حقيقة مغاربة بسطاء، لم تجعلهم الحاجة والبطالة، اللتين دفعتهما إلى الهجرة بحثا عن “الخبز في بلاد الناس”،ينسلخون عن وطنهم الذي يعتزون به في كل المحافل، رافعين رايته أحسن من العديد من السفراء والقناصلة.
في مقابل هذه “النقلة” الطيبة، ثمة كائنات لهفت الكثير من البلد ولم تعرف القناعة إلى قلوبها سبيلا، بل ازداد جشعها، وجعلها ذلك تتمادى في الابتزاز وتسخير أقلامها المنكسرة وحناجرها الصدئة في الخارج من أجل الإساءة إلى البلد.
“زكرياء المومني” نموذج لتلك الكائنات الجاحدة، وما إقدامه على تمزيق جواز سفره المغربي مباشرة على قناة تلفزيونية فرنسية إلا دليل على أنه لا يستحق الانتماء إلى “منبت الأحرار ومشرق الأنوار”، وبالتالي “حتى حنا ما عندنا ما نديرو بمثل هذ الجلاخات”.
المغرب يا سادة، هو الوطن الذي استشهد وجرح واعتقل ونفي من أجله المغاربة الأحرار، أبا عن جد…المغرب هو ذلك الجندي المرابط في الثغور..المغرب هو ذلك الشرطي الذي يسهر من أجل أن ننام في أمان وسكينة…المغرب هو كل مواطن يحمل في قلبه العشق الصوفي للراية الحمراء والنجمة الخماسية الخضراء.
لا توجد منطقة وسطى…إما أن تكون مغربيا أو لا تكون.