أن تكون قرويا بالمغرب
أن تكون قرويا بالمغرب.. يعني ذلك أنك وجدت نفسك، منذ استنشقت بلادك نسمة الحرية، محكوما بالانتماء إلى الشق المهمش من المغرب الذي ساهم أجدادك وأباؤك في النضال من أجل استقلاله.
أن تكون قرويا بالمغرب، ومهما كانت درجة العلم التي بلغتها بفضل تضحيات أسرتك، فإن شخصيتك تبقى مطبوعة بالحرمان من الاستمتاع بمرحلة الطفولة لتصبح رجلا تحمل هم الدنيا قبل الأوان ، إذ حكم عليك التهميش أن تقطع المسافات، تحت وابل الأمطار وصقيع الثلوج ولهيب الشمس لكي تصل إلى المدرسة، أو “تفوز” لو حالفك الحظ ب”منحة” لكي تدرس كتلميذ داخلي بعيدا عن دفء الأسرة،
أن تكون قرويا بالمغرب، معنى هذا أنك لازلت تحمل في اللاشعور إرهاصات ورواسب إعلام وفن اختار منذ زمان “التقشاب على العروبي والشلح” في مقابل تلميع صورة “المديني”.
أن تكون قرويا بالمغرب، فهذا يلزمك أن تسمع مكرها الأسطوانة المشروخة التي تلصق كل مشاكل المدن بهجرة القرويين الفارين من القحط، وربما سيفكر من يحلمون بامتلاك مدننا فرض الفيزا على “بلدياتنا” في الجبال والأرياف !
أن تكون قرويا بالمغرب، يفرض عليك ذلك عدم الإحساس بأي مركب نقص، بل عبر عن افتخارك بهذا الانتماء ، من خلال ممارسة مواطنتك كمغربي أولا وقبل كل شيء، معتبرا تحقيق التوازن بين جهات وطنك والمساواة بين مواطنيك هدفا ساميا تسعى إليه في حركاتك وسكناتك.
أن تكون قرويا بالمغرب، عليك ألا تنسى جذورك وموطنك الأصلي، وحاول أن تساهم في تدارك الخصاص ولو بفكرة بسيطة قابلة للبلورة على أرض الواقع، ولا تغرنك مظاهر الحياة المصطنعة في شوارع مدننا، كما لاتجهد نفسك في البحث عن القدوة، تجدها حاضرة، على امتداد ما يزيد عن عقد من الزمن، في المسار اليومي لمن كان له الفضل في اكتشافنا وجود مداشر كأنفكو وتونفيت وإيساكن وغيرها على خريطة البلاد، ليخرجنا من قوقعة معارف جغرافية تختزل ربوعنا في مثلث “نافع” ينتفع من طاقات وسواعد قرانا.
محمد مشهوري